مبادرة بري الحوارية تعيد تفعيل المؤسسات الرسمية.. ودعوات لأولوية انتخاب رئيس

ثالث المبادرات منذ 2006 تنطلق في 9 سبتمبر

نبيه بري
نبيه بري
TT

مبادرة بري الحوارية تعيد تفعيل المؤسسات الرسمية.. ودعوات لأولوية انتخاب رئيس

نبيه بري
نبيه بري

يبدأ البحث بالحلول العملية للأزمة السياسية اللبنانية، في التاسع من الشهر الحالي، مع انطلاق أولى جلسات الحوار بين مختلف الأطياف السياسية التي دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري، وسط تزامن الشلل الحكومي إثر خلافات سياسية، والتظاهرات المطلبية على ضوء تفاقم أزمة النفايات، من جهة، مع دفع دولي باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية من جهة أخرى.
وتأتي مبادرة بري بموازاة دفع دولي بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، في مقدمة دفع من الفاتيكان وإصرار دولي على وضع حد للشغور الرئاسي، كما قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، علمًا أن الاتفاق على انتخاب للرئيس لم يبلغ مرحلة عملية، على الأقل في هذه المرحلة.
وبينما علقت الآمال على المبادرة لتسريع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يتعاطى المسؤولون بواقعية مع المبادرة بوصفها سبيلاً للخروج من الشلل السياسي، وإعادة تفعيل المؤسسات. ووصف عضو كتلة المستقبل النائب غازي يوسف المبادرة بأنها الحراك الجدي لإعادة تفعيل المؤسستين البرلمانية والحكومية.
وقال يوسف لـ«الشرق الأوسط» إن «ما حصل أخيرا في لبنان، على ضوء المظاهرات التي بدأت بمطالب محقّة لحقوق مبدئية للمواطنين، مثل تأمين الكهرباء وإيجاد حل لمشكلة النفايات، برهنت أنها يمكن أن تأخذ البلاد إلى مطالب غير مستحبة مثل إسقاط النظام وإسقاط الحكومة»، مشيرًا إلى أن بري، وانطلاقًا من تحسسه الخطر على المؤسسات الدستورية، أطلق مبادرته، متمنيًا أن تكون نتائج الدعوة إلى طاولة الحوار «إيجابية ومفاعيلها سريعة».
وإذ أعرب عن أمنيته أن يكون بند البحث في انتخاب رئيس للجمهورية على رأس أولويات جلسات الحوار وجدول أعمالها، شدد يوسف على أن الأساس هو الانتخاب لأنه من دون رئيس لن تكون هناك حكومة، ومن دون حكومة لن تكون هناك مؤسسات. ويعقد مجلس النواب اليوم، جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، هي الجلسة رقم 28، مع التوقعات مسبقًا بأنها ستؤجل بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني.
وبالموازاة، حدد بري، أمس، يوم الأربعاء في التاسع من سبتمبر الحالي موعدا للجلسة الأولى للحوار بين مختلف الأطياف، وبدأ بتوزيع الدعوات للفرقاء السياسيين، بهدف المشاركة في طاولة الحوار، حيث سلم موفده النائب علي بزي، وزير الاتصالات بطرس حرب دعوة شخصية من رئيس المجلس للمشاركة في الحوار.
ورحب حرب بالمبادرة، مؤكدًا أنها «ليست المبادرة الأولى التي يطلقها عندما تتأزم الأمور، وقد سبق له أن أطلق مبادرة عام 2006 أسهمت إلى حد كبير في الخروج من المأزق الذي كان يتخبط فيه». وأضاف: «التأزيم والتعطيل الحاصلين في البلاد وتعريض النظام اللبناني، هي ما دفعت الرئيس بري إلى اتخاذ هذه المبادرة»، آملاً «دخول المتحاورين المدعوين إلى طاولة الحوار بعقل منفتح دون أن يكونوا أسرى لواقع سابق متشنج، بحثا عن مخارج لأزمتنا بعدما عجزت القوى السياسية عن الحلول».
وحسم رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون مشاركته في طاولة الحوار. وفي مؤتمر صحافي له، لفت عون إلى أن رئيس الجمهورية لا يجب أن يكون مرهونا لأحد، مشيرًا إلى «أننا نطالب بالانتخابات المباشرة للتحرر من الارتهان الداخلي والخارجي».
وتعد طاولة الحوار الجديدة، الثالثة في لبنان منذ العام 2006، والساعية إلى حل الأزمات اللبنانية. وكان بري أطلق المبادرة الحوارية الأولى في ربيع 2006، وتوقفت بعد حرب يوليو (تموز) 2006، وفشلت في وضع حل لسلاح حزب الله. أما المبادرة الثانية، فكانت برعاية الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، وفشلت في التوصل إلى تصور للاستراتيجية الدفاعية، كما انتهت مقاطعة كتل سياسية مؤيدة لحزب الله، على ضوء الخلافات حول التدخل بالأزمة السورية. ويدعو بري اليوم لطاولة الحوار الثالثة بغرض «حلحلة الوضع اللبناني المتأزم على كل الأصعدة وليس فقط على صعيد الشارع، وإعادة العمل بشكل طبيعي إلى مجلس الوزراء ومجلس النواب»، كما قال وزير الداخلية نهاد المشنوق في تصريحات لقناة «العربية» مساء الاثنين.
في هذا الوقت، رحبت الهيئات الاقتصادية بالدعوة للحوار، إذ نوه رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصار «بالمبادرة الوطنية الإنقاذية التي أطلقها بري»، مؤكدًا أن دعوة «قيادات الكتل السياسية للحوار، في الوقت الذي تمر البلاد بظروف استثنائية تتعاظم معها التحديات الوطنية الداخلية، تلقى الدعم والتأييد المطلق من قبل أركان الهيئات الاقتصادية كافة».
ودعا القصار إلى «تلقف مبادرة بري الإنقاذية، والعمل بشكل جدي من أجل اقتراح الحلول الوطنية، بهدف الوصول بالبلد إلى بر الأمان، خصوصا في ظل تنامي التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية»، مشددا على أن «الهيئات الاقتصادية لطالما أيدت الحوار، وأيدت جميع المبادرات الوطنية التي تصب في خانة الحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي، وتساعد في الوقت ذاته في توفير الظروف المناسبة لحماية الاقتصاد الوطني، خصوصا في ظل استمرار تراجع المؤشرات الاقتصادية، وتنامي معدل الدين العام، وارتفاع معدل البطالة».
وأكد القصار أن التوافق على اسم رئيس الجمهورية، سوف يسهل البحث في كل الملفات الأخرى العالقة، على اعتبار أن انتخاب رئيس الجمهورية هو بمثابة الممر الإلزامي لتفعيل عمل المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها مجلسا النواب والوزراء.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.