مناورات وتدريبات للقادة العسكريين.. استعدادا لتحرير صنعاء

مصادر في القوات المشتركة لـ«الشرق الأوسط»: العمليات ستنطلق من مأرب حتى البحر الأحمر

أحد عناصر الميليشيا الحوثية في حالة تأهب استعدادًا لاشتباكات مع الجيش اليمني في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
أحد عناصر الميليشيا الحوثية في حالة تأهب استعدادًا لاشتباكات مع الجيش اليمني في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

مناورات وتدريبات للقادة العسكريين.. استعدادا لتحرير صنعاء

أحد عناصر الميليشيا الحوثية في حالة تأهب استعدادًا لاشتباكات مع الجيش اليمني في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
أحد عناصر الميليشيا الحوثية في حالة تأهب استعدادًا لاشتباكات مع الجيش اليمني في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

كشفت مصادر مطلعة في القوات المشتركة، المكونة من قوات التحالف وقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من مقر القيادة في مأرب لـ«الشرق الأوسط» أن التحضيرات تجري، وبصورة مكثفة، للعمليات العسكرية التي تعتزم هذه القوات تنفيذها في اليمن، خلال الفترة القليلة المقبلة، وقالت المصادر إن التخطيط لتلك العمليات، لا يقتصر على تحرير مأرب والجوف وصعدة والعاصمة صنعاء، فقط، وإنما ستمتد تلك العمليات لتصل إلى البحر الأحمر، في إشارة إلى محافظة الحديدة الساحلية بغرب البلاد، وأضافت المصادر أن «العمليات التي يجري التحضير لها، ستشمل تحرير اليمن كاملا، من قبضة الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح»، وردًا على أسئلة «الشرق الأوسط» حول تأخر انطلاق عملية تحرير صنعاء، قالت المصادر إن لدى القوات المشتركة، في مأرب، تجهيزات كثيرة تعمل على إعدادها، وقد أعدت مستشفيات ميدانية واستقدمت كوادر طبية واستعدت بالأدوية والمؤن والمهندسين والفنيين، وأن التحضيرات كبيرة بحجم المهام المرتقبة، وضمنها تدريب القادة العسكريين الميدانيين على الأرض وإجراء تمرينات مشابهة لمعارك حقيقية في بعض جبهات القتال لتلك القوات، إضافة إلى خطط عسكرية يعدها ويشرف على تنفيذها، قادة عسكريون بارزون من القوات المشتركة، وأكدت المصادر أنه تجري عمليات اختبارات وتجارب لكل ما يمت للمعارك بصلة، قبل البدء في العملية العسكرية الكبيرة.
وفي السياق ذاته، قالت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن القوات المشتركة، بدأت التحرك البري نحو العاصمة صنعاء ومحافظة صعدة، تحت غطاء جوي كثيف من قبل طيران التحالف، غير أن المصادر أكدت أن التحرك «ما زال محدودا»، وفي انتظار تطهير بعض مناطق محافظة مأرب لتمهيد الطريق، وفقا للمخططات العسكرية الموضوعة، بحسب تلك المصادر، التي أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن العمليات العسكرية لا تتضمن تطهير منطقة تلو الأخرى، وإنما مهام موزعة على القوات والمقاومة في أكثر من جبهة ومحور، وذلك في إشارة إلى أن العمليات العسكرية متعددة ولا ترتبط بمساحة جغرافية بعينها، وفي سياق المواجهات المسلحة في مأرب، دارت مواجهات في منطقة «حلحلان»، وقتل فيها عدد من عناصر الميليشيات الحوثية، غير أن عناصر المقاومة تعرضوا للقصف عند تقدمهم كثيرا في جبهة القتال، الأمر الذي أسفر عن مقتل 7 من المقاومة في جبهة الجدعان، وقال قيادي في المقاومة بمأرب لـ«الشرق الأوسط»: «إنه وأثناء تطور اشتباكات وتقدم للمقاومة بموقع الخزان حلحلان، تعرضت المقاومة لقصف (استشهد) فيه 5 من مقاومة الجدعان و2 من المقاومة المساندة لها، وجرح شخصان، إضافة إلى تعطيل طاقم وعربة».
وأعرب القيادي عن أسفه للحادث، وقال إنه «أثناء تقدم المقاومة لصد هجوم حوثي جرى فيه مقتل أكثر من 8 حوثيين و5 جرحى وأحرقت المقاومة طاقمين للحوثيين وتراجع طاقمان آخران وهما يحملان بعض القتلى والجرحى من عناصر الميليشيات»، هذا «ودعت قيادة المقاومة في الجدعان، في بلاغ عاجل للرئيس عبد ربه منصور هادي وقيادة التحالف، إلى تشكيل لجنة عاجلة للتحقيق في الحادث ومحاسبة المقصرين في غرفة العمليات العسكرية».

إلى ذلك، فشل الحوثيون وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، أمس، في إطلاق صاروخ، يعتقد أنه باليستي طراز (سكود) من «قاعدة الديلمي» الجوية، جوار مطار صنعاء الدولي، شمال العاصمة صنعاء، وقال شهود عيان ومصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»: «إن عملية الإطلاق فشلت، حيث انفجر الصاروخ وسقط على بعد 200 متر، تقريبا، من مكان انطلاقه في القاعدة الجوية، وأحدث سقوطه انفجارا هائلا، سمع دويه في أنحاء متفرقة من العاصمة صنعاء، وكانت «الشرق الأوسط»، نشرت، الأيام الماضية، تصريحات لمصادر عسكرية يمنية، أكدت أن المخلوع صالح يحتفظ بعدد من الصواريخ البالستية في صنعاء وأنه يحاول تحريكها واستخدامها، وتواصل طائرات التحالف استهداف هذه القاعدة الجوية، بين وقت وآخر، وكانت أول الأهداف التي ضربت في عملية «عاصفة الحزم» في الـ26 من مارس (آذار) الماضي.
من ناحية أخرى، وفي الوقت الذي باتت تشعر الميليشيات الحوثية والقوات العسكرية والأمنية التابعة للمخلوع صالح، أن نهايتها باتت قريبة وأنها ستفقد السيطرة على كل المحافظات والمدن التي تحت سيطرتها، شرعت هذه الميليشيات والقوات الانقلابية في اتخاذ المزيد من الخطوات التي تستهدف المواطنين وحرياتهم، حيث كثفت عمليات دهم المنازل واعتقال الناشطين والمناوئين للحوثيين والمعارضين لانقلابهم على الشرعية، وتستمر عمليات الاعتقالات في صنعاء وتعز والحديدة وعدد من المناطق والمحافظات، تحت ذرائع مختلفة، وإلى جانب الاعتقالات، تقوم الميليشيات بالسيطرة على كل ما يقع تحت أيديها من وثائق ومستندات وأجهزة هاتف نقالة وكومبيوترات، من منازل الشخصيات التي تمت مداهمتها، وكذا نهب المقتنيات الثمينة، وفي سياق التضييق وملاحقة الناشطين، نشر الحوثيون، أمس، قائمة تضم أسماء وأرقام هواتف وعناوين نحو 90 صحافيا وإعلاميا وناشطا سياسيا، معظمهم من المنتمين لحزب التجمع اليمني للإصلاح، وتشير طريقة إعداد القائمة إلى أنها عبارة عن توجيهات لما تسمى اللجان الثورية الفرعية بملاحقة المطلوبين، في الوقت الذي يحتجز الحوثيون المئات من السياسيين والإعلاميين والنشطاء في سجون سرية منذ قرابة العام، وفي السياق ذاته، اقتحمت ميليشيات الحوثيين في صنعاء، أمس، المبنى الرئيسي لشركة «سبأ فون» للهاتف النقال، التي يمتلكها رجل السياسة والمال، الشيخ حميد الأحمر، أحد أبرز خصوم الحوثيين والمخلوع صالح في اليمن.
وقال مصدر في الشركة لـ«الشرق الأوسط»: «إن عملية اقتحام الشركة، التي أسفر عنها إصابة أحد الحراس، وتخويف الموظفين والعاملين، ترجع إلى رفض الشركة السماح للجنة الثورية العليا بالتنصت على مكالمات المشتركين، حيث تشير المعلومات المؤكدة إلى أن الحوثيين يتجسسون على مكالمات المشتركين في معظم خدمات الاتصالات، وعقب عملية الاقتحام، أعادت الشركة بث رسالة نصية تطالب المواطنين، «بناء على طلب وزارة الاتصالات، للتبرع للمجهود الحربي والتعبئة العامة»، عبر الاتصال أو إرسال رسالة إلى رقم معين.
وإزاء تلاحق التطورات في كثير من جبهات القتال والانتظار لساعة الصفر لعملية تحرير صنعاء، تؤكد مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «في صنعاء أن عمل تحالف الحوثي - صالح، في العاصمة بات مشتتا، حيث بات كل طرف يعمل بصورة شبه منفردة، في الآونة الأخيرة، رغم أن الأمور في ظاهرها العمل الجماعي، حيث تؤكد المصادر أن القيادات الحوثية والأخرى الموالية للمخلوع صالح، في خلافات مستمرة حول طريقة الدفاع عن صنعاء، حيث يرى العسكريون الموالون لصالح أن الحوثيين هم عبارة عن ميليشيات غير مدربة وليست لديها خبرة في وضع الخطط العسكرية، لكن صنعاء، ميدانيا، تشهد المزيد من الإجراءات الأمنية والعسكرية الاحترازية،



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.