البشير يتحدى المجتمع الدولي مجددًا ويجري مباحثات مع الرئيس الصيني في بكين

رحلاته أصبحت تثير قلقًا كبيرًا في الخرطوم خشية إلقاء القبض عليه

البشير يتحدى المجتمع الدولي مجددًا ويجري مباحثات مع الرئيس الصيني في بكين
TT

البشير يتحدى المجتمع الدولي مجددًا ويجري مباحثات مع الرئيس الصيني في بكين

البشير يتحدى المجتمع الدولي مجددًا ويجري مباحثات مع الرئيس الصيني في بكين

وقع الرئيسان الصيني والسوداني في العاصمة بكين اتفاقية شراكة، تجعل من الصين الشريك الأول للسودان في كافة مجالات الاستثمار والتعاون الدولي، خاصة الموقف من المحكمة الجنائية الدولية التي تطالب بتوقيف الرئيس السوداني لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية في إقليم دارفور السوداني المضطرب.
ووصل الرئيس السوداني عمر البشير بكين أول من أمس للمشاركة في احتفالات الصين بذكرى انتصارها على اليابان في الحرب العالمية الثانية، في زيارة تستغرق عدة أيام، ومرت الرحلة، التي تعد تحديًا جديدًا لقرارات المحكمة الجنائية الدولية التي تطالب باعتقاله، دون أن تعاني من المصاعب ذاتها التي صاحبت زيارته الأخيرة إلى الصين في يونيو (حزيران) 2011، حيث اضطرت طائرته خلالها للعودة إلى إيران، بعد أن رفضت دولة تركمانستان عبورها لمجالها الجوي، وراج أثناء ذلك أن هناك محاولات أميركية لاختطاف الطائرة واعتقاله، مما أدى لوصوله إلى بكين متأخرا عن موعد وصوله 24 ساعة.
وعقد الرئيس السوداني أمس جلسة مباحثات مشتركة مع مضيفه الصيني شي جين بينغ، أكدا خلالها، وفقًا لوكالة الأنباء السودانية الرسمية، أن البشير وبينغ اتفقا بحضور عدد من الوزراء في البلدين على تعزيز العلاقات الثنائية، وأشاد خلالها البشير بما أسماه مواقف الصين الداعمة للسودان في المحافل الإقليمية والدولية كافة، لا سيما مذكرة القبض الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية.
وخلال هذه الجلسة قال البشير إن بلاده تحتفظ بموقف ثابت في دعم قضايا الصين الجوهرية وأمنها واستقرارها، مشددًا على أن «العلاقات بين البلدين راسخة، وهناك حرص على تعزيزها، وقد ظلت هذه العلاقات تتطور في المجالات كافة»، كما تطرق إلى تجربة التعاون النفطي بين البلدين، متمنيًا أن تمتد الشراكة بين البلدين إلى مجالات الزراعة والصناعة والتعدين، كاشفًا عن توقيع «آلية للشراكة السودانية الصينية» برئاسته، والتي تعتبر الصين الشريك الاستراتيجي الأول للسودان. من جهته، وصف الرئيس بينغ التوقيع بأنه صرح جديد في علاقة البلدين، وقال إن بلاده «حريصة على إقامة علاقة تاريخية مع السودان، ونحن مستعدون لبذل الجهود مع الجانب السوداني لمواصلة وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين»، مضيفًا أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ومنذ تدشينها سنة 1950 كانت تقوم على التفاهم والدعم، وتعزيز الثقة السياسية، وأن التعاون بينهما أدى إلى أن تصبح الصين أكبر شريك تجاري ومستثمر ومقاول للمشاريع الهندسية في السودان.
وتثير زيارات ورحلات البشير قلقًا كبيرًا في الخرطوم، خشية إلقاء القبض عليه، خاصة وأن طائرته اضطرت في آخر سفرياته للصين إلى تغيير مسارها عبر الأجواء الباكستانية، بعد إلغاء تركمانستان تصريح عبورها، واقتراحها مسارًا آخر، جعل قادة في حزبه يبدون مخاوفهم من أن يكون المسار المقترح «مؤامرة لاعتقال رئيسهم»، وقالوا وقتها إن تركمانستان خضعت لضغوط أميركية لاختطاف الطائرة أثناء توجهها إلى الصين قادمة من إيران. وفي يوليو (تموز) 2013 عاد الرئيس البشير متعجلاً من نيجيريا التي ذهب إليها للمشاركة في قمة عقدت هناك، بعد أن حركت منظمات مجتمع مدني نيجيرية إجراءات قضائية ضده.
وبلغت قضية سفر الرئيس البشير ذروتها بعد ما أمرت محكمة في جنوب أفريقيا السلطات في يونيو الماضي، بمنع مغادرته لأراضي الدولة التي وصلها للمشاركة في قمة الاتحاد الأفريقي، بيد أن السلطات الجنوب أفريقية سمحت له بالعودة، متذرعة بأنه يزور البلاد بدعوة من الاتحاد الأفريقي، وهو الأمر الذي ما زال يثير جدلاً قانونيًا وسياسيًا، قد يهدد حكم الرئيس جاكوب زوما.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم