فرار جماعي للحوثيين من كرش إلى الشريجة.. وحجز 148 شاحنة وقود متجهة إليهم في تعز

«الشرق الأوسط» تقف على مناطق المسيمير وكرش التي تنتظر المساعدات الإغاثية

يمنيان يمران بجانب مركبة تعرضت للقصف في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
يمنيان يمران بجانب مركبة تعرضت للقصف في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

فرار جماعي للحوثيين من كرش إلى الشريجة.. وحجز 148 شاحنة وقود متجهة إليهم في تعز

يمنيان يمران بجانب مركبة تعرضت للقصف في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
يمنيان يمران بجانب مركبة تعرضت للقصف في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)

اندلعت على مدى اليومين الماضيين اشتباكات عنيفة بين المقاومة الجنوبية في كرش وميليشيات الحوثي وصالح في شعب النقيل بالقرب من مدرسة قميح، وذلك بعد فرار ميليشيات الحوثي من كرش وتوجهها نحو الشريجة ومرابطتها هناك، وتقدم المقاومة الجنوبية من أبناء كرش إلى مدرسة قميح. وحذرت المقاومة الجنوبية في كرش المواطنين من المرور في الطرقات الفرعية أو صعود التلال والمرتفعات قبل وصول فريق خبراء متخصص في نزع الألغام بعد مقالات بأن عناصر الميليشيات عمدت إلى تفجير عدد من منازل المقاومة في كرش وقامت بزراعة مئات الألغام بطريقة عشوائية داخل كرش وفي الخط المؤدي إلى الشريجة.
وتمكن رجال المقاومة من احتجاز أكثر من 148 سيارة تهريب لمشتقات نفطية خلال 4 أيام وذلك في نقاط أمنية أعدتها المقاومة الجنوبية في طريق المسيمير - ماوية تعز، وكانت تلك الشاحنات في طريقها إلى مناطق في تعز يسيطر عليها الحوثيون.
وقال القائد بالمقاومة الجنوبية في جبهة المسيمير رامي فاروق أحمد: «لقد أصدرت المقاومة الجنوبية بالإجماع عددا من القرارات المهمة لملء الفراغ الأمني والإداري في المنطقة الحدودية، وتوزيع نقاط تابعة للمقاومة لحصار ميليشيات الحوثي في تعز، ومنع أي تهريب للمشتقات النفطية إليها من تجار السوق السوداء الذين استغلوا الأوضاع لمساعدة تلك الميليشيات الإجرامية».
وأشار إلى أن المقاومة الجنوبية ستضرب بيد من حديد كل من يتعاون أو يخدم تلك الميليشيات، وأوضح رامي فاروق أن التركيز على ضبط الأمن واستتابه، هو المهمة الأساسية في عمل المقاومة منعا لأي تمدد جديد لميليشيات الغزو، أو تموينها، أو ظهور أي حركات أو عناصر إرهابية تسعى لخدمة ميليشيات الحوثي وصالح وإيران في منطقة الجنوب، أو تستهدف توجهات المقاومة الجنوبية والتحالف العربي.
وتشهد منطقتا المسيمير وكرش الجنوبيتان الحدوديتان مع تعز الشمالية استعدادات ذاتية من المقاومة الجنوبية للتقدم نحو الشريجة والمنفذ الحدودي الذي لا تزال ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح تتمركز عنده وتتخذ من المرتفعات والجبال المطلة ثكنات عسكرية. ومنذ تمكن المقاومة الجنوبية من السيطرة على لواء لبوزة الاستراتيجي الواقع في عقان بالمسيمير وكذلك الخط العام الرابط بين تعز وعدن، لا تزال ميليشيات العدوان تطلق صواريخ الكاتيوشا والمدفعية بين الفينة والأخرى نحو اللواء الذي ترابط فيه المقاومة الجنوبية خوفا من أي هجوم للمقاومة نحو كرش وتطهير كرش من بقايا الفلول المعادية. وتمنع ميليشيات الحوثي دخول أي مواد غذائية أو تموينية، مما يجعل الوضع المعيشي صعبا للغاية في كرش، إضافة إلى الوضع الأمني؛ حيث يعيش في مديرية المسيمير وقراها ومنطقة كرش الحدودية ما يقارب 55 ألف نسمة.
وشهدت المسيمير وجبهاتها المحيطة بعقان ولواء لبوزة معارك شرسة هي الأولى في المنطقة منذ بداية «عاصفة الحزم» رغم شح التموين والإمداد، إلا أن المقاومة تمكنت وبمساعدة طيران التحالف العربي من إلحاق أقسى هزيمة بالميليشيات الحوثية المعتدية الموالية لإيران. وقدمت المسيمير 47 شهيدا وأكثر من 120 جريحا في معاركها ضد ميليشيات الحوثي والمخلوع وطردتها شر طردة، وبعض أولئك الجرحى لا يزالون في حالة مستعصية وبحاجة للعلاج في الخارج، بينهم امرأة تعرضت لإعاقات دائمة.
إلى ذلك، ذكر بسام عبد الناصر الحوشبي، أحد رجال المقاومة في لحج، أنه يوجد تمركز لميليشيات الحوثي في بعض المرتفعات في كرش الحدودية، وأن طرد هذه العناصر يحتاج للدعم بالسلاح والعتاد للمقاومة الجنوبية في لواء لبوزة من أجل شن آخر حملة مطاردة للميليشيات الحوثية من هذه المنطقة الجنوبية المهمة التي تربط شمال اليمن بجنوبه. وأكد الحوشبي أن ميليشيات الحوثي قطعت الخط العام المؤدي من كرش الجنوبية إلى تعز الشمالية، وأنها تمارس أعمالا عدوانية ضد أبناء كرش من اقتحامات للمنازل واعتداء على حرماتها.
وفي ما يخص لواء لبوزة قال: «المقاومة الجنوبية استطاعت بنجاح توزيع المهام القيادية في لواء لبوزة، وبدأت بتدارس خطط الهجوم وتطهير كرش وقراها من الوجود الحوثي، ولكن الأمر بحاجة لمساعدة وتموينات لوجيستية وبالسلاح»، مؤكدا جاهزية المقاومة الجنوبية في أي وقت في حال تم تموينها للهجوم وتحرير كرش، ومضى بالقول إن المقاومة الجنوبية تدعو القيادة العليا للمقاومة الجنوبية وقوات التحالف وقيادة المنطقة الرابعة، لإرسال فريق متخصص لنزع الألغام التي زرعتها ميليشيات العدوان على طول الخط العام والمرتفعات من لحج وحتى لبوزة والمسيمير وكرش، وذلك تفاديا لخسائر بشرية قد تحدثها تلك الألغام في صفوف المقاومين أو حتى المواطنين العاديين.
وفي ما يتعلق بالإغاثة في المسيمير الحدودية وكرش، ومنذ أن تمكنت المقاومة الجنوبية من تحرير المنطقة والسيطرة على لبوزة وطرد الميليشيات الحوثية منها، تعيش المنطقة أوضاعا أمنية مستتبة نسبيا، غير أن أيا من المساعدات الإغاثية لم يصل إليها رغم أنها حوصرت لأكثر من 5 أشهر ولا يزال الحصار مستمرا ما أدى لنفاد البضائع والمواد الغذائية والتموينية من الأسواق المحلية، وعجز التجار عن استيراد كل المواد من المنفذ الوحيد المؤدي إلى لحج وعدن. وبهذا الخصوص، قال رئيس اللجنة الشعبية الإغاثية المشكلة من قبل المقاومة، صابر محسن فضل القائد، إن المنظمات والمراكز الإغاثية لم تنظر إلى المسيمير وكرش حتى اللحظة ولم تصل أي من موادها إلى المنطقتين.
وأضاف القائد أنهم تواصلوا مع جميع الجهات والمنظمات بما فيها الهلال الأحمر الإماراتي والسلطات المحلية بمحافظة لحج، إلا أن الأمور لا تزال في طور الوعود، رغم الحاجة الماسة للسكان إلى الإغاثة الغذائية والطبية، وذلك لإنقاذهم من الظرف العصيب الذي يمر به السكان في هذه المناطق الحدودية التي تجرعت ويلات الحرب بقسوة ولم يركز الإعلام المحلي والخارجي تقاريره حولها، ووجه مناشدة إلى «(مركز الملك سلمان الإغاثي)، والهلال الأحمر الإماراتي، ومنظمات الإغاثة، لمساعدتنا في إيصال الغذاء والدواء لهذه المناطق المنكوبة التي تستحق أولوية قصوى وعاجلة في الإغاثة».
وكانت قيادات المقاومة الجنوبية في المسيمير ولواء لبوزة عقدت لقاء موسعا أصدرت خلاله عددا من القرارات المهمة المتعلقة بأوضاع لواء لبوزة والجانب الأمني والإداري في مديرية المسيمير؛ بينها تكليف قائم بأعمال مدير عام المديرية بديلا عن السابق الذي تواطأ مع ميليشيات الحوثي، وكذلك تم تكليف قائم بأعمال مدير أمن المديرية، وضابط نقاط أمنية.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.