«داعش» يقترب من أولى نقاط الاحتكاك مع النظام في دمشق معتمدًا على خلايا نائمة

يخوض حرب شوارع مع مقاتلي المعارضة جنوب العاصمة السورية

صورة نشرها موقع «رصد» القريب من «داعش» على صفحته في «فيسبوك»، تظهر مقاتلين من التنظيم المتطرف في شوارع حي القدم جنوب دمشق أول من أمس (أ.ب)
صورة نشرها موقع «رصد» القريب من «داعش» على صفحته في «فيسبوك»، تظهر مقاتلين من التنظيم المتطرف في شوارع حي القدم جنوب دمشق أول من أمس (أ.ب)
TT

«داعش» يقترب من أولى نقاط الاحتكاك مع النظام في دمشق معتمدًا على خلايا نائمة

صورة نشرها موقع «رصد» القريب من «داعش» على صفحته في «فيسبوك»، تظهر مقاتلين من التنظيم المتطرف في شوارع حي القدم جنوب دمشق أول من أمس (أ.ب)
صورة نشرها موقع «رصد» القريب من «داعش» على صفحته في «فيسبوك»، تظهر مقاتلين من التنظيم المتطرف في شوارع حي القدم جنوب دمشق أول من أمس (أ.ب)

اقترب تنظيم داعش من الوصول إلى أول نقطة احتكاك مع القوات الحكومية السورية في العاصمة دمشق، بعد تقدمه في شارعين في حي القدم جنوب دمشق، إثر معارك مع «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» بدأت الجمعة الماضي، ولم يتمكن مقاتلو الاتحاد من استعادة السيطرة على المواقع، أو إعادة «داعش» إلى نقطة انطلاقته في منطقة الحجر الأسود الملاصق.
ويتبع «داعش» سياسة «القضم البطيء» في جنوب دمشق، منذ الشتاء الماضي، بعد فشله في التمدد في الغوطة الشرقية، وأقصائه من شمال وشرق العاصمة، إثر عمليات أمنية قادها «جيش الإسلام» الذي يتزعمه زهران علوش، والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام وألوية «الحبيب المصطفى» وحلفاؤهم، مما دفعه للجوء إلى جنوب دمشق. وبدأ التنظيم التمدد في منطقة الحجر الأسود الذي بات معقله، تلاها التمدد إلى مخيم اليرموك، وبعدها التمدد إلى حي القدم الذي يتقاسم فيه مقاتلو «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» والنظام السيطرة على الشوارع.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، باندلاع «حرب شوارع» جنوب دمشق، وذلك في أقرب نقطة يصلونها حتى الآن من العاصمة، بين مقاتلي التنظيم و«الاتحاد الإسلامي». وذكر مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، أن الاشتباكات تدور في حي القدم أحد الأحياء الجنوبية لدمشق؛ حيث بسط التنظيم المتطرف سيطرته على حيين خلال اليومين الماضيين، مشيرًا إلى أن «هذه المنطقة هي أقرب نقطة يصلها التنظيم من مركز العاصمة»، ومتحدثًا عن مقتل 15 مقاتلاً من الجانبين خلال المعارك التي أجبرت السكان على الفرار.
وأكد مصدر أمني لوكالة «الصحافة الفرنسية» الاقتتال بين الجانبين، قائلاً: «إنهم يتقاتلون سوية وهذا يفرحنا، ونحن متنبهون في حال حدوث أي إمتدادات نحو المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية».
ويسود الهدوء نسبيًا حي القدم، منذ بدء سريان الهدنة بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية التي تم التوصل إليها منذ عام.
واللافت أن مقاتلي المعارضة، سلموا أسلحتهم الثقيلة من هذه المنطقة بموجب الاتفاق مع القوات النظامية في وقت سابق، وتخضع للحصار المطبق من قبل قوات النظام. غير أن المعارك طرحت أسئلة عن كيفية وصول الأسلحة. وقال رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن «مقاتلي (داعش) يخوضون حرب عصابات لا تستدعي أسلحة ثقيلة، ويتبع التنظيم استراتيجية التقدم البطيء»، مشيرًا إلى أن التنظيم «حاز على كمية كبيرة من الأسلحة إثر تقدمه في مخيم اليرموك، وهي أسلحة كانت بحوزة قوات المعارضة».
وكان «داعش» أعلن عبر وكالة «أعماق» الناطقة باسمه، أن مقاتليه «فاجأوا عناصر المعارضة في حي القدم مساء الجمعة الماضي، بعد أن تسللوا عبر حي العسالي المجاور له، حيث دارت اشتباكات بين الطرفين وانتهت سريعًا بانسحاب المعارضة من عدة أبنية، قبل أن تعود المنطقة لتشتعل من جديد فجر اليوم (أمس).
وجاء الهجوم إثر مقتل عنصر من «داعش» متهم بمحاولة اغتيال قائد «أجناد الشام» في حي القدم، وذلك بعد ملاحقته من قبل الأجناد وإصابته قبل أسبوعين. وتوعّد «داعش» بالسيطرة على حي القدم، بعد إطلاق الهجوم.
وبات التنظيم على مسافة 5 كيلومترات بالحد الأقصى، من بعض النقاط في وسط العاصمة السورية، كما قال عبد الرحمن، مشيرًا إلى أن «قصة تمدده تبدو أكبر من اشتباك مع قوات المعارضة على خلفية مقتل أحد عناصره المتورطين في محاولة اغتيال قائد الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام في حي القدم»، قائلاً إن «داعش»، يسعى «للتمدد في جنوب العاصمة، بطريقة تدريجية، تعويضًا عن إقصائه من الغوطة الشرقية، وما قتل أحد عناصره إلا ذريعة لشن الهجمات». وقال إن «داعش» يتمدد «معتمدًا على خلايا نائمة له في الأحياء جنوب العاصمة، وهي بيئة رخوة، يستطيع القتال فيها، بغياب أسلحة ثقيلة».
وكان مقاتلو التنظيم قد حاولوا السيطرة على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في أبريل (نيسان) الماضي، قادمين من حي الحجر الأسود، إلا أنه تم صدهم وتراجعوا عن بعض الأحياء التي سيطروا عليها فيه.
كما قامت عناصر التنظيم في الشهر نفسه باختطاف مقاتلين اثنين من القدم وقطعوا رأسيهما في الحجر الأسود.
وفي المقابل، أعلن ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻓﻲ ﺣﻲ ﺍﻟﻘﺪﻡ، أن هناك ﺗﺮاجعًا ﻣﻠﺤﻮظًا ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ داعش ﻓﻲ ﺣﻲ العسالي،‬مشيرًا إلى أن مقاتلي الاتحاد الإسلامي «يواصلون طردهم باتجاه الحجر الأسود»، وهو ما نفاه رامي عبد الرحمن، قائلاً إن مقاتلي «داعش» لا يزالون في مواقعهم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم