تقرير حقوقي: أكثر من 67 ألف حالة اختفاء قسري في سوريا خلال 4 سنوات

النظام مسؤول عن 96 % منها.. ويتقاسم «داعش» و«النصرة» وفصائل كردية البقية

أعضاء من جبهة النصرة مع مدنيين يقفون عند مدخل باب المحكمة الشرعية في بلدة سلقين بريف إدلب التي تعرضت أمس لتفجير انتحاري من «داعش» قتل 10 أشخاص على الأقل (رويترز)
أعضاء من جبهة النصرة مع مدنيين يقفون عند مدخل باب المحكمة الشرعية في بلدة سلقين بريف إدلب التي تعرضت أمس لتفجير انتحاري من «داعش» قتل 10 أشخاص على الأقل (رويترز)
TT

تقرير حقوقي: أكثر من 67 ألف حالة اختفاء قسري في سوريا خلال 4 سنوات

أعضاء من جبهة النصرة مع مدنيين يقفون عند مدخل باب المحكمة الشرعية في بلدة سلقين بريف إدلب التي تعرضت أمس لتفجير انتحاري من «داعش» قتل 10 أشخاص على الأقل (رويترز)
أعضاء من جبهة النصرة مع مدنيين يقفون عند مدخل باب المحكمة الشرعية في بلدة سلقين بريف إدلب التي تعرضت أمس لتفجير انتحاري من «داعش» قتل 10 أشخاص على الأقل (رويترز)

قال تقرير، صدر بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري الذي صادف أمس، إن حالات الاختفاء القسري في سوريا على مدار السنوات الـ4 الماضية بلغت 67.561 حالة على الأقل، منها قرابة 65 ألف حالة لدى القوات الحكومية السورية (96 في المائة من مجموع الحالات)، ونحو 2400 حالة لدى الأطراف المسلحة الأخرى في الأراضي السورية، كقوات «الإدارة الذاتية» الكردية، وتنظيم داعش وجبهة النصرة، وفصائل المعارضة المسلحة الأخرى.
وتحدث التقرير، الذي أصدره كل من الشبكة السورية لحقوق الإنسان (لندن)، والمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (جنيف)، عن أن هذا الاختفاء في سوريا يبدأ باعتقال الشخص، الذي يتم غالبا من بيته أو من الشارع، من قبل مجموعة من المسلحين، ربما بزي عسكري، أو حتى بزي مدني، وغالبا دون الإفصاح عن هويتهم، ودون إبداء أي أسباب، أو إبراز إذن بالقبض، ليختفي بعدها هذا الشخص الذي تم اعتقاله، رجلا كان أو امرأة، من حياة ذويه وعائلته وأحبته ومجتمعه، حيث يتم إنكار وجوده في عهدة أي من الجهات المسؤولة، أو يتم رفض الكشف عن مكان وجوده أو الإدلاء بأي معلومة عنه، وهو ما يمثل، قانونيا وأخلاقيا، جريمة ضد الإنسانية، تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وتعد من الجرائم التي «لا تسقط بالتقادم».
وأشار التقرير إلى أن السلطات تتعمد ممارسة الإخفاء القسري للأشخاص كي لا تُبقي دليلا يُشير إلى مسؤوليتها عن عمليات الاعتقال التعسفي بحقهم، وما قد يتبعها من تعذيب وعنف جنسي، مبينا أن ممارسة الاختفاء القسري، لا سيما من قبل القوات الحكومية، تمثل نهجا شاملا في جميع المحافظات السورية. ويلجأ بعض الأهالي إلى دفع الرشاوى للمسؤولين (تصل في بعض الأحيان إلى آلاف الدولارات) من أجل الحصول على معلومات عن مصير أبنائهم، وهو ما يبدو أنه أحد أهداف الإخفاء القسري الذي يتعمده الضبّاط والمسؤولون.
وحسب الإحصاءات التي أوردها التقرير، فإن 58148 حالة من الـ65 ألف مختفٍ قسريًا لدى القوات الحكومية السورية هم مدنيون، بينهم 3879 طفلا، و2145 امرأة. وقال التقرير إن معظم المختفين قسريا لدى القوات الحكومية السورية هم من ريف دمشق (16744 حالة)، ثم درعا (10543 حالة)، وأوضح أن عام 2012 كان الأسوأ من حيث ممارسة جريمة الإخفاء القسري من قبل النظام، بعدد وصل إلى 25276 حالة، أي بمعدل أكثر من 68 حالة يوميا.
وبالنسبة لحالات الإخفاء القسري لدى القوات المسلحة الأخرى، بين التقرير أن قوات «الإدارة الذاتية» الكردية، والتي تتبع بشكل رئيس حزب «الاتحاد الديمقراطي»، استخدمت استراتيجية الإخفاء القسري لخصومها في الأحزاب السياسية، أو لتخويف الأهالي من رفض القرارات والقوانين التي تفرضها في المناطق التي تسيطر عليها، وبشكل خاص في حالة فرض قوانين التجنيد الإجباري، مبينا أن حالات الاختفاء القسري لدى قوات «الإدارة الذاتية» الكردية تصل إلى 352 حالة، بينهم 43 طفلا، و9 نساء.
ومارس تنظيم داعش أيضًا سياسية الإخفاء القسري بهدف نشر الذعر وإرهاب الناس في المناطق التي يسيطر عليها، ولاستهداف من يخالفه الرأي أو يعترض على قراراته، وقد وصل عدد حالات الاختفاء القسري على يده إلى ما لا يقل عن 1122 حالة، بينهم 109 أطفال، و65 امرأة. فيما استهدفت «جبهة النصرة» بعمليات الإخفاء القسري النشطاء الإعلاميين والصحافيين الأجانب الذين قاموا بممارسة نشاطهم ومهنتهم دون الحصول على ترخيص من الجبهة يسمح لهم بالعمل، كما استهدفت العاملين في منظمات أجنبية إغاثية. وهي غالبا ما تقوم بإخفاء أولئك الذين تحتجزهم مدة تتراوح بين شهرين و8 أشهر، ثم تقوم بإطلاق سراحهم. وقد وصلت حالات الاختفاء القسري لدى قوات «جبهة النصرة» إلى 876 حالة، بينهم 35 طفلا، وامرأتان.
كما مارس عدد من فصائل المعارضة المسلحة السورية الأخرى عمليات إخفاء قسري، وكانت تلك العمليات في معظمها تتم بعد سيطرة تلك الفصائل على مناطق كانت خاضعة للقوات الحكومية، حيث تقوم باعتقال بعض أهالي تلك المناطق المؤيدة للنظام، ثم تستخدمهم كرهائن لديها من أجل القيام بعمليات تبادل أسرى، كما حصلت عدة حالات اختفاء قسري لنشطاء إعلاميين وحقوقيين في المناطق التي تخضع لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة. وقد وصلت حالات الاختفاء القسري على يد فصائل المعارضة المسلحة إلى 211 حالة، بينهم 22 طفلا، و11 امرأة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».