نتنياهو لا يعارض برنامجًا إيرانيًا سلميًا لكنه يعد طهران «أخطر من داعش»

بعد أن ضمن تمرير الاتفاق في الكونغرس.. أوباما يبعث برسائل تطمئن إسرائيل

الرئيس الإيراني حسن روحاني يستعد لمؤتمر صحافي في طهران أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يستعد لمؤتمر صحافي في طهران أمس (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو لا يعارض برنامجًا إيرانيًا سلميًا لكنه يعد طهران «أخطر من داعش»

الرئيس الإيراني حسن روحاني يستعد لمؤتمر صحافي في طهران أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يستعد لمؤتمر صحافي في طهران أمس (إ.ب.أ)

في ختام زيارته الرسمية إلى إيطاليا، صرح رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأنه لا يعارض برنامجا نوويا مدنيا يستخدم في إيران للأغراض السلمية، لكنه يعارض البرنامج النووي العسكري. وقال إن «الاتفاق النووي بين القوى الكبرى وإيران، يتيح لطهران توسيع بنية تحتية هائلة والاحتفاظ بها، وهي لا تحتاجها بتاتا لأغراض مدنية، لكنها ضرورية جدا لإنتاج أسلحة نووية».
وأضاف نتنياهو أن الاتفاق النووي كان بمثابة صفقة، «ستمكن إيران بعد 13 عاما، من امتلاك أي عدد من أجهزة الطرد المركزي يريدونه، من أجل تخصيب أي كمية من اليورانيوم يريدونها لأي مستوى.. وهذا سيؤدي بالدولة الإسلامية الإيرانية، التي تمارس الإرهاب في كل بقاع الأرض، إلى مكانة تكون فيها على وشك امتلاك ترسانة نووية كاملة. ولكن قبل ذلك بكثير، ستتلقى إيران مئات المليارات من الدولارات، نتيجة رفع العقوبات، واستثمارات ستصرف على تمويل عدوانها وإرهابها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجهما. أعتقد أن هذا سيجعل إيران أغنى وأقوى عسكريا عدة أضعاف، مما سيجعل التعامل مع طموحاتها النووية مستقبلا أصعب بكثير».
وكان نتنياهو قد زار إيطاليا لثلاثة أيام، التقى خلالها مع نظيره الإيطالي ماتيو رينزي، في مدينة فلورنسا، التي حوّلها إلى منبر للصراعات وتصفية الحسابات الحضارية. فقال: «يشرفني كثيرا زيارتي إلى مدينتكم فلورنسا، وأعتقد أن لقاءنا الأول كان عندما زرتم إسرائيل.. عندما كنتم رئيس بلدية فلورنسا. وفلورنسا هي بلا شك إحدى المدن الأكثر بهاء في العالم، وقد تركت بصمات لا تمحى على حضارتنا المشتركة. وهذه الحضارة تهدَّد اليوم من قبل (الإسلام المتطرف)، والوحشية التي يمارسها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، تلفت انتباه العالم وبحق. ولكنني أعتقد أن تهديدا أكثر خطورة عدة أضعاف، يكمن في دولة إسلامية أخرى وهي الدولة الإسلامية الإيرانية، خاصة في ضوء سعيها إلى امتلاك الأسلحة النووية».
كما التقى نتنياهو في فلورنسا رؤساء الجاليات اليهودية في إيطاليا، الذين يمثلون 21 جالية تضم 24 ألف نسمة. ونفى في مستهل اللقاء، وجود تأثير حقيقي للمقاطعة العربية والدولية لإسرائيل. وقال: «العالم يؤمن بالتكنولوجيا الإسرائيلية، لأن العلوم والتكنولوجيا أقوى من جميع المقاطعات. نريد أن نقدم التكنولوجيا الإسرائيلية إلى العالم أجمع، ولكننا نشاهد كفاحا يخاض بين قوى التقدم والحداثة والقوى المظلمة التي تسعى إلى إعادتنا إلى الوراء. هذا هو كفاح بين الحرية والعبودية، بين نور النهار وظلام الليل. إننا نحارب ليس من أجل الحفاظ على أسلوب الحياة المشترك لنا وحسب، بل على الحقيقة أيضا، لأننا نحارب الأكاذيب التي تروج ضدنا. ورئيس الوزراء الإيطالي رينزي شريك أساسي في هذا الكفاح، وأتطلع إلى لقائنا غدا».
المعروف أن وفدا أميركيا بقيادة نائب وزير المالية لشؤون الإرهاب والاستخبارات، آدام زوبين، المكلف بالموضوع الإيراني، يواصل مباحثاته في إسرائيل، حول مواجهة النشاط الإيراني لدعم التنظيمات الإرهابية. وقالت مصادر سياسية في تل أبيب إن هناك أجواء إيجابية في هذه المباحثات، هدفها جعل الخلاف بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونتنياهو، بمثابة «مبارزة بين أشقاء». وأضافت أنه وعلى الرغم من النفور السائد بين الرئيسين، فإن أمرا مشتركا يجمع بينهما، وهو السعي لتحسين العلاقات.. فمع اقتراب موعد حسم السجال مع الكونغرس حول الاتفاق النووي مع إيران، ومع اقتراب ساعة الصفر التي يبدو فيها أن البيت الأبيض ضمن لنفسه تمرير الاتفاق، بعث أوباما برسالة إلى إسرائيل، من خلال حوار مباشر مع ممثلي أكبر التنظيمات اليهودية في الولايات المتحدة، ردد فيه مرة تلو الأخرى أن الجميع يؤيدون إسرائيل، وأنه يجب خفض النبرة في الحوار بين الأشقاء. كما تعهد بأن لا تقوم الولايات المتحدة بتطبيع العلاقات مع طهران. وحاول أوباما إزالة المخاوف والقلق الناتجين عن تضرر العلاقات الإسرائيلية - الأميركية، فشدد على «الالتزام الأميركي المقدس تجاه الدولة اليهودية»، وتعهد بتجديد المحادثات حول التعاون بأسرع وقت ممكن، بعد انتهاء التصويت في مجلس النواب الأميركي، «فكما في الخلاف العائلي، كانت الرسالة: كل شيء سينتهي على خير ما يُرام».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.