هادي يعلن استعادة معظم المناطق.. والخرطوم تتعهد بمعاملة اليمنيين كمواطنين

خبير عسكري سوداني لـ {الشرق الأوسط}: القوات السودانية البرية ستلعب دورًا في التأمين والتدريب للمقاومة

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ونظيره السوداني عمر البشير في الخرطوم أمس (رويترز)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ونظيره السوداني عمر البشير في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

هادي يعلن استعادة معظم المناطق.. والخرطوم تتعهد بمعاملة اليمنيين كمواطنين

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ونظيره السوداني عمر البشير في الخرطوم أمس (رويترز)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ونظيره السوداني عمر البشير في الخرطوم أمس (رويترز)

أنهى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي زيارة للسودان أجرى خلالها جولة مباحثات مع الرئيس السوداني عمر البشير، تناولت الحرب الدائرة في اليمن بين القوات التحالف العربي والميليشيات الحوثية والدور السوداني والعربي في إعادة الشرعية وإعادة إعمار اليمن، ووجه خلالها انتقادات قاسية لإيران وأنها تحاول تصدير ثورتها التي فشلت في مهدها لليمن، كاشفًا عن قرب استعادة كل المناطق القليلة التي لا تزال تسيطر عليها الميليشيات الحوثية، بعد أن استعادت القوات الموالية له معظم المناطق الاستراتيجية، وفي غضون ذلك، جدد السودان تأكيد استمرار موقفه المساند للشرعية من خلال مشاركته في قوات التحالف العربي، وأعلن عن فتح حدوده ومطاراته لاستقبال اليمنيين الفارين من جحيم الحوثي باعتبارهم مواطنين وليسوا لاجئين.
ووجه الرئيس هادي انتقادات عنيفة لإيران، وقال إن «الحرب مع الحوثيين تهدف إلى إيقاف توسعها في المنطقة»، وأضاف: «نقود الحرب الآن لإيقاف التوسع الإيراني في المنطقة كما في العراق وسوريا ولبنان، وأخرجناهم من عدن ولحج والضالع وشبوه، وتبقت محافظات قليلة تدور المعارك فيها وهي الحديدة وتعز وأب ومأرب».
ووصف هادي الحرب بأنها امتداد لمحاولات إيرانية لنقل تجربة فشلت في موطنها إلى بلاده، معتبرًا الدعم الذي تقدمه إيران للميليشيات الحوثية امتدادًا للأطماع الإيرانية في المنطقة العربية، للسيطرة على اليمن ولتنضم صنعاء للعواصم الثلاث بغداد، دمشق، بيروت التي تسيطر عليها.
ولم يتسن الحصول على معلومات موثقة تتعلق بمشاركة السودان العسكرية وحجمها، وما إن كان يشارك بقوات برية في العمليات الحالية هناك أسوة بالقوات السعودية والخليجية، وهو الأمر الذي رفض وزير الخارجية إبراهيم غندور الخوض فيه، بقوله إن قرار المشاركة تحدده دول التحالف، أما تفاصيله فالجهات الفنية هي المسؤولة عنه.
بيد أن العقيد أمن متقاعد والخبير العسكري حسن بيومي قال لـ«الشرق الأوسط»: إن «القوات السودانية البرية يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في التأمين والتدريب، بينما كشف الجيش السوداني في وقت سابق أن أوامر صدرت لوحدات عسكرية بالاستعداد، لكن المتحدث باسمه العقيد الصوارمي خالد سعد لم يحدد صنوف وأعداد تلك القوات، وما إن كانت قد تحركت قوات برية بجانب مشاركة الطيران الحربي السوداني المعلنة في العمليات العسكرية».
وقال هادي في المؤتمر الصحافي المشترك بينه والرئيس السوداني البشير والذي عقد في الخرطوم ليل أول من أمس، إن «القوات الموالية للشرعية المسنودة بقوات التحالف العربي استعادت السيطرة على معظم المناطق التي كانت تسيطر عليها ميليشيات الحوثي، وإن قوات الشرعية تواصل تقدمها لاستعادة المناطق القليلة التي لا تزال بيد الميليشيات الموالية لإيران». وحرص الرئيسان البشير وهادي على عدم الخوض في تفاصيل القمة التي جمعتهما، واكتفيا بتقديم إفادات مقتضبة عن مباحثاتهما، ولم يتيحا للصحافيين توجيه أسئلة، بينما ركز فيه الرئيس اليمني على تقديم سرد تاريخي مفصل للنزاع الدائر في بلاده.
وأكد الرئيس هادي أن زيارته للعاصمة السودانية تأتي «لتقديم الشكر والامتنان لقيادة وشعب السودان على مواقفهم الأخوية النبيلة والمشرفة مع اليمن»، وأشاد بمشاركته في دعم الشرعية الدستورية بمشاركته في التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية.
وشدد هادي قبيل مغادرته للعاصمة السودانية الخرطوم أمس على ما سماه «التدخل الإيراني في الشأن لليمني»، مشيرًا إلى خطابه في الأمم المتحدة عام 2012، عقب ضبط سفن إيرانية تحمل أسلحة إيرانية لميليشيا الحوثي.
وأكد الرئيس عمر البشير أن بلاده تدعم اليمن للحفاظ على أمنه واستقراره ووحدته، وإعادة شرعيته الدستورية الممثلة في الرئيس هادي، وتقديم العون والدعم لليمنيين وإعادة الإعمار، وقال: «استقرار اليمن لا يتجزأ عن استقرار السودان»، وأضاف أن بلاده مستعدة لاستضافة المواطنين اليمنيين ومعاملتهم معاملة المواطنين، استنادًا إلى أن الشعب اليمني استضاف السودانيين وأكرم وفادتهم، معلنًا أن المدارس والجامعات السودانية ستستوعب التلاميذ والطلاب السودانيين باعتبارهم مواطنين، بقوله: «حتى لا ينشأ في اليمن فاقد تربوي كبير بسبب الحرب وعدم الاستقرار».
من جهتها، أعلنت السلطات الصحية السودانية عن اكتمال الاستعدادات لاستقبال 75 جريحا يمنيا يتوقع أن يصلوا البلاد في غضون أيام تنفيذا لتوجيهات الرئيس البشير، وأوضح وزير الصحة بولاية الخرطوم مأمون حميدة أن وزارته أعدت 80 سريرًا وطاقما طبيا مختصا في مستشفيات سودانية لاستقبالهم، بينما كان الهلال الأحمر السوداني قد أرسل بعثة طبية لتقديم الخدمات الطبية للجرحى والمواطنين اليمنيين في عدن منذ أكثر من أسبوع.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.