أميركا تطلق يد مؤسسات التعليم في استخدام «المتدربين بلا أجر»

بشروط تقتضي إفادة المتطوع وليس جهة العمل

النجمة ناتالي بورتمان التي فتحت مسرحيتها «البجعة السوداء»
النجمة ناتالي بورتمان التي فتحت مسرحيتها «البجعة السوداء»
TT

أميركا تطلق يد مؤسسات التعليم في استخدام «المتدربين بلا أجر»

النجمة ناتالي بورتمان التي فتحت مسرحيتها «البجعة السوداء»
النجمة ناتالي بورتمان التي فتحت مسرحيتها «البجعة السوداء»

أصدرت محكمة استئناف فيدرالية أميركية قبل أيام حكمًا يقضي بأن لأصحاب الأعمال هامش حرية كبيرا، من الناحية القانونية، في الاستعانة بمتدربين غير مدفوعي الأجر (متطوعين) عندما يخدم العمل هدفًا تعليميًا، لتلغي بذلك حكما صدر عن محكمة في درجة تقاض أدنى يقضي بأن شركة «فوكس سيرتش لايت بيكتشرز» صنفت على نحو غير ملائم عاملين سابقين لديها كمتدربين غير مدفوعي الأجر، بدلا من موظفين.
ومن شأن الحكم الأخير إعادة القضية مجددًا إلى المحكمة الأدنى، وقد تترتب عليه تداعيات واسعة النطاق في ما يخص أسلوب اعتماد أصحاب الأعمال على العاملين من دون أجر. كما يخلق الحكم حاجزًا كبيرًا أمام رفع مزيد من الدعاوى القضائية من قبل متدربين من دون أجر ضد شركات سبق أن عملوا بها.
يذكر أن اثنين من المدعين، إريك غلات وألكسندر فوتمان، عملا كمتدربين غير مدفوعي الأجر على صلة بفيلم «البجعة السوداء» بين عامي 2009 و2010، حيث تضمنت مهامهما نسخ الوثائق، وجمع قطع الأثاث، والتخلص من النفايات، وفي إحدى المرات شراء وسادة لا تسبب الحساسية لمخرج الفيلم، دارين أرونوفسكي.
وفي عام 2011، تقدم غلات وفوتمان بشكوى أمام محكمة فيدرالية يدعيان فيها أن «فوكس سيرتش لايت» انتهكت قوانين الحد الأدنى للأجور، وسعيا للحصول على تعويض عن عملهما. وانضمت إليهما متدربة سابقة ثالثة لدى الشركة ذاتها، إيدن أنتاليك، سعيًا لاتخاذ إجراء قانوني جماعي. وعام 2013، أصدر القاضي ويليام إتش بولي، من محكمة الضاحية الفيدرالية، حكمًا يقضي بضرورة تصنيف غلات وفوتمان كموظفين، مشيرًا إلى ستة معايير حددتها وزارة العمل في هذا الشأن عام 2010.
وأوضحت المعايير الصادرة عن الوزارة أنه من أجل تصنيف عامل ما كمتدرب غير مدفوع الأجر، يجب أن تتوافر عدة شروط من بينها حصوله على تدريب يشبه التدريب الذي يحصل عليه داخل مؤسسة تعليمية، وأن يجري توفيره بهدف إفادة المتدرب وليس جهة العمل، وألا يجعل المتدرب يحل محل موظفين قائمين.
وأدى هذا الحكم لتدفق سيل من الدعاوى من متدربين ضد الشركات التي اضطلعوا فيها بأعمال من دون أجر. وتمكنت الكثير من المؤسسات الكبرى، مثل «إن بي سي يونيفرسال» و«فياكوم» من تسوية هذه الدعاوى من خلال دفع ملايين الدولارات، بدلا من الدخول في معارك قضائية طويلة.
ومع ذلك، نقضت محكمة الاستئناف حكم القاضي بولي، معللة ذلك بأنه استعان بمعيار غير صحيح في تحديد أي العاملين ينبغي تصنيفه كموظف وليس متدربا من دون أجر. وفي وثيقة بعث بها إلى لجنة مؤلفة من ثلاثة قضاة بمحكمة الاستئناف الأميركية للدائرة الثانية، أوضح القاضي جون إم والكر أن المعايير الصادرة عن وزارة العمل عفا عليها الزمن وغير ملزمة داخل المحاكم الفيدرالية.
وأشار إلى أن السبيل المناسب لتحديد وضع عاملين هو تطبيق «اختبار المستفيد الرئيسي» - وهي فكرة اقترحتها «فوكس»، وتبعًا لها فإن العامل يمكن اعتباره موظفًا فقط إذا كان الموظف يستفيد بدرجة أكبر من علاقة العمل عن المتدرب.
وكتب القاضي والكر أنه وزملاءه القضاة في اللجنة «اتفقوا مع المدعين على أن التساؤل المناسب هو ما إذا كان المتدرب أو صاحب العمل هو المستفيد الرئيسي من العلاقة».
من ناحية أخرى، قال المتحدث الرسمي باسم «فوكس» في بيان له: «إننا سعيدون للغاية بحكم المحكمة، لكن الفائزين الحقيقيين هم الطلاب. لقد اعتزت (فوكس) دومًا ببرامجها التدريبية ولا تزال تعتقد أنها توفر فوائد هائلة للمشاركين بها».
وقد أعادت المحكمة القضية مجددًا إلى المحكمة الأدنى، التي قد تواجه طلبًا بإصدار حكم جديد، وسيتعين على المحكمة الأدنى حينها الاعتماد على المعيار الذي أقرته محكمة الاستئناف، وليس وزارة العمل.
من الناحية العملية، لا يزال من المحتمل خروج غلات وفوتمان منتصرين في هذه القضية، لأن أيًا منهما لم يلتحق بمؤسسة تعليمية وقت تدريبه. ومع ذلك، فإن الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف يزيد بدرجة كبيرة من صعوبة نجاح متدربين آخرين مستقبلا في كسب دعاوى تعويضات من الجهات التي سبق لهم العمل لديها.
من جهتها، علقت راشيل بين، المحامية التي تمثل غلات وفوتمان، بقولها: «على الجانب الإيجابي، من الواضح أن الحكومة كانت تركز على ضمان إمداد المتدربين ببرامج تدريب فاعلة، لكن قلقي يتركز على أن العناصر التي ذكرتها المحكمة منفصلة عن التفسير الواسع للفظ موظف الوارد بقانون المعايير العادلة للعمل»، وكذلك المعايير الواردة بحكم سبق أن صدر عن المحكمة العليا بهذا الشأن.
كما أن الحكم الأخير يقلل بدرجة كبيرة من احتمالات نجاح الدعوى الجماعية التي تسعى وراءها أنتاليك، ذلك أن اختبار ما إذا كان موظف يستفيد بدرجة أكبر من علاقة عمل عن جهة العمل من المحتمل بدرجة أكبر بكثير أن يجري تطبيقه على كل حالة على حدة، وليس بصورة جماعية.
وعلق غلات بقوله: «بدلا من الاعتماد على المعايير الواضحة الصادرة عن وزارة العمل، يترك الحكم الأخير التقدير على أساس كل قضية على حدة. وأصبح لزامًا على كل متدرب يشعر بأن هناك أمرا مثيرا للريبة أن يتقدم بدعوى قضائية ضده. وهذا عبء هائل للغاية، فلماذا نحمل أكثر الموظفين ضعفًا كل هذا العبء؟». يذكر أن غلات أنجز لتوه دراسته للقانون.

* خدمة «نيويورك تايمز»



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.