بعد ثلاثة أيام من زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى العراق وإعلانه موافقة موسكو على ما تقدمت به الحكومة العراقية من طلبات في مجال صفقات الأسلحة، جاء دور وزير الخارجية الصيني وانغ يي ليبحث في بغداد أمس تزويد العراق بأسلحة صينية.
وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الصيني إن «العلاقات تشمل كل النواحي، والمباحثات شملت الجانب التسليحي»، متداركا «وزير الخارجية (الصيني) لم يأت في سبيل هذا الموضوع فقط».
وقال زيباري إنه جرى أيضا بحث «الأزمة السورية والملف النووي الإيراني والقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية الاقتصادية والتجارية المتنامية بين العراق والصين، فالصين اليوم أكبر شريك تجاري للعراق وأكبر مستثمر في قطاعاته النفطية وفي الكهرباء وغيرها من المجالات». وأضاف «كما أن هناك تعاونا سياسيا ودبلوماسيا بين البلدين، فالعراق والصين بقيا على سياسة واحدة لم تتغير وهذه الزيارة ستفتح آفاقا جيدة ورحبة في المستقبل واتفقنا على تفعيل أعمال اللجنة الوزارية المشتركة العراقية – الصينية». وبشأن الأوضاع في سوريا، قال زيباري إن «العراق والصين متفقان على تجنب الحل العسكري وكذلك متفقان بشأن الملف النووي الإيراني على إيجاد حل عبر المفاوضات مع دول المجموعة الدولية 5+1 وتجنيب المنطقة المزيد من التوتر، لا سيما وأن العراق سيكون أكثر البلدان تضررا بحكم تجاوره مع إيران».
من جهته، أكد وزير الخارجية الصيني أن بلاده «حريصة على تقديم مزيد من المساعدة للجانب العراقي لتحقيق الأمن والأمان»، مضيفا «نحن نحرص على تقديم الدعم الثابت للجهود العراقية الرامية للحفاظ على استقلال البلاد وسيادته وسلامة أراضيه». وتابع أن الصين «حريصة على تقديم الدعم الثابت لجهود الحكومة العراقية الرامية إلى مكافحة الإرهاب (...) ومواصلة الدعم للإجراءات لمكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن والاستقرار».
وفي الشأن السوري، أكد وزير الخارجية الصيني أن بلاده تدعو «إلى حل سلمي للأزمة السورية وهذه الرؤية متطابقة مع العراق وأن الهدف الأساسي لموقف الصين ليس تجاه الأزمة السورية فقط وإنما تدعو جميع الأطراف إلى الحفاظ على المبادئ الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية والحفاظ على أمن المنطقة وهذا تتصداه الأمم المتحدة». وأضاف أن «الأزمة السورية معقدة للغاية وأن الحل السياسي لن يكون في ليلة وضحاها وتعترضه الكثير من الصعوبات لكي يتحقق ولكن بفضل الجهود المشتركة للمجتمع الدولي بما فيه الدور العراقي ونرى من الضرورة بإمكان أن تستمر الجهود الدولية عبر مؤتمر (جنيف 2) مهما كانت صعوباتها من أجل التوصل إلى حل، ويجب أن يشارك جميع الأطراف السورية في هذه الجهود».
من جهته، أكد عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون سامي العسكري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «زيارة وزيري خارجية روسيا والصين إلى بغداد خلال أسبوع واحد، وكلاهما دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، يعني أن عزلة العراق قد كسرت وأن تجربة العراق في المنطقة رغم كل ما تعانيه من مشكلات وصراعات تعد من التجارب الجيدة بالإضافة إلى كون العراق حليفا اقتصاديا وسياسيا كبيرا لكل من موسكو وبكين». وأضاف أن «الصين كانت من أوائل الدول التي قدمت شركاتها إلى العراق وكانت سباقة في هذا المجال والدليل أنها الشريك التجاري الأكبر للعراق».
وعلى صعيد اخر، اجتمع نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة كردستان، أمس، مع عدد من النواب الكرد في برلمان إقليم كردستان والبرلمان العراقي لبحث الأزمة التي يمر بها الإقليم بسبب تأخير صرف المستحقات المالية ومرتبات موظفي المؤسسات الحكومية في الإقليم، بالإضافة إلى الخلاف النفطي مع بغداد وتبعاته في ظل غياب اتفاق.
وأصدرت رئاسة مجلس وزراء الإقليم بيانا في ختام الاجتماع عدت فيه ما تفعله بغداد ضد الإقليم «حصارا اقتصاديا لا يمكن قبوله في عراق يوصف بالديمقراطي والاتحادي». وأوضح البيان أن المجتمعين اتفقوا على الكثير من النقاط واتخذوا الكثير من القرارات لمواجهة هذا الظرف وأكدوا على أن إقليم كردستان العراق «هو جزء من العراق وله الحق في التصرف بحرية في كل حقوقه الدستورية، وهو ملتزم بتنفيذ واجباته التي نص عليها الدستور». وشدد المجتمعون على أنه «لا يجوز لبغداد أن تستخدم مسألة مستحقات موظفي الإقليم المالية كورقة ضغط ضد المواطنين».
وجدد المجتمعون التأكيد على أن للإقليم «خيارات أخرى يمكن أن يستخدمها لسد العجز الحاصل في موازنة الإقليم، إلا أنهم أكدوا أيضا على استمرار المباحثات والمفاوضات مع الحكومة الاتحادية وعدم المساومة على الحقوق الدستورية للإقليم». وطالبوا رئيس الوزراء الاتحادي نوري المالكي بالكف عن تصرفاته التي عدوها «غير دستورية وغير قانونية، وأن يقرر مجلس الوزراء الاتحادي إرسال حصة الإقليم من الموازنة لدفع رواتب الموظفين». كما طالبوا «المجتمع الدولي ومراجع الدين في العراق والأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية بالضغط على الحكومة الاتحادية لإنهاء الحصار الاقتصادي الذي تفرضه بغداد على الإقليم والذي يخالف الدستور والقانون وكل الاتفاقات الدولية».
النائب في برلمان الإقليم عن كتلة الحركة الإسلامية في كردستان شوان قلادزيي بيَّن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الاجتماع «غلب عليه جو من الاتفاق حول توحيد الخطاب الكردي في مواجهة الظرف الذي يتعرض له الإقليم، كما جرى التأكيد على الإسراع بإعلان التشكيلة الحكومية الجيدة تفاديا لأي خلل أو فراغ يمكن أن يحدث وأن تعلن التشكيلة قبل نهاية الشهر الحالي». وحسب النائب، اتفق المجتمعون على أنه «لا يجوز للإقليم أن يتعرض لأزمة من هذا النوع، ولا بد من الاستفادة من الثروات الطبيعية والزراعة والاعتماد على الذات».