بلجيكا تواجه تجارة غير شرعية للسلاح استفادت منها الجماعات الإرهابية

في أحداث مثل «شارلي إيبدو» بفرنسا.. والمتحف اليهودي ببروكسل.. وقطار تاليس الأوروبي

شرطة مكافحة الإرهاب في شوارع العاصمة البلجيكية عقب الاعتداء على المتحف اليهودي في بروكسل في مايو من العام الماضي («الشرق الأوسط»)
شرطة مكافحة الإرهاب في شوارع العاصمة البلجيكية عقب الاعتداء على المتحف اليهودي في بروكسل في مايو من العام الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

بلجيكا تواجه تجارة غير شرعية للسلاح استفادت منها الجماعات الإرهابية

شرطة مكافحة الإرهاب في شوارع العاصمة البلجيكية عقب الاعتداء على المتحف اليهودي في بروكسل في مايو من العام الماضي («الشرق الأوسط»)
شرطة مكافحة الإرهاب في شوارع العاصمة البلجيكية عقب الاعتداء على المتحف اليهودي في بروكسل في مايو من العام الماضي («الشرق الأوسط»)

أعلنت الحكومة البلجيكية في بروكسل عن خطط تهدف إلى تكثيف العمل في إطار مكافحة التجارة غير الشرعية في السلاح، وذلك لتفادي وصوله إلى أيدي من يخطط لتنفيذ عمليات إرهابية.
وفي وقت ذكرت فيه تقارير إعلامية أوروبية أن اسم بلجيكا ورد في عدد كبير من قضايا الإرهاب المتصل بالتشدد في السنوات الأخيرة، اعترف الإعلام في بروكسل بأن بلجيكا أصبحت لها سمعة خارجية في أوساط الجماعات المتشددة. وعلى الرغم من أن وزير العدل البلجيكي كوين جينس قال إنه لا يعتقد أن السلاح المستخدم في حادث القطار الأوروبي جاء من بلجيكا، وأن الأمر مرتبط بمشكلة في دول خارج منطقة شنغن، فإن نفس الجدل وعلامات الاستفهام أثيرت من قبل، عندما نجح شاب من أصول عربية، في مايو (أيار) من العام الماضي، في تنفيذ هجوم على متحف يهودي في بروكسل، وأسفر عن مقتل أربعة أشخاص، وجرى اعتقاله أثناء عودته إلى فرنسا، وقيل وقتها إنه حصل على السلاح بشكل غير قانوني في بلجيكا.
وتقول وسائل الإعلام البلجيكية إن قسما من الأسلحة التي استخدمها الأخوان كواشي في الهجوم على مجلة «شارلي إيبدو» في باريس في يناير (كانون الثاني)، وحميدي كوليبالي على متجر لبيع المأكولات الحلال، قد تم شراؤها في بروكسل. واهتم المراقبون الأوروبيون بالتطورات في بلجيكا، خاصة بعد الجدل الذي أثير في الأوساط السياسية، والأمنية، والإعلامية، حول السلاح الذي عثر عليه بحوزة المغربي الأصل أيوب الخوزاني، الذي استقل القطار الأوروبي من محطة بروكسل قبل أسبوع، ويواجه حاليا اتهامات تتعلق بالتخطيط لتنفيذ مذبحة داخل القطار، الذي كان في طريقه من أمستردام إلى باريس، ولكن نجح عدد من الركاب في إحباط العملية.
وكان المغربي الخزاني قد أقام فترة من الوقت قبيل تنفيذ الحادث في بلجيكا هذا البلد الأوروبي الصغير الذي يبلغ عدد سكانه 11 مليون نسمة، ويضم أيضا أكبر عدد من المتطوعين الذين ذهبوا للقتال في سوريا أو في العراق، بالمقارنة مع عدد سكانه. فقد التحق 440 بلجيكيا بالجهاد في السنوات الأخيرة. ولا يزال 260 منهم هناك، وقتل 60 وعاد 120 إلى بلجيكا، كما ذكرت وزارة الداخلية.
وأكد كلود مونيكيه، المدير المشارك لـ«يوروبيان استراتيجيك أنتليجنس آند سكيوريتي سنتر»، أن «بلجيكا نقطة انطلاق وتجمع للإرهاب الإسلامي، لكنها ليست الوحيدة في أوروبا». ويعطي مثالا على ذلك أيضا المنطقة الباريسية ومنطقتي رون - الألب وروبيه - توركوان في فرنسا، وبريطانيا. وفيما التحق نحو خمسة آلاف أوروبي بالجماعات المتطرفة في سوريا، وتعرضت أوروبا لمجموعة من الاعتداءات الدامية باسم الإسلام المتطرف في الأشهر الثمانية عشر الماضية، ورد اسم بلجيكا في عدد كبير من التحقيقات على أنها مكان إقامة وشراء أسلحة أو هدف.
وفي أعقاب حادث القطار الأوروبي السريع «تاليس» قبل أسبوع انعقدت اجتماعات على مستويات مختلفة سواء داخل بلجيكا، أو بين المسؤولين البلجيكيين ونظرائهم في دول الجوار، ومنها فرنسا وهولندا وألمانيا. وعلى الصعيد الداخلي، فقد قرر وزير العدل كوين جينس إحياء ما كان يعرف في الماضي بلجنة التنسيق بين الإدارات المعنية لمواجهة تهريب الأسلحة والتجارة غير المشروعة فيها.
وكانت لجنة التنسيق قد تشكلت في 1999، واجتمعت عدة مرات، ولكن تجمد عملها منذ عام 2003. وحسب الإعلام البلجيكي، تقدم وزير العدل بأربع نقاط إجرائية لمكافحة تهريب الأسلحة، وطالب بتعاون أفضل داخل الاتحاد الأوروبي، وأيضا بإعادة إنشاء لجنة التنسيق بين الإدارات لمكافحة عمليات نقل الأسلحة غير الشرعية. فبعد المحاولة الفاشلة التي تمت قبل أسبوع، واجهت بلجيكا اتهامات من البعض على أنها محور لتجارة الأسلحة غير المشروعة في الساحة الدولية. وأكد وزير العدل على ضرورة إقامة تعاون أوروبي جيد. وقال: «لا أعتقد أن مصدر هذه الأسلحة هو بلجيكا. إنه مشكل من خارج منطقة شنغن». ولذلك، فهو يطالب بمراقبة فعالة للأسلحة القادمة من خارج منطقة شنغن، وتوحيد التشريع حول التجريد من السلاح بالنسبة للعتاد الحربي العسكري، في مواجهة خطر هذه الأسلحة ولرؤيتها تختفي بالتهريب، خاصة في أوروبا الشرقية. كما يقترح الوزير أيضا تبادلا أفضل للمعلومات التي تخص تهريب الأسلحة عبر جهاز الشرطة الأوروبية «يوروبول».
وسيطالب الوزير أيضا في 3 سبتمبر (أيلول) المقبل بتقييم المذكرة السرية للمدعين العامين لـ22 أكتوبر (تشرين الأول) 2012، والتي تم تفعيلها في أعقاب إطلاق النار الذي حدث في ساحة سان لامبرت، بمدينة لييغ. ومن خلال النيابة العامة وأجهزة الشرطة، تحدد هذه المذكرة المبادئ الأساسية الأكثر أهمية للمنظور القمعي لتهريب الأسلحة. ويقول الوزير: «أريد أن أعرف إذا ما كانت نوايانا حسنة». وستعمل أحزاب مشاركة في الائتلاف الحكومي على تقديم مشروع قانون يسمح بتنفيذ التنصت على المكالمات الهاتفية والأساليب الخاصة في البحث في مجال التحقيقات المتعلقة بتهريب الأسلحة النارية. وقال الوزير: «حاليا، يمكن تطبيق هذه الأساليب في القضايا الإرهابية ولكن ليس مع قضايا تهريب الأسلحة». وأضاف يقول إن فعالية التدابير تعتمد على «التنفيذ المخلص. لدي ثقة في الفعالية على المستوى الأوروبي. وعلى الرغم من ذلك، فما زلنا لا نملك السيطرة على اللعبة في هذا المستوى. وآمل ألا نضطر لمواجهة أعمال إرهابية قبل وضع الأدوات لمواجهتها».
ويعطي المدعي الفيدرالي البلجيكي فريدريك فان لوف فكرة عن حجم المشكلة. وقال إنه فتح هذه السنة ملفات متصلة بالإرهاب تفوق ما فتحه على امتداد عام 2014، وهي سنة قياسية فتح فيها 195 ملفا. وفي فبراير (شباط)، على أثر محاكمة 64 عضوا في مجموعة «شريعة فور بلجيوم» المتشددة، حكمت محكمة انفير (شمال) على فؤاد بلقاسم بالسجن 12 عاما لأنه أرسل عشرات المتطوعين إلى سوريا. وأثناء خطب في الشارع وعلى الإنترنت، هدد أيضا بمهاجمة أماكن مهمة مثل القصر الملكي وطالب بإقامة «دولة إسلامية». وقال كلود مونيكيه «في عدد كبير من ملفات شبان فرنسيين عادوا من سوريا، اكتشفنا أنهم اعتنقوا الأفكار المتطرفة بعدما قرأوا منشورات لمجموعة (شريعة فور بلجيوم) التي ساعدت عددا منهم على الذهاب. وقد شب القسم الأكبر من المتشددين البلجيكيين في المناطق المعدمة والتي تسكنها أعداد كبير من المهاجرين في انفير وبروكسل وفرفييه وفيلفورد.
وكانت بلجيكا من جهة أخرى أحد أوائل البلدان الأوروبية التي حذرت مطلع 2013 من التهديد الذي تشكله عودة المتشددين الأوروبيين إلى بلدانهم، وهي تدعو منذ ذلك الحين مع فرنسا إلى تعزيز التعاون بين أجهزة الشرطة ومع بلدان المتشددين وبلدان العبور. وكانت بلجيكا، التي تستخدم بالتالي قاعدة خلفية، تعرضت للتهديد بالانتقام منذ أواسط التسعينات من الجماعة المتشددة المسلحة الجزائرية بعد القضاء على إحدى خلاياها في بروكسل. وبعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة، تبين أن قتلة القائد مسعود، الذي كان يتزعم قتال حركة طالبان في أفغانستان، كانوا يستخدمون جوازات سفر بلجيكية مزورة ويحصلون على دعم لوجيستي في بلجيكا. وفي هذه الأثناء، اعتقل لاعب كرة قدم سابق محترف عضو في تنظيم القاعدة، بينما كان يخطط لاعتداء على قاعدة عسكرية.



زيلينسكي: سنساعد السوريين «بقمحنا ودقيقنا وزيتنا»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي: سنساعد السوريين «بقمحنا ودقيقنا وزيتنا»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأحد)، عزمه تزويد سوريا بالحبوب وبمنتجات زراعية أخرى على أساس إنساني، بعد أسبوع على سقوط حليف روسيا بشار الأسد.

وقال في خطابه اليومي: «الآن يمكننا مساعدة السوريين بقمحنا ودقيقنا وزيتنا: منتجاتنا التي تستخدم عالمياً لضمان الأمن الغذائي». وأضاف: «نقوم بالتنسيق مع شركائنا والجانب السوري لحل القضايا اللوجيستية. وسندعم هذه المنطقة حتى يصبح الاستقرار هناك أساساً لحركتنا نحو سلام حقيقي». وأوضح أن الشحنات المحتملة ستكون ضمن برنامج «حبوب أوكرانيا» الذي بدأ عام 2022 لتقديم المساعدات الغذائية إلى البلدان الأكثر احتياجاً.

وحتى في ظل الحرب، تبقى لدى أوكرانيا قدرات إنتاجية هائلة وهي واحدة من أنجح منتجي الحبوب في العالم. ورغم تهديدات موسكو باستهداف سفن الشحن في البحر الأسود، أقامت كييف ممراً في البحر اعتباراً من صيف 2023 لتصدير منتجاتها الزراعية.

تأتي تصريحات زيلينسكي بعدما أطاح تحالف من الفصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» بالأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، وقد لجأ الرئيس المخلوع إلى روسيا. ويشكل سقوط الأسد انتكاسة خطيرة لموسكو التي كانت مع إيران الحليف الرئيسي للرئيس السابق وتدخلت عسكرياً في سوريا لدعمه منذ عام 2015.