«داعش» تفتح طريقًا بين العراق وسوريا للتخفيف عن الحصار

التنظيم المسلح فكك معامل الفلوجة ونقلها عبر الحدود العراقية

قوات عراقية ومتطوعو أبناء العشائر في مواجهة «داعش» أمس في الرمادي (أ.ب)
قوات عراقية ومتطوعو أبناء العشائر في مواجهة «داعش» أمس في الرمادي (أ.ب)
TT

«داعش» تفتح طريقًا بين العراق وسوريا للتخفيف عن الحصار

قوات عراقية ومتطوعو أبناء العشائر في مواجهة «داعش» أمس في الرمادي (أ.ب)
قوات عراقية ومتطوعو أبناء العشائر في مواجهة «داعش» أمس في الرمادي (أ.ب)

أطبقت القوات الأمنية العراقية حصارًا خانقًا على مسلحي تنظيم داعش في الفلوجة والرمادي، المدينتين الأكبر والأبرز بين مدن الأنبار التي يسيطر التنظيم على مساحة تزيد على 90 في المائة من مساحتها الكلية، ووجد تنظيم داعش نفسه أمام خطر كبير محدق به وبدرعه البشري المتكون من 250 ألف مواطن أنباري يحاصرهم التنظيم في تلك المدينتين بعد نفاد الإمدادات ومصادر التموين من غذاء ودواء، الأمر الذي دفعهم لإيجاد طرق ووسائل جديدة من أجل الهروب من هذا المأزق.
وشق التنظيم المسلح طرقًا برية وسط السواتر الترابية التي تفصل العراق عن سوريا وهي الوسيلة الجديدة التي اتخذها داعش من أجل إيصال الإمدادات ودخولها من سوريا إلى العراق وتهريب مصانع ومعامل بعد تفكيكها ونقلها من العراق إلى سوريا ثم بيعها واستبدال ثمنها بمواد غذائية وطبية من أجل الهروب من الحصار الخانق.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار أركان خلف الطرموز لـ«الشرق الأوسط» إن «تنظيم داعش الإرهابي وبعد أن فقد حاضنته من الناس الذين غرر بهم في مناطق الأنبار وبعد أن اكتشف الجميع أن التنظيم الإرهابي جاء من أجل قتل العراقيين وتدمير مدنهم، وتوضحت الصورة لدى الجميع بعد المجازر البشعة التي ارتكبها التنظيم في مدن الأنبار كمجزرتي البو نمر في هيت والبوعلوان في الرمادي وبعد أن أطبق حصارًا على أكثر من 250 ألف مواطن منعهم من النزوح فور دخوله مدن الفلوجة والرمادي، وبعد الانتصارات التي حققتها قواتنا الأمنية والأبطال من مقاتلي العشائر في الأنبار»، مضيفًا أن «التنظيم الإرهابي وجد نفسه وسط حصار خانق وينتظر أيامه الأخيرة، هذا الأمر الذي دعاهم إلى إيجاد وسائل للخروج من هذا الهلاك، إذ قام التنظيم الإرهابي بفتح طريق بري يربط المناطق الغربية (القائم والرطبة وعانه وهيت) غرب الأنبار بسوريا وسمح للمركبات المدنية بحرية التنقل ونقل المسافرين والبضائع إلى البو كمال والمدن السورية».
وأضاف الطرموز أن «تنظيم داعش يحاول توفير المواد الغذائية والمشتقات النفطية لعناصره عبر السماح لأهالي المناطق الواقعة تحت سيطرته بنقل البضائع من سوريا إلى العراق وكذلك السماح لهم بنصب منظومات الإنترنت التي تبث من المناطق السورية إلى مدن الأنبار، ولوحظ في الأيام الأخيرة توجه عدد كبير من الشاحنات والمركبات من مدن الأنبار إلى المدن السورية وبالعكس مع فرض التنظيم ضريبة من المبالغ المالية على كل مركبة تعبر الحدود العراقية السورية، وبذلك يحقق التنظيم غايته في استمرار وجوده على الأرض، علما أن الحدود بين العراق وسوريا مفتوحة بشكل كامل، وهنا يثار سؤال أين هي إذن الطلعات الجوية لطائرات التحالف الذي أخذت على عاتقها قطع إمدادات داعش من سوريا إلى العراق».
وأشار الطرموز إلى أن تنظيم داعش فكك أكثر من سبعين معملاً ومصنعًا لمختلف الأغراض وقام بنقلها إلى الرقة السورية وبيعها هناك وكذلك القيام بنقل النفط الخام من العراق وجلب منتجات للمشتقات النفطية من سوريا إلى مدن الأنبار من أجل كسب رضا المواطنين المحاصرين الذين باتوا ينتظرون وصول القوات الأمنية العراقية على أحر من الجمر لإنقاذهم من هذا التنظيم الإرهابي المجرم.
ميدانيًا، أعلن قائد مقاتلي عشائر الأنبار غسان العيثاوي، أن القوات المشتركة تمكنت من تطهير منطقة في جزيرة البوعيثة، شمال الرمادي، من سيطرة تنظيم داعش، فيما أكد مقتل أربعة انتحاريين من عناصر التنظيم، بين أن المعارك مستمرة بمساندة طيران الجيش العراقي.
وقال العيثاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات المشتركة من الجيش والشرطة ومقاتلي العشائر تمكنوا، ظهر اليوم (أمس)، من تطهير منطقة المخازن في جزيرة البوعيثة شمال الرمادي، من سيطرة عناصر تنظيم داعش الإرهابي، وإن العملية أسفرت عن مقتل أربعة انتحاريين من عناصر التنظيم يرتدون أحزمة ناسفة».
وأضاف العيثاوي، أن «القطعات القتالية للجيش والشرطة تمكنت من تدمير ثلاثة مضافات في مناطق زراعية بالقرب من جزيرة البوعيثة، شمالي الرمادي كان يستخدمها تنظيم داعش في المناورة واستهداف القوات الأمنية ودعم خلاياه». وأشار إلى أن «معارك التطهير مستمرة في جميع محاور الرمادي وبوتيرة عالية وبدعم طيران التحالف وتنظيم داعش أصبح يهرب دون مواجه للقطعات البرية».
من جهته، أفاد مصدر أمني في الأنبار بأن الطيران الحربي دمر «المحكمة الشرعية» لتنظيم داعش شرقي الرمادي.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الطيران الحربي العراقي قصف المحكمة الشرعية لتنظيم داعش الإرهابي قي منطقة كرطان في جزيرة الخالدية شرق مدينة الرمادي».
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن «القصف أسفر عن تدمير المحكمة بالكامل، فضلا عن مقتل 5 من عناصر التنظيم كانوا في المبنى».
كما أشار المصدر نفسه إلى أن «مسلحي التنظيم قاموا بإعدام ستة من عناصر التنظيم رميا بالرصاص في حي نزال وسط الفلوجة»، عازيا السبب إلى «معارضتهم تعذيب المدنيين وضباط الجيش والشرطة في السجن الموجود بالحي الصناعي وسط مدينة الفلوجة، وأن مسلحي التنظيم منعوا أهالي القتلى من رفع جثث أبنائهم من الشارع أو إقامة مجالس العزاء لهم».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.