أزمة القيادة في صفوف إخوان مصر تجرفهم بقوة إلى «مستنقع داعش»

الجماعة تنهل من أدبيات «القاعدة».. وفتوى «دفع الصائل» تؤسس لمسار جديد

صورة ارشيفية لمجموعة من مؤيدي الأخوان أثناء محاكتهم في محكمة بالقاهرة في يونيو 2014 (رويترز)
صورة ارشيفية لمجموعة من مؤيدي الأخوان أثناء محاكتهم في محكمة بالقاهرة في يونيو 2014 (رويترز)
TT

أزمة القيادة في صفوف إخوان مصر تجرفهم بقوة إلى «مستنقع داعش»

صورة ارشيفية لمجموعة من مؤيدي الأخوان أثناء محاكتهم في محكمة بالقاهرة في يونيو 2014 (رويترز)
صورة ارشيفية لمجموعة من مؤيدي الأخوان أثناء محاكتهم في محكمة بالقاهرة في يونيو 2014 (رويترز)

تجرف أزمة الصراع على قيادة تنظيم إخوان مصر الجماعة بقوة إلى «مستنقع» تنظيم داعش الإرهابي، بحسب قادة سابقين في الجماعة وخبراء في شؤون الجماعات المتشددة. واتخذ الصراع مؤخرا منعطفات حاسمة بإصدار هيئة إخوانية لفتوى تبيح استخدام العنف وتنهل من أدبيات تنظيم القاعدة. وقال أحمد بان، القيادي السابق في الجماعة، لـ«الشرق الأوسط»، إننا لسنا بإزاء خطر انضمام كوادر الإخوان لتنظيم داعش، بل أصبحنا أمام خطر أن يتحول الإخوان لإحدى تنويعات «داعش».
وللمرة الأولى في تاريخها الممتد لنحو قرن بات الخلاف داخل الجماعة على القيادة والمنهج معا، ودخلت المنصات الإعلامية كجزء من أدوات القوى المتصارعة داخل الإخوان لتشويه الطرف الآخر في سابقة لتنظيم أسس سطوته على «السمع والطاعة».
ويتصارع جناحان داخل الإخوان حاليا، جناح محمود عزت نائب المرشد العام في آخر تشكيل لمكتب الإرشاد، وجناح محمد كمال عضو مكتب الإرشاد الذي انتخب في فبراير (شباط) من العام الماضي لإدارة الأزمة. ويرفض جناح عزت الاعتراف بشرعية الانتخابات التي جرت في فبراير، لكن معظم قطاعات الإخوان تعترف بتلك النتائج.
ووصف بان، وهو باحث في شؤون التنظيمات الإسلامية، الصراع بأنه بين «صقور الإخوان (في إشارة لجناح عزت الذي اعتبر دائما من أنصار سيد قطب)، وأفراخ الصقور (في إشارة إلى كمال الذي يتبنى نهج العنف في الوقت الراهن)». وتابع: «هذا هو الثمن الطبيعي الذي يدفعه القادة التاريخيون الذين غذوا روحية الثأر في نفوس كوادرهم».
وقال ماهر فرغلي، الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، لـ«الشرق الأوسط»: «هذه هي المرة الأولى في تاريخ الإخوان التي يكون فيها الصراع على القيادة وعلى المنهج أيضا.. هذه سابقة تنذر بقرب تشظي الجماعة».
وفي إطار الصراع على قيادة التنظيم أصدرت الهيئة الشرعية في جماعة الإخوان بيانا استخدمت فيه أدبيات تنظيم القاعدة، وعلى رأسها فتوى «دفع الصائل» التي تتيح استخدام العنف ضد قوات الجيش والشرطة.
وقالت الهيئة إن «الحكم الشرعي (...) هو وجوب المقاومة، بكل أشكالها وأنواعها، لأنها فطرة، وحق، وواجب شرعي، وبها تتحقق سنة التدافع التي بدونها تفسد الأرض، وقلنا: إن المقاومة بدايتها إحداث للنكايات وإن قلت الإمكانات، ثم بعد ذلك توازن الخوف والرعب، ثم بعد ذلك النزال والحسم».
وأضافت أن «من مقاصدها تعريف الثوار بحقهم في دفع الصائلين واستهداف الجناة فقط، بالإضافة إلى حماية الحراك».
وقال ناجح إبراهيم، القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط» إنه «لمن المؤسف أن تستعين الجماعة بأدبيات (القاعدة) و(داعش).. لكن لكي نكون منصفين هناك من يتمنى بل يدفع الإخوان لدعشنة شبابها.. هؤلاء يتصورون أن هذا هو السبيل للعصف بالجماعة، وهذا خطر».
ونشر حساب باسم «صوت الإخوان» على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ويعتقد أنه ينتمي لجناح كمال، ما سماه معلومة عن مبايعة 7 لجان نوعية داخل الإخوان لتنظيم داعش وخليفته المزعوم أبو بكر البغدادي.
وأعرب بان عن اعتقاده بأن هذا الإعلان يأتي في سياق الحرب المستعرة على قيادة التنظيم، مشيرا إلى أن جناح كمال يرغب في الضغط على جناح عزت عبر إشعاره بأن الحديث عن السلمية سيدفع بكوادر الجماعة للانخراط في صفوف «داعش».
وأضاف بان: «إن الأزمة الأكبر أننا لسنا بإزاء خطر انضمام كوادر الإخوان لتنظيم داعش، بل أصبحنا أمام خطر أن يتحول الإخوان لإحدى تنويعات (داعش)».
وقال فرغلي، وهو قيادي سابق في الجماعة الإسلامية: «لا أعتقد أن لجانا بالإخوان أعلنت بيعتها لـ(داعش).. هذا مستبعد الآن، لكن بحكم معرفتي بعدد من شباب الإخوان، قابلت منهم من يرى أن حمل السلاح في وجه الدولة هو الحل الوحيد».
وأشار فرغلي إلى وجود ثلاث كتل حاليا داخل الجماعة: كتلة تحمل أفكار الجناح المتشدد، وتروج له، وأخرى أميل للحفاظ على التنظيم بكل أمراضه للعبور به من الأزمة الراهنة، وتكتل آخر نأى بنفسه عن هذا الصراع.
وقلل جمال حشمت القيادي في جماعة الإخوان، ويقيم حاليا في تركيا، من حجم الخلافات داخل الجماعة ووصف حشمت أزمة الإخوان الداخلية بـ«الطبيعية»، مشيرا إلى أن الجماعة تعرضت طوال تاريخها لأزمات كثيرة.
وقال حشمت في تصريحات لإحدى المنصات الإعلامية الإخوانية، إن «هناك خلافا بين قادة الجماعة وبعضها حتى في الخارج، ولكننا في طريقنا لإيجاد حل يرضي جميع الأطراف»، من دون الإشارة لطبيعة هذا الحل.



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».