تتواصل الاشتباكات في مدينة تعز، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، بين المقاومة الشعبية المسنودة من الجيش الوطني المساند لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في عدد من الجبهات، في حين تستمر الميليشيات المتمردة في حصارها الخانق على مدينة تعز، وتمنع عليهم دخول الأدوية ومياه الشرب وغيرها من المستلزمات الأساسية، وذلك في الوقت الذي تكاد مقاومة تعز قد سيطرت على مدينة تعز بكاملها باستثناء بعض المناطق ومنها مداخل المدينة، مع توجيه أهالي تعز نداء لزيارة مناطقهم وتوثيق الجرائم التي حلت بهم.
وقال ضياء الحق الأهدل عضو مجلس تنسيق المقاومة الشعبية بتعز - مقررا للمجلس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «يمكن أن نلخص معاناة تعز بأنها مدينة منكوبة، ولم توصل إلى هذه الحالة إلا بعدما أصبحت الحالة الإنسانية حالة مزرية وحالة ضيقت عليها الميليشيات الخناق على المواطن بتعز بكل فئاته وأعماره، ومع هذا هناك جانبان يمكن الحديث عنهم في تعز، الأول وهو الجانب الذي يتمثل بالجانب الميداني العسكري القتالي بين المقاومة الشعبية والميليشيات، وهو في الحقيقة جانب تبدو فيه الصورة واضحة من خلال وقائع الأحداث الأخيرة، التي سطرت فيه المقاومة بصمودها انتصارات ووسعت دائرة سيطرتها على المدينة حتى وصلت إلى صالة وجوار القصر الجمهوري، في المحور الشرقي كما مثلت، أيضا، صمودا أسطوريا في المحور الشمالي والشمال الشرقي والشمال الغربي كذلك، وحققت تقدمات أخرى في المحور الغربي تمثل في السيطرة على أهم المواقع مثل قلعة القاهرة ومبنى الأمن السياسي (جهاز المخابرات اليمن) وتبة الدحي ووادي عيسى قرب جامعة تعز، وأيضًا في الحصب».
ويضيف: «كل هذه التوسعات التي حققتها المقاومة الشعبية وكثيرة تكاد تكون من خلالها القول إن المقاومة تسيطر على مدينة تعز بالكامل، باستثناء مداخلها الشرقية والغربية التي تظهر صورة للجانب الآخر، وهو الجانب الإنساني الذي تعاني فيه المدينة من حصار مُطبق من خلال سيطرة الميليشيات على مداخل المدينة مثل الحوبان، شرق المدينة، وعلى مداخل بيرباشا وخط المطار القديم وخط الحجرية، وفرضت من خلالها حصارا على المدينة، مما نتج عنه وضع مأساوي من خلال الحصار وعدم السماح بدخول المواد الغذائية ومياه الشرب والأدوية، ومنذ أربعة أيام والصليب الدولي يحاول إنقاذ الكثير وتوفير كميات من العلاج للمستشفيات في المدينة، رغم الواصلات الحثيثة مع بعض الجهات، وهذا هو الوضع الآخر للمدينة».
ويؤكد الأهدل، مقرر مجلس تنسيق المقاومة الشعبية بتعز لـ«الشرق الأوسط» أن «جانب الصمود الذي تمثله المقاومة الشعبية بتعز والجيش المؤيد يبدون أمرًا واضحًا، فقد استطاعت المقاومة الشعبية السيطرة على جبل صبر، وكثير من المناطق التي كانت تحت سيطرة الميليشيات، وهذا يجسد انتصارًا ميدانيًا عسكريًا، أما من ناحية الجانب الإنساني فميليشيات الحوثي وصالح تمطر المدينة بوابل من القذائف اليومية من خلال قصف الميليشيات، بين لحظة وأخرى، بشكل هستيري على الأحياء السكنية وسقوط قتلى وجرحى من المدنيين، بالإضافة إلى إحراقها المنازل وتدميرها المساكن ولا تستثني بذلك صغيرا أو كبيرا»، مشيرا إلى أن المواجهات بين المقاومة الشعبية والميليشيات المتمردة لا تزال مستمرة في عدت جبهات، وأن «المقاومة الشعبية صدت، أمس، هجوما شرسا من قبل ميليشيات الحوثي وصالح، مما جعل هذه الأخيرة تلجأ للقصف على المقاومة والأحياء السكنية بشكل عنيف، وكذا قصفها لوادي الدحي، في حين شهدت أيضًا الجبهة الشرقية مواجهات عنيفة بين المقاومة والميليشيات في صالة وجوار القصر الجمهوري».
وشهدت، أمس، مدينة تعز وعدد من الجبهات في الضباب اشتباكات بين المقاومة الشعبية المسنود بالجيش الوطني وميليشيات الحوثي وصالح في محاولة منهم تعويض هزائمهم التي منوا بها، واسترجاع بعض المواقع وقتل عدد من الميليشيات وجرح آخرين بالإضافة إلى إعطاب دورية عسكرية خاصة بالميليشيات من خلال كمين نصبته لهم المقاومة الشعبية بكمب الصعيرة استهدف تعزيزات كانت متجهة إلى الميليشيات وسط المدينة.
ويقول الناطق باسم المجلس التنسيقي للمقاومة الشعبية بتعز رشاد الشرعبي لـ«الشرق الأوسط» إن «الميليشيات مستمرة في فرضها حصارها الخانق لمدينة تعز على مداخل المدينة الشرقي والغربي والشمالي، ومنع حركة التنقل ودخول المواد الغذائية إلى المدينة، والمقاومة الشعبية والجيش المؤيد للشرعية يواصل مواجهاته البطولية مع ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية في مختلف الجبهات، وخصوصا في منطقة وادي الضباب غرب مدينة تعز، حيث أفشلت هجمات الميليشيا ومحاولاتها المستميتة للسيطرة على مواقع استعادتها المقاومة».
ويؤكد الشرعبي: «خلال مواجهات، أمس، قتل 2 من عناصر الميليشيا وأصيب 3 آخرين وأعطب طقم تابع لها، في كمين لإبطال المقاومة الشعبية بكمب الصعيرة استهدف تعزيزات كانت متجهة إلى المرخل الغربي لمدينة تعز وأجبر طقمان على العودة باتجاه مفرق المخاء، وقتل 12 من عناصر الميليشيا وأصيب 28 آخرون في مواجهات وادي الضباب وجولة المرور، و(استشهد) أحد أبطال المقاومة والجيش وأصيب 16 آخرون في مواجهات وادي الضباب وجولة المرور، واستشهد 3 مواطنين وأصيب 5 آخرون مدنيون جراء القصف العشوائي المستمر على الأحياء السكنية».
ويعيش أهالي تعز، من بقى منهم في المدينة ولم ينزح إلى القرى خارج تعز، بين القصف العشوائي لميليشيات صالح ونيران الدبابات المدافع وصواريخ والمعارك المشتعلة بين المقاومة والميليشيا، مما جعل بعضًا منهم ينزح فارّا إلى خارج المدينة بسبب المعارك والحصار الذي يلقونه من الميليشيات المتمردة، فلا مياه الشرب يجدونها بسهولة، ولا الأدوية يستطيعون الحصول عليها، ولا المواد الغذائية والمستلزمات الرئيسية، الأمر الذي يكن القول عنها إنها تدفع الضريبة بسبب موقعها الاستراتيجي والقريب إلى الجنوب، فقد وجه أهالي صبر مشرعة وحدنان، ممثلا بالمجلس العسكري بمديرية مشرعة، وحدنان بجبل صبر بتعز، نداء وصفوه بـ«الهام والعاجل» بعثوه إلى منظمات المجتمع المدنية والناشطين ومنظمات حقوق الإنسان والصحافيين يطالبونهم بالقيام بزيارتهم، وبالأخص قرية المنارة، حيث يوجد فيها بيت آل الرميمة، وقالوا في ندائهم، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «يدعوكم أبناء مديرية مشرعة وحدنا وممثلا بقيادة المجلس العسكرية القيام بزيارة لقرى ﺍﻟﻤﺪﻳﺮﻳﺔ وبالأخص قرية المنارة بيت آل الرميمة التي كثر الحديث عنها من خلال أبواق الميليشيات المحرضة والداعية إلى استمرار الاقتتال الداخلي فيها، وكذا للاطلاع عن كثب على حجم الدمار والخراب الذي تسببت به ميليشيا ﺍﻟﺤﻮﺛﻲ ﻭﺻﺎﻟﺢ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﺮﻳﺔ ﻭﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻠﺖ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﺮﻳﺔ ﻭﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ ﻭﺭﻓﻌﻬﺎ ﻟﻠﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻭﻧﺸﺮﻫﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﺤﺮﺏ والانتهاكات ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺽ ﻟﻬﺎ ﺃﻫﺎﻟﻲ هذه ﺍﻟﻤﺪﻳﺮﻳﺔ».
وأضافوا في ندائهم: «ﻧﺪﻋﻮﻛﻢ ﻭﻛﻠﻨﺎ ﺃﻣﻞ بتلبية ﻃﻠﺒﻨﺎ ﺑﻨﻘﻞ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻨﺎ ﻭﺣﺠﻢ الانتهاكات ﻭﺍﻟﺨﺮﺍﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻮﺭﺱ ﺿﺪﻧﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﺟﻞ ﻭﺳﺮﻳﻊ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻢ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻴﺸﻴﺎﺕ الإجرامية، ﻭﺗﺄﻣﻴﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻭﻣﻊ بدء ﻋﻮﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺯﺣﻴﻦ إلى ﻣﻨﺎﺯﻟﻬﻢ ﻭﺑﺪﺀ ﺗﻄﺒﻴﻊ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮﻳﺔ، ﻭﺃﺧﺬ ﺷﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ، ﻭإﺣﺼﺎﺀ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﻭﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺎﺕ ﻣﻬﻨﻴﺔ ﻭﻣﺤﺎﻳﺪﺓ ﻭﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻠﻘﺼﻒ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻭﻗﺮﻯ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺎﺕ مثل قرية: ﺍﻟﻜﺸﺎ وﺍﻟﻤﺤﺮﺱ وﺍﻟﻤﻴﻬﺎﻝ وﺫﻱ ﻋﻨﻘﺐ وﺣﺪﻧﺎﻥ وﺣﺪﺍﺑﺔ وﺍﻟﻤﺠﻴﺮﻳﻦ وﺻﺮﺍﺩﺓ ﺍﻟﻌﻨﻴﻦ وﺳﻴﻌﺔ ﻭﻗﺮﻯ ﺍﻟﺘﻤﺎﺱ ﻣﻊ ﻣﺪﻳﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩﻡ».
من جهته، أطلق مركز القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان بتعز نداء استغاثة إنسانية إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة أطباء بلا حدود، وجمعيات الهلال الأحمر، ومنظمات الإغاثة الإنسانية وجميع رجال الأعمال وكل الخيرين لإغاثة المواطنين في محافظة تعز وإنقاذ مستشفيات المحافظات التي تعاني من شحة في الإمكانيات وتضخم كبير في معدل الجرحى والمصابين من أبناء المحافظة.
وقال المركز في بيان له، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إننا في المركز «نأمل أن نجد لديكم الصدى الإيجابي والتفاعل السريع لما يعانيه إخوانكم في اليمن ومحافظة تعز التي نعرض لكم معاناة السكان فيها كنموذج لباقي المحافظات في القطاع الصحي ذي الأهمية حاليًا، وكمثال لمستشفيات تعز التي أُغلق معظمها، ولا تتوفر فيها إلا أقل من عدد أصابع اليد الواحدة تعمل في ظل افتقارها للموارد البشرية والمادية، وهنا نرفع لكم احتياجات مستشفى خليفة بمدينة التربة التي زارها فريق المركز ضمن سلسلة زياراته للتعرف على احتياجات مشافي ومستوصفات المحافظة؛ فهذا المشفى يقدم خدماته لسكان التربة عالية الكثافة السكانية، التي استقبلت منذ أشهر مئات الآلاف من النازحين، وإضافة لهؤلاء يستقبل الجرحى معارك الحرب الدائرة منذ أكثر من 5 أشهر، وهو بإمكاناته الحالية يعجز عن القيام بما يجب ويحتاج بصورة ماسة إلى أطباء اختصاصيين في الجراحة ولا سيما جراحة المخ والأعصاب وجراحة العظام وجراحة النساء والولادة وفصائل الدم، إضافة للأدوية والمستلزمات الطبية واحتياج المدينة لمستشفى ميداني متكامل بصورة مستعجلة ولا يختلف وضع مشافي تعز عن مشفى خليفة».
وأضاف البيان: «حياة عشرات الآلاف من سكان تعز متوقفة بعد عناية الله لهم بموقف مسؤول منكم أفرادًا ومنظمات والواجب الإنساني يفرض علينا جميعًا أن نقدم للمرضى أقصى ما يمكننا تقديمه، ولكم ما تستحقون من شكر لجميع أعمالكم النبيلة».
المقاومة تقترب من استعادة تعز بالكامل
معاناة إنسانية في المداخل الشرقية والغربية للمدينة
المقاومة تقترب من استعادة تعز بالكامل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة