مقتل صحافيين بالرصاص خلال بث مباشر على الهواء في فرجينيا

المجرم نشر مقطعًا مصورًا للهجوم على «تويتر» قبل أن يطلق النار على نفسه

لقطات إطلاق النار على الصحافية أليسون باركر وهي تستجوب فيكي غاردنر في بلدة مونيتا أخذت من مقطع مصور نشره مطلق النار على موقع «فيسبوك» يوم أمس في ولاية فرجينيا (رويترز)
لقطات إطلاق النار على الصحافية أليسون باركر وهي تستجوب فيكي غاردنر في بلدة مونيتا أخذت من مقطع مصور نشره مطلق النار على موقع «فيسبوك» يوم أمس في ولاية فرجينيا (رويترز)
TT

مقتل صحافيين بالرصاص خلال بث مباشر على الهواء في فرجينيا

لقطات إطلاق النار على الصحافية أليسون باركر وهي تستجوب فيكي غاردنر في بلدة مونيتا أخذت من مقطع مصور نشره مطلق النار على موقع «فيسبوك» يوم أمس في ولاية فرجينيا (رويترز)
لقطات إطلاق النار على الصحافية أليسون باركر وهي تستجوب فيكي غاردنر في بلدة مونيتا أخذت من مقطع مصور نشره مطلق النار على موقع «فيسبوك» يوم أمس في ولاية فرجينيا (رويترز)

قتلت صحافية ومصور يعملان لحساب قناة تلفزيونية محلية تابعة لشبكة «سي بي إس» في فرجينيا (شرق الولايات المتحدة) أثناء بث مباشر صباح أمس الأربعاء، وأقدم مطلق النار الذي تردد أنه موظف سابق في القناة، على إطلاق النار على نفسه.
وأطلق المسلح النار من مسافة قريبة على الصحافية في قناة «دبليو دي بي جاي» اليسون باركر، وتبلغ من العمر، 24 سنة، والمصور التلفزيوني آدام وورد، شاب في، 27 من عمره، أثناء إجراء باركر مقابلة تلفزيونية على الهواء مباشرة.
وصرحت شرطة فيرجينيا بأنها اعتقلت مطلق النار، وقالت إنه مصاب بـ«بجروح خطيرة» بعد أن أطلق النار على نفسه. كما جاء في بيان الشرطة أن عناصرها اقتربوا من عربة وعثروا على سائقها يعاني من إصابة بعيار ناري. ويجري نقله إلى مستشفى قريب لعلاجه من جروحه الخطرة. ونقل الإعلام عن الشرطة قولها إن «المشتبه به يدعى فيستر لي فلاناغن (41 عاما)، ويعرف كذلك باسم برايس ويليامز».
وظهر تسجيل فيديو آخر للحادثة على موقعي التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيسبوك»، ويبدو أن مطلق النار هو من نشره، قبل أن يحذف من الموقعين التسجيل لاحقا.
ودفع الحادث بمسؤولين عن المدارس المحلية إلى إغلاق المدارس مما يثير المخاوف مرة أخرى بشأن انتشار الأسلحة في الولايات المتحدة. وأكد جيفري ماركس، مدير عام قناة «دبليو دي بي جاي» مقتل الصحافيين لمشاهدي القناة. وصرح لشبكة «سي إن إن» بأنه «عندما ترسل أشخاصا إلى مناطق الحرب وإلى أوضاع خطرة وإلى أعمال شغب تقلق بشأن سلامتهم (...) ولكن عندما ترسل شخصا لإعداد تقرير عن السياحة، كيف يمكن أن تتوقع أن شيئا كهذا ممكن أن يحدث؟». وأضاف ماركس أن «الصحافيين كانا على علاقة جيدة بفريق القناة».
ويقع مقر قناة «دبليو دي بي جاي» في مدينة روانوك جنوب فيرجينيا، على بعد نحو 385 كيلومترا جنوب غربي العاصمة الأميركية واشنطن. وكانت اليسون باركر تجري مقابلة مع فيكي غاردنر، وهي مديرة غرفة تجارة سميث ماونتن على شرفة في منتجع بريدووتر الواقع على إحدى البحيرات في بلدة مونيتا قرب روانوك. وقد أصيبت ماونتن في الحادث.
وكانت باركر تتحدث مع غاردنر عن تطوير السياحة في بث حي على برنامج صباحي عندما هاجمها المسلح من الخلف. ووفق التسجيلات المصورة التي التقطها مصور شبكة «دبليو دي بي جاي» قبل أن يقتل يمكن سماع طلقات نارية، ثم تسقط الكاميرا أرضا ويمكن رؤية رجلي مطلق النار الذي قام لاحقا بقتل الصحافية التي سمع صراخها فقط.
وبعد ذلك أوقفت المحطة البث الخارجي وعادت إلى المذيعة داخل الأستوديو والتي بدا عليها الذهول. وصرح تيم كين، السيناتور الأميركي من ولاية فيرجينيا، بأن غاردنر أصيبت بجروح خطيرة. وفي وقت لاحق ظهر تسجيل على موقع «تويتر» يظهر مطلق النار وهو يشهر مسدسا نحو باركر التي كانت تقابل غاردنر غير مدركة لوجوده. وكان وورد يدير ظهره لمطلق النار ولم يكن كذلك يعرف بوجوده. وبعد ذلك يخفض المسلح الكاميرا، وتسمع طلقات نارية وصراخ.
وعلى صفحتها على «فيسبوك»، تصف باركر نفسها بأنها «صحافية صباحية» في قناة «دبليو دي بي جاي»، وتحب الرقص الكلاسيكي.
وعقب الحادث دعا البيت الأبيض الكونغرس إلى التحرك بشأن فرض ضوابط على انتشار الأسلحة في الولايات المتحدة. وقال البيت الأبيض إن: «هناك أمورا منطقية لا يستطيع سوى الكونغرس القيام بها، ونعلم أنه سيكون لها تأثير ملموس على خفض العنف الذي تتسبب به الأسلحة في هذا البلد». وقال حاكم فرجينيا تيري ماكاوليفي، لإذاعة «دبليو تي أو بي» إن «الحادث يسلط الضوء على ضرورة تشديد الرقابة على امتلاك الأسلحة». وأضاف «ينتشر عدد كبير من الأسلحة في أيدي أشخاص يجب ألا يمتلكوا أسلحة (...) العنف الذي تتسبب به الأسلحة ينتشر بشكل كبير في الولايات المتحدة».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.