{جيش الإسلام} يتبرأ من قذائف دمشق: تخرج من مناطق النظام في قاسيون والصبورة

إصابة مراسل حربي ثان لقناة «العالم» الإيرانية في سوريا

{جيش الإسلام} يتبرأ من قذائف دمشق: تخرج من مناطق النظام في قاسيون والصبورة
TT

{جيش الإسلام} يتبرأ من قذائف دمشق: تخرج من مناطق النظام في قاسيون والصبورة

{جيش الإسلام} يتبرأ من قذائف دمشق: تخرج من مناطق النظام في قاسيون والصبورة

تبرأ جيش الإسلام المرابض في الغوطة الشرقية بريف دمشق بقيادة زهران علوش، من اتهامات إعلام النظام السوري بإمطار العاصمة بعشرات القذائف خلال الأيام الثلاثة الماضية، وقال جيش الإسلام في بيان له يوم أمس الثلاثاء نشر على موقعه الرسمي، إن «أخبارًا تواترت نسبها لشهود عيان، أكدت أن الصواريخ والقذائف تخرج من مناطق سيطرة النظام على جبل قاسيون والصبورة غرب مدينة دمشق».
وأشار البيان إلى أن قوات النظام تستهدف بالقذائف المناطق الخاضعة لسيطرتها لتغطية وتبرير المجازر التي يرتكبها النظام بحق المدنيين في الغوطة الشرقية أمام المجتمع الدولي. كما أنها تشكل ضغطًا لتهجير سكان العاصمة دمشق تنفيذًا لمخططهم في تغيير الديموغرافيا الطائفية على أرض سوريا. إضافة إلى تشويه صورة الثوار في عيون السكان في دمشق، وأمام الرأي العام الإسلامي والعالمي، وأضاف البيان مؤكدا أن قوات النظام تستهدف بشكل متكرر المدنيين العزل في حلب وحمص ودرعا وغوطة دمشق وغيرها من المدن السورية بالبراميل المتفجرة وكل الأسلحة التدميرية الفتاكة طوال أربع سنوات.
وجاء بيان جيش الإسلام تكذيبا لترويج حملات النظام الإعلامية حول أن الحملة الجوية التي تشنها قوات النظام على الغوطة الشرقية، والتي تسببت بمقتل مئات المدنيين فيها خلال الأيام القليلة الماضية، كانت بسبب قصف جيش الإسلام بالمدفعية والصواريخ لأحياء العاصمة.
ودعا جيش الإسلام سكان العاصمة للثبات وعدم الهجرة والاستمرار في ثورتهم على الطاغية بكل الوسائل المتاحة والممكنة.
وبالتزامن مع حملة جوية شرسة ينفذها سلاح الجو في قوات النظام على عدة مناطق في ريف دمشق، سقطت عشرات القذائف على مناطق سيطرة النظام في أنحاء متفرقة من العاصمة دمشق وريفها، تجاوز عددها يوم أمس الأربعين قذيفة وأول من أمس 92 قذيفة، أسفرت عن مقتل عدد من المدنيين وجرح العشرات، بينما أسفرت الغارات الجوية لقوات النظام على الغوطة الشرقية (دوما وحرستا وعربين)، عن مقتل أكثر من أربعمائة شخص غالبيتهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال خلال الأسبوعين الماضيين.
وواصل طيران قوات النظام يوم أمس الثلاثاء شنّ الغارات بكثافة غير مسبوقة على منطقة جوبر المتصلة بشرق دمشق وعلى بلدات عربين، وحرستا ودوما، وكذلك على منطقة الزبداني ومدينة داريا، حيث تعرضت دوما صباح أمس لعدة غارات جوية استهدفت وسط وأطراف المدينة، بعد يوم سقط فيه أكثر من عشرة قتلى نتيجة القصف العنيف الذي تتعرض له المدينة، منذ الثاني عشر من الشهر الحالي، والذي خلف نحو 200 قتيل حتى الآن.
وقال المكتب الإغاثي الموحد في الغوطة الشرقية، إن «420 قتيلاً، جلّهم من المدنيين، بينهم 83 طفلاً و20 امرأة، وأكثر من ألف جريح هم ضحايا حملة القصف المدفعي والصاروخي والجوي العنيف الذي يستهدف الغوطة منذ أسبوعين».
إلى ذلك، أصيب مراسل تلفزيون «العالم» التابع للنظام الإيراني محمد الحسيني يوم أول من أمس، بشظايا قذيفة هاون أثناء مرافقته لقوات النظام والميلشيات الإيرانية في معاركها مع المعارضة في ريف اللاذقية الشمالي.ونقل موقع الهيئة السورية للإعلام، عن مواقع مقربة من النظام، أن الإصابة كانت بالغة حيث تركزت في الوجه والأطراف، ونُقل الحسيني إلى مشفى باللاذقية ودخل في غيبوبة بعد نزف كمية كبيرة من الدماء، وهو موجود حاليًا في العناية المركزة.
وكان مراسل ومدير مكتب قناة «العالم» في سوريا حسين مرتضى قد تعرض هو الآخر قبل أيام، لإصابة أثناء تغطيته معارك درعا، وأدت الإصابة لتوقف النطق لديه مؤقتا. في حين أن ساقه اليمنى أصيبت بالشلل بعد أن استقرت رصاصة في الفقرتين الرابعة والخامسة من العامود الفقري، مما يعني إصابته بعاهة دائمة.
كما قتل الأسبوع الماضي مراسل تلفزيون «المنار» التابع لميلشيا حزب الله في مدينة الزبداني عبدو علي جواد، أثناء مرافقته لمعارك الميلشيا ضد المعارضة السورية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.