الحكومة المصرية في انتظار «سبتمبر غامض»

يشهد انتهاء مهلة أمناء الشرطة ومظاهرة مليونية للموظفين

الحكومة المصرية في انتظار «سبتمبر غامض»
TT

الحكومة المصرية في انتظار «سبتمبر غامض»

الحكومة المصرية في انتظار «سبتمبر غامض»

علق مئات من أمناء الشرطة في مصر أمس إضرابا عن العمل، بعد وعد بتنفيذ مطالبهم في موعد أقصاه 5 سبتمبر (أيلول) المقبل، أي قبل أسبوع واحد من دعوة لمظاهرة مليونية لنقابات مستقلة تحتج على قانون مثير للجدل. وسيكون أمام الحكومة خياران؛ أحلاهما مر، بحسب مراقبين؛ فالاستجابة لمطالب أفراد الشرطة من شأنه أن يفاقم غضب الموظفين، ورفضها يعني حربا على جبهة جديدة، وهو ما يضع الحكومة أمام «سبتمبر غامض».
وأظهر أمناء الشرطة في محافظة الشرقية (شرق القاهرة)، خلال اليومين الماضيين قدرة على تحدي السلطات ومنع مسؤولين كبار في وزارة الداخلية من دخول مديرية الأمن، كما تبادلوا إطلاق النار مع قوات مكافحة الشغب، بحسب شهود عيان، في واحدة من المحافظات التي تشهد أعلى وتيرة للعمليات الإرهابية، وهي مسقط رأس الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
وقال مساعد الشحات، وهو أمين شرطة يعمل في مديرية أمن الشرقية، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الأوضاع عادت لطبيعتها في مقر مديرية الأمن والأقسام الأخرى التي أغلقت أبوابها».
وأكد مسؤول مركز الإعلام الأمني في وزارة الداخلية أن جميع أفراد الشرطة غادروا مقر مديرية أمن الشرقية في الساعات الأولى من أمس، وذلك بعد لقائهم بالقيادات الأمنية التي أوفدها اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية، واستماعها إليهم ووعدها بنقل مطالبهم للوزير لدراستها.
وقال المسؤول الأمني إن الأفراد (المحتجين) أعربوا «عن اعتزازهم بانتمائهم لهيئة الشرطة وتقديرهم لتضحيات زملائهم وإدراكهم للظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، مؤكدين حرصهم على مصلحة الوطن الذي يواجه تحديات تتطلب من الجميع الاصطفاف خلف قيادة الوزارة، وتنحية أي مطالب شخصية أو مصالح خاصة جانبا في المرحلة الحالية».
لكن أحد أمناء الشرطة المشاركين في الإضراب قال لـ«الشرق الأوسط»: «ننتظر الرد من الوزارة، ونرجو أن يستجيب الوزير لمطالبنا.. وعدونا بالفصل في المطالب قبل يوم 5 سبتمبر.. وسنواصل الاحتجاج إذا لم يستجيبوا لمطالبنا المشروعة».
ويطالب المحتجون بصرف الحوافز والعلاوات المتأخرة، وزيادة بدل مخاطر العمل والوجبة الغذائية، وسرعة الموافقة على التدرج الوظيفي للخفراء، ومساواة الأفراد والخفراء بالمدنيين في حالة إحالتهم لمجالس التأديب، وإنشاء صناديق خاصة لهم، والتعاقد مع مستشفيات خاصة لعلاجهم وأسرهم.
وقال أحد أمناء الشرطة المشاركين في الاحتجاجات ويعمل في قسم شرطة مركز منيا القمح بالمحافظة نفسها، لـ«الشرق الأوسط» إن «حركة الاحتجاج بدأت من الشرقية بعد أزمة بمركز شرطة بالزقازيق (عاصمة المحافظة).. حيث تعرض أحد زملائنا للظلم وتطور الأمر إلى حد احتجاز مفتش بالداخلية».
وأبدى أمناء شرطة في عدد من المحافظات الأخرى دعمهم لمطالب زملائهم في محافظة الشرقية، مما يعني احتمال اتساع الحركة الاحتجاجية في حال تجاهل مطالب المحتجين.
وسيكون على الحكومة المصرية أن تواجه أيضا احتجاجات موظفين ضد قانون الخدمة المدنية الذي ينظم شؤون العاملين في الدولة، ودعت 27 نقابة مستقلة إلى تنظيم مظاهرة حاشدة ضد القانون في منطقة بجنوب القاهرة حددتها السلطات للتظاهر دون الحاجة للحصول على إذن مسبق.
وقالت فاطمة فؤاد، رئيسة النقابة المستقلة للعاملين في الضرائب على المبيعات، لـ«الشرق الأوسط» أمس: «نتوقع مشاركة حاشدة في هذه المظاهرة.. القانون يمس 6 ملايين ونصف المليون موظف».
وقادت فؤاد قبل أسبوعين أكبر مظاهرة تشهدها البلاد على خلفية مطالب اجتماعية خلال العامين الماضيين. وقدر عدد المتظاهرين حينها بنحو 10 آلاف متظاهر في وسط القاهرة.
وكان رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب وعد قيادات الاحتجاج بالنظر في مطالبهم من خلال اللائحة التنفيذية للقانون.
وأضافت فؤاد أن «قيادات النقابات المستقلة لن تنسحب من الحوار مع الحكومة، سنعمل خلال الفترة المقبلة لتأكيد أن إشكاليات القانون لا يمكن معالجتها عبر لائحته التنفيذية.. فالمشكلات أعمق وتتصل بصلب مواد القانون».
ويشارك في الاحتجاجات أطباء، ومعلمون، وموظفون بالتأمينات، وبهيئة الإسعاف، وهيئة النقل، والضرائب العقارية، والجمارك.
ويقول مسؤولون رسميون إن القانون الجديد يهدف إلى علاج التشوهات في نظام الأجور في مصر، والحد من التفاوتات الكبيرة بين الجهات والوزارات المختلفة. لكن معارضي القانون يقولون إن الحكومة تعمل على تقليص عدد العاملين في جهاز الدولة، والحد من نصيب الأجور إلى إجمالي النفقات العامة، من دون النظر إلى المخاطر الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن القانون.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.