12 عامًا من العطاء المتميز في العراق

(«الشرق الأوسط») قدمت نموذجًا إعلاميًا جديدًا

12 عامًا من العطاء  المتميز في العراق
TT

12 عامًا من العطاء المتميز في العراق

12 عامًا من العطاء  المتميز في العراق

بعد مسيرة واكبت على مدى 12 عاما التغيير الجديد في العراق تختتم «الشرق الأوسط» هذه المسيرة بالتوقف عن الصدور ابتداء من اليوم بعد أن بدأت تواجه الكثير من المضايقات من جهات ميليشياوية خارجة عن القانون.
ففي 11 أغسطس (آب) من عام 2003، وبعد أربعة أشهر من التغيير في العراق وإسقاط النظام العراقي السابق، أصدرت «الشرق الأوسط» طبعتها العراقية انسجاما مع شعارات التغيير المنادية بالديمقراطية وحرية الإعلام والتعبير. وبالفعل واصلت «الشرق الأوسط» صدورها بانتظام وحققت تميزا في سياق ما قامت به من أدوار إعلامية وما قدمته من نموذج إعلامي جديد لا سيما أن التجربة العراقية في ميدان الإعلام كانت تتسم قبل التغيير عام 2003 بالشمولية واقتصار الصحف العراقية آنذاك على بضع صحف لا تتعدى الخمس كلها تنطق باسم النظام ورئيسه آنذاك.
وبعد عام 2003 فإنه ومع كل الفورة الإعلامية التي حصلت في العراق بصدور نحو 150 صحيفة ومجلة فإن «الشرق الأوسط» التي حملت معها إرث أكثر من عقدين من الزمن من التجربة الإعلامية المتميزة، سواء على صعيد الخدمة الخبرية أو التحقيق الصحافي أو السبق الصحافي، شكلت رافدا مهما من روافد الإعلام الجديد في العراق.
وخلال السنوات الـ12 الماضية، تمكنت «الشرق الأوسط» من استقطاب الكثير من الكفاءات الإعلامية العراقية، كتابا ومحررين ومراسلين، بالإضافة إلى ما حظيت به من اهتمام من أبناء الطبقة السياسية العراقية سواء على صعيد استكتاب بعضهم أو إجراء حوارات معمقة مع الكثيرين مما كان له دور متميز في إضافة خبرة جديدة إلى الإعلام العراقي.
وفي وقت كانت فيه حرية الإعلام في العراق تشهد نوعا من الانفتاح فإنه خلال الفترة الثانية من حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بدأت تتغير أمور كثيرة على صعيد الموقف من أجهزة الإعلام وبدأت تصدر الأوامر بغلق بعض القنوات الفضائية لأسباب لم تكن مقنعة للوسط الإعلامي العراقي والعربي ومن ثم أغلقت الطبعة العراقية من «الشرق الأوسط» لمدة تسعة أشهر.
وبعد تشكيل حكومة الدكتور حيدر العبادي عاودت الجريدة الصدور من جديد على أمل بدء مرحلة جديدة. لكن الأمر الذي لم يعد ممكنا التعامل معه هو أنه في الوقت الذي تبدي فيه الحكومة العراقية الحرص على الإعلام وضمان حريته فإنها لم تتمكن بعد من السيطرة على فصائل مسلحة كل ما يمكن أن يقال عنها رسميا إنها خارجة عن القانون في وقت يجب أن يكون فيه القانون فوق الجميع.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.