مصادر برلمانية: بغداد تتجه لقطع رواتب موظفي الموصل بمن فيهم النازحون

مديرة مكتب وزارة الهجرة والمهجرين الاتحادية في أربيل نفت وجود تمييز طائفي

نازح من الموصل في مخيم «بحركه» شمال أربيل يحمل صندوقا يحوي معونة غذائية («الشرق الأوسط»)
نازح من الموصل في مخيم «بحركه» شمال أربيل يحمل صندوقا يحوي معونة غذائية («الشرق الأوسط»)
TT

مصادر برلمانية: بغداد تتجه لقطع رواتب موظفي الموصل بمن فيهم النازحون

نازح من الموصل في مخيم «بحركه» شمال أربيل يحمل صندوقا يحوي معونة غذائية («الشرق الأوسط»)
نازح من الموصل في مخيم «بحركه» شمال أربيل يحمل صندوقا يحوي معونة غذائية («الشرق الأوسط»)

تعتزم الحكومة الفيدرالية في بغداد قطع رواتب الموظفين في محافظة نينوى بمن فيهم النازحون إلى إقليم كردستان، حسبما أفادت مصادر في البرلمان العراقي لـ«الشرق الأوسط» أمس.
وقال محسن السعدون، النائب الكردي في البرلمان العراقي عن محافظة نينوى، لـ«الشرق الأوسط» بأن قرار قطع الرواتب «يشمل كافة موظفي محافظة نينوى دون تمييز، خاصة المتواجدين في المدينة، وهو قرار خاطئ وواجه رفضا من كافة النواب الذين يمثلون المحافظة في مجلس النواب». وأضاف: «القرار لم ينفذ حتى الآن، بل تم الإعلان عنه فقط، ونحن كنواب الموصل سنتابع هذا القرار لكشف حقيقته».
من جهتها، قالت نجيبة نجيب، عضو لجنة المالية في مجلس النواب، لـ«الشرق الأوسط»: «ليس هناك قرار رسمي بقطع رواتب موظفي الموصل، لكن موظفي المناطق الساخنة، سواء أكانوا في الموصل أو الأنبار أو صلاح الدين، لم يتسلموا رواتبهم منذ نحو شهرين، والمسألة فنية أكثر مما هي سياسية، فهي متعلقة بقلة السيولة النقدية، وهناك دعوات نيابية لضرورة إطلاقها».
وردا على معلومات أفادت بأن هناك تمييزا طائفيا في التعامل مع النازحين، نفت مديرة المكتب الإقليمي لوزارة الهجرة والمهجرين العراقية، في إقليم كردستان، عالية البزاز، ذلك، مؤكدة أن «وزارتنا تتعامل مع النازحين بشكل إنساني، أي بغض النظر عن أطيافهم ومذاهبهم، والحكومة العراقية لا تنظر إلى هذا الجانب ولا تتعامل بهذه الآلية مع النازحين، ولا صحة للمعلومات حول التمييز الطائفي بين النازحين».
إلى ذلك، اتهمت لجنة المرحلين والمهجرين والمغتربين في البرلمان العراقي، الحكومة العراقية بأنها حرمت النازحين الموجودين في إقليم كردستان من حقوقهم، وصرفت في المقابل المليارات على إيواء النازحين الشيعة الموجودين في محافظات الجنوب، مبينة أن حرمان النازحين في الإقليم من حقوقهم يأتي في إطار الضغط الذي تمارسه بعض القوى العراقية الشيعية على إقليم كردستان. وقال النائب سالم جمعة، مقرر اللجنة ممثل المكون الشبكي في البرلمان العراقي لـ«الشرق الأوسط»: «حكومة بغداد، خصوصا اللجنة العليا لإغاثة وإيواء النازحين وكذلك وزارة الهجرة والمهجرين، مقصرة في إعطاء حقوق النازحين في إقليم كردستان الذي يحتضن نحو مليونين منهم، الأمر الذي سلط ضغطا كبيرا على حكومة الإقليم في كل المجالات». وتابع: «في المقابل صرفت بغداد 15 مليار دينار عراقي حتى الآن على فنادق لإيواء النازحين الموجودين في كربلاء فقط، وهذا مبلغ هائل، ولم تصرف مبالغ كهذه على النازحين في الإقليم الذين تم إيواؤهم في المخيمات».
وأضاف جمعة: «أنا كنت ضمن لجنة التحقيق المشكلة لمتابعة أمور النازحين، خصوصا في الفساد الموجود في اللجنة العليا لإغاثة وإيواء النازحين، وقدمنا في هذا الإطار عدة مقترحات لمجلس النواب، من بينها إلغاء اللجنة العليا لإغاثة وإيواء النازحين، وتحويل ملف النازحين إلى وزارة الهجرة والمهجرين، لكن الحكومة ما زالت صامتة في هذا الخصوص، بالإضافة إلى أن بغداد لم تصرف حتى الآن المبالغ الخاصة بالشركات التي بنت المخيمات للنازحين في محافظة دهوك بإقليم كردستان، وهذا خرق كبير».
بدوره، قال مدير عام دائرة الهجرة والمهجرين التابعة لوزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان، شاكر ياسين، لـ«الشرق الأوسط» إن النازحين «يشكلون حاليا ثلثي عدد سكان الإقليم، وهذه النسبة أثرت على كل مجالات الحياة في الإقليم، خصوصا مجالات الخدمات والصحة والتربية والنواحي الاجتماعية والنقل، وأثقلت كاهل حكومة الإقليم، ورغم هذا، فإن بغداد لا تزال تنظر إلى مشكلاتها مع الإقليم نظرة سياسية، ولم تقدم المساعدة للنازحين الموجودين في الإقليم بالشكل المطلوب».
ويعيش النازحون في الإقليم ظروفا صعبة، وأحدهم محمود، نازح من مدينة الموصل، التقته «الشرق الأوسط» في مخيم «هرشم» (شمال مدينة أربيل)، وتحدث عن معاناته قائلا: «لم نتسلم حتى الآن أي منحة مالية من الحكومة العراقية سوى المليون دينار التي وزعت في بداية موجة النزوح، وتسلمتها بعض العوائل النازحة فقط». وتابع: «(مؤسسة بارزاني الخيرية) هي التي تقدم لنا المساعدات الإنسانية فقط، أما الراتب الشهري البالغ 400 ألف دينار لكل عائلة نازحة الذي قدمته الحكومة لمجلس النواب وصادق عليه المجلس، فلم نر منه فلسا حتى الآن».
من جانبه، قال المشرف على مخيمات النازحين في «مؤسسة بارزاني الخيرية»، رزكار عبيد، لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع بداية موجة النزوح، افتتحت مؤسستنا مكاتبها في كل المخيمات، وهي تواصل منذ تلك اللحظة تقديم المساعدات لهم، واستطعنا أن نشارك حكومة الإقليم في تحمل قسم من هذا الثقل الذي نشأ جراء العدد الهائل من النازحين في الإقليم». وأضاف عبيد: «منظمات الأمم المتحدة تؤكد أن ميزانيتها الخاصة بالنازحين انخفضت، لذا شاهدنا أن المبالغ التي كانت تصرف للنازحين شهريا لشراء المواد الغذائية من خلال بعض الأسواق انخفضت من 30 ألف دينار للشخص الواحد إلى 19 ألف دينار، وطرأ هذا الشهر تغيير آخر؛ إذ حرم الموظفون من النازحين من هذا المبلغ، فيما سلمت العوائل التي تتكون من تسعة أشخاص حصص خمسة أشخاص فقط».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».