الصحف الأوروبية اهتمت بملفات الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط وأزمة اليونان

أميركا: كارتر.. ومحاكمات داخلية والإرهاب الخارجي

الصحف الأوروبية اهتمت بملفات الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط وأزمة اليونان
TT

الصحف الأوروبية اهتمت بملفات الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط وأزمة اليونان

الصحف الأوروبية اهتمت بملفات الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط وأزمة اليونان

في بداية الأسبوع، كان هناك تركيز إعلامي على أحداث داخلية أميركية: نقل تلفزيون «إن بي سي»، وإعلان الرئيس باراك أوباما حالة الطوارئ في ولاية واشنطن حيث وصلت مساحة الأراضي المحروقة إلى ما يقرب من نصف مليون فدان، ونقل تلفزيون «فوكس» خبر إدانة غاريد فوغل، المشهور بتقديم دعايات لشركة «صابواي» لبيع الساندويتشات، وذلك بعد اتهامه باغتصاب أولاد وبنات دون سن البلوغ.. سيسجن عشر سنوات، وسيغرم مليونا دولار تدفع لضحاياه. في بداية الأسبوع، أيضا، اهتم الإعلام الأميركي بإعلان الرئيس الأسبق جيمي كارتر أن سرطان الكبد (ميلانوما) انتشر في المخ أيضا.
في منتصف الأسبوع، اهتمت كل وسائل الإعلام الرئيسية تقريبا بخبر من حديقة الحيوانات في واشنطن العاصمة بأن الباندا الصينية قد أنجبت. وسبب الاهتمام هو أن هذه واحدة من مرات قليلة تنجب فيها باندا خارج موطنها التقليدي في شمال الصين. وفي الأخبار الاقتصادية، نقلت إذاعة «بلومبيرغ» خبر شبه انهيار في سوق الأوراق المالية في نيويورك، وذلك عندما هبطت أسهم «دو جونز» بأكثر من 500 نقطة. ويعتقد أن لذلك صلة بمشكلات الصين المالية، حيث خفضت الصين قيمة عملتها لأول مرة منذ 20 عاما.
مع نهاية الأسبوع، عادت أخبار الإرهاب والحروب الخارجية: نقل تلفزيون «سي إن إن» مناظر مباشرة من كوريا الجنوبية وهي تجلي سكانا بالقرب من الحدود الكورية الشمالية مع تصاعد التوتر بين البلدين، وتعقد محادثات رفيعة المستوى في بانمونجوم لنزع فتيل التوتر. ونقل التلفزيون نفسه خبر هجوم انتحاري لحركة الشباب في الصومال على قاعدة تدريب عسكرية في كيسمايو أسفر عن ما لا يقل عن 16 قتيلا.
ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» خبر هجوم انتحاري أيضا. هذه المرة هاجم أفغاني قافلة تابعة لحلف شمال الأطلسي في كابل، مما أسفر عن مقتل 12 شخصا على الأقل وإصابة 66. ونشرت الصحيفة نفسها خبر عنف آخر: أكثر من 50 شخصا قتلوا في دوما، التي يسيطر عليها المعارضون السوريون، قرب العاصمة دمشق، بعد هجمات صاروخية شنتها القوات الموالية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وللأسبوع الثالث على التوالي، يستمر اهتمام الصحف الأوروبية بملفات تتعلق بالمآسي المرتبطة بالهجرة غير الشرعية، وتدفق أعداد كبيرة عبر المتوسط في طريقهم إلى أوروبا ومعظمهم من السوريين، ومعاناتهم في الجزر اليونانية وفي إيطاليا ومقدونيا، وأيضا ملف تطورات الأزمة في اليونان وآخرها استقالة رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس، إلى جانب ملف «داعش» وتهديداته التي لا تقتصر فقط على دول عربية وإنما أيضًا تمتد لدول أوروبية.
وبالنسبة للصحافة البريطانية، نبدأ جولتنا من صحيفة «التايمز»، التي نشرت موضوعا من بيروت حول تراجع سيطرة الرئيس بشار الأسد على الأراضي السورية لصالح مسلحي تنظيم داعش وجماعات معارضة مسلحة أخرى حتى أصبح لا يسيطر بشكل كامل سوى على سدس أراضي بلاده. وأشارت الصحيفة إلى أن مجموعة «آي إتش إس جاينز إنتيليجنس» البريطانية، التي تضم مستشارين متخصصين في شؤون الدفاع، كشفت مؤخرا عن حجم تراجع نفوذ القوات السورية، حيث انكمش حجم الأراضي التي تقع تحت السيطرة الكاملة لها بنسبة 18 في المائة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي فقط.
وأضافت أن النظام السوري سخر كل إمكانياته لدعم دفاعات العاصمة دمشق واللاذقية على الشريط الساحلي على البحر المتوسط حتى أصبح نطاق سيطرة الأسد داخل البلاد لا يزيد على حجم دولة بلجيكا. ونقلت الصحيفة عن كولمب ستراك، محلل شؤون الشرق الأوسط في المجموعة المتخصصة في شؤون الدفاع، قوله إن «الأسد لا يستطيع تحمل تكلفة خسارة هاتين المنطقتين تحديدا». وأشارت «التايمز» إلى أن تعداد الجيش السوري انخفض بنسبة 50 في المائة مقارنة بما قبل اندلاع الحرب الأهلية، حيث كان قوام الجيش يصل إلى 300 ألف جندي. واستخلص ستراك أن الأسد لن يكون بمقدوره الاستمرار. ونبقى مع الأزمة السورية، ونقرأ من صحيفة «فاينانشيال تايمز» تقريرا بشأن معايير وضعتها دول في شرق أوروبا لقبول طلبات اللجوء السورية التي ركزت على أن تكون الطلبات المقبولة هي تلك المقدمة من السوريين المسيحيين فقط.
ونتحول إلى صحيفة «الإندبندنت» التي نشرت حوارا أجرته الصحيفة مع القيادي في حركة حماس حسن يوسف في رام الله، وتحدث خلاله عن اتفاق طويل المدى محتمل مع إسرائيل لوقف إطلاق النار مقابل تحسين حياة الفلسطينيين في غزة عبر مفاوضات غير مباشرة بوساطة الممثل المنتهية ولايته للرباعية الدولية للشرق الأوسط توني بلير. وقال يوسف إن المفاوضات جرت بين بلير وقيادات في حماس لمدة 3 أشهر، وإن الحركة بانتظار «رد» إسرائيل بشأن شروط الاتفاق، مشيرا إلى أن تصديق التعهدات الإسرائيلية يتوقف على توافر ضمانات دولية، بحسب يوسف.
وفي الصحافة البلجيكية، اهتمت صحيفة «ستاندرد»، شأنها شأن باقي الصحف في بروكسل، وعواصم أوروبية أخرى، بالتطورات الأخيرة في اليونان وإعلان الاتحاد الأوروبي أنه يحترم قرار رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس، بتقديم استقالته من منصبه، والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة، لكن «قرار الاستقالة لم يكن مفاجئا»، بحسب ما جاء على لسان انيكا بريدهارت، الناطقة باسم مفوضية بروكسل. وأضافت أن اليونان وقعت أخيرا اتفاقية إنقاذ جديدة مع الاتحاد الأوروبي، مبينة أن الكتلة الأوروبية لا يساورها القلق بشأن تنفيذ برامج الإصلاح الواردة في الاتفاقية، نظرا لتصويت البرلمان اليوناني عليها.



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».