مقتل مسؤول كبير في حكومة ولائية في جنوب السودان

الصحافيون في جوبا يتوقفون عن العمل يوماً واحداً حدادًا على مقتل زميلهم

مقتل مسؤول كبير في حكومة ولائية في جنوب السودان
TT

مقتل مسؤول كبير في حكومة ولائية في جنوب السودان

مقتل مسؤول كبير في حكومة ولائية في جنوب السودان

لقي رئيس المجلس التشريعي في ولاية غرب الاستوائية مصرعه بإطلاق رصاص عليه من قبل مجهولين، ويعتبر الحادث هو الثاني من نوعه خلال ثلاثة أيام بعد مقتل صحافي ليل الأربعاء الماضي، في وقت أطلقت السلطات الأمنية سراح حاكم الولاية المقال بعد أسبوع من اعتقاله عقب قرار أصدره رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت بإعفاء أربعة حكام، بينما أعلنت الصحف عن توقف صدورها السبت حدادًا على مقتل زميلهم، في ما وصفه الصحافيون بأنه «جريمة بشعة».
وقال وزير الإعلام في حكومة ولاية غرب الاستوائية في جنوب السودان شارلس كاسينقا في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن رئيس المجلس التشريعي في الولاية (برلمان الولاية) جيمس باقا إلياس قد قتل بالرصاص من قبل مسلحين مجهولين مساء الجمعة، أول من أمس، واصفًا الجريمة بأنها عملية اغتيال، وأضاف: «لقد هاجم مسلحون مجهولون الراحل جيمس باقا إلياس واعترضوا طريقه في منطقة أوزي التي تبعد قليلاً من مدينة يامبيو عاصمة الولاية»، وأوضح أن حارسه الشخصي هرب من مكان الحادث، وهو الذي أبلغ السلطات وعائلة القتيل، مشيرًا إلى أن الجريمة وقعت في التاسعة مساء بالتوقيت المحلي لجنوب السودان، معربًا عن أسفه، وقال: «يجب أن يتم تنكيس الأعلام إلى النصف في الولاية والدولة».
وتعد حادثة القتل هي الثانية خلال ثلاثة أيام في جنوب السودان وفي ظروف غامضة بعد مقتل رئيس المجلس التشريعي لولاية غرب الاستوائية أول من أمس، وكان مسلحون مجهولون قد أطلقوا الرصاص على الصحافي بيتر جوليوس موي ليل الأربعاء الماضي وهو في طريقه إلى منزله بعد الانتهاء من عمله في صحيفة «نيو نيشن» التي تصدر بالإنجليزية في جوبا.
في غضون ذلك أطلقت السلطات الأمنية في جنوب السودان أول من أمس الجمعة سراح حاكم ولاية غرب الاستوائية المقال جوزيف باكسورو بعد أن تم اعتقاله ونقله إلى مكان مجهول منذ الاثنين الماضي عقب صدور قرار من الرئيس سلفا كير بإعفاء أربعة من حكام الولايات، وتتهم جوبا باكسورو بأنه وراء العمليات العسكرية التي شهدتها الولاية خلال الأشهر الثلاثة الماضية بعد أن أعلن شباب قبيلتي الزاندي والمورو في الولاية رفضهم بقاء مجموعة من قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها رئيس البلاد سلفا كير ميارديت، وعدت الحكومة المركزية أن هناك تمردًا في الولاية من قبل هذه العناصر، غير أن العمل المسلح الذي شهدته مناطق غرب الاستوائية لا علاقة لها بالمعارضة المسلحة التي يقودها نائب الرئيس السابق رياك مشار ضد سلفا كير الذي رفض التوقيع على اتفاق السلام الاثنين الماضي وطلب مهلة أسبوعين لإجراء تشاور مع البرلمان والولايات العشر وإجراء تعديلات على بعض بنود الاتفاقية، خصوصا صلاحيات الرئيس ونائبه الأول الذي يتوقع أن يكون مشار نفسه.
وقد هدد أعضاء في البرلمان القومي من نواب ولايات الاستوائية الثلات الخميس الماضي باللجوء إلى المحكمة في حال استمرار اعتقال بكاسورو الذي أطلق سراحه أول من أمس دون توجيه اتهامات إليه، وأشار البرلمانيون في المذكرة التي قدموها إلى رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت ورئيس هيئة الأركان للجيش الشعبي باول ملونق أوين إلى أن هناك تقارير تحدثت عن تعرض حاكم ولاية غرب الاستوائية جوزيف بكاسورو للتعذيب، وشددوا على ضرورة التأكيد من عدم تعرضه للأذى من قبل الجهات التي اعتقلته والتأكد من سلامته، وطالبوا بإطلاق سراحه فورًا وقد وعد الحاكم السابق بإصدار بيان صحافي يوضح ظروف اعتقاله.
وكان كير قد أصدر قرارًا الأحد الماضي إعفاء حكام ولايات واراب، أعالي النيل، الاستوائية الوسطى وغرب الاستوائية، وكلف أربعة آخرين في مكانهم.
إلى ذلك، توقف الصحافيون في جنوب السودان أمس، السبت، عن العمل لمدة 24 ساعة بعد مقتل زميلهم بيتر جوليوس موي ليل الأربعاء الماضي في جوبا، بعد أيام من توعد الرئيس سلفا كير علنا بـ«قتل» صحافيين يعملون ضد حكومته، وتجمع الصحافيون في عاصمة البلاد تكريمًا لزميلهم القتيل بإطلاق الرصاص على ظهره من قبل مسلحين مجهولين، وطالبوا بإجراء تحقيق شفاف حول الجريمة التي وقعت، بينما دعت منظمات دولية تعمل من أجل حرية الصحافة حكومة سلفا كير بتوضيح تصريحاته التي أدلى بها الأسبوع الماضي.
من جانبه قال مدير تطوير وسائل الإعلام في جنوب السودان الصحافي الفريد تعبان أن الصحافيين غير راضين من تعامل الحكومة مع حادثة مقتل زميلهم موي، معربًا عن أمله في أن تتحرك الحكومة بسرعة للتحقيق في مقتل الصحافي الشاب، مشددًا على ضرورة الضغط على الحكومة لتكشف من الذي يقف وراء اغتيال موي، وكانت رئاسة الجمهورية قد قالت أول من أمس الجمعة إنها ستفتح تحقيقا حول ملابسات الحادثة.
وكانت لجنة إبراز الصحافيين -وهي جماعة دولية تدافع عن حقوق الصحافيين- قد نقلت عن سلفا كير القول للصحافيين الأحد الماضي: «إن لم يكن أي من الصحافيين يدري أن هذه الدولة قتلت أشخاصًا، فسنثبت لهم ذلك يومًا ما، في وقت ما، أن حرية الصحافة لا تعني أن تعمل ضد الدولة».



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.