الأسد يجري تعديلاً وزاريًا بسيطًا.. وتسريبات صور أطاحت بوزيرة الشؤون الاجتماعية

إعفاء وزير التجارة الداخلية من مهامه يأتي على وقع أزمة اقتصادية حادة تشهدها البلاد

الأسد يجري تعديلاً وزاريًا بسيطًا.. وتسريبات صور أطاحت بوزيرة الشؤون الاجتماعية
TT

الأسد يجري تعديلاً وزاريًا بسيطًا.. وتسريبات صور أطاحت بوزيرة الشؤون الاجتماعية

الأسد يجري تعديلاً وزاريًا بسيطًا.. وتسريبات صور أطاحت بوزيرة الشؤون الاجتماعية

أصدر الرئيس السوري بشار الأسد أمس (الخميس) مرسومًا يقضي بإعفاء وزيرة الشؤون الاجتماعية ووزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك وتكليف آخرين بدلا عنهما، حسبما أفادت به وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
وذكرت الوكالة أن الأسد «يصدر مرسومًا بتسمية ريما القادري وزيرة للشؤون الاجتماعية بعد إعفاء الدكتورة كندة الشماط من مهامها ويصدر مرسوما آخر بتسمية جمال شاهين وزيرا للتجارة الداخلية وحماية المستهلك بعد إعفاء حسان صفية من مهامه»، على وقع أزمة اقتصادية واجتماعية حادة تشهدها البلاد نجمت عن النزاع الممتد منذ أكثر من أربعة أعوام.
وتأتي إقالة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية كندة شماط، بعد ساعات قليلة على تداول السوريين عبر شبكة الإنترنت صورًا تحتضن فيها واحدا من أبرز ضباط النظام خلال جولة ميدانية رسمية، وهو العقيد سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»، والمحاط بهالة دعائية كبيرة عن قوته وقدراته القيادية في الميدان.
وفيما يبدو مبررا إعفاء وزير التجارة الداخلية لعجز الوزارة عن ضبط الأسعار وتدفق السلع الفاسدة إلى الأسواق في ظل حالة الحرب والانفلات الأمني واستشراء الفساد، لا يوجد سبب مباشر أو مبرر لإعفاء الوزيرة كندة شماط التي وصلت إلى منصبها عبر ما أبدته من ولاء مطلق للنظام ولرئيسه بشكل شخصي، وتأييدها سياسته العسكرية في قمع المناهضين للحكم. وقد دأبت على التعبير عن هذا التوجه في لقاءاتها التلفزيونية قبل وبعد تسلم منصبها الوزاري. ولذا لم يكن مفاجئا ظهورها في جولة مع وفد عسكري على جبهة سهل الغاب في حماه واحتضانها قائد عمليات النظام السوري في إدلب والغاب وحماه ودمشق وغيرها، إلا أن حجاب الوزيرة كندة شماط (مواليد 1973) السنية ابنة مدينة سرغايا بريف دمشق أثار السخط والاستياء في أوساط المعارضين، ومنهم من رأى في تلك الصور موضوعا للسخرية والاستهزاء.
والوزيرة شماط حاصلة على دكتوراه في القانون الخاص من جامعة دمشق عام 2005، وكانت تعمل في الهيئة التدريسية لجامعة دمشق والجامعة الافتراضية والتعليم المفتوح، ومع الكثير من الهيئات والمنظمات السورية كخبيرة قانونية.
وحسب الصور المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي وموقع «كلنا شركاء»، رافق شماط في زيارتها لسهيل الحسن، بعض القيادات الأمنية والعسكرية والسياسية بمنطقة حماه. ونقل ناشطون عن الشماط إهداءها للعقيد (النمر) كلمات قالت فيها: «أي رجل أنت؟ هناك من يعيش الوطن بتفاصيله، تتحول حياته لساحة حرب، تتحول الثواني في يومه إلى تاريخ يقف شامخًا لا خيارات لديه، خياره الوحيد، النصر، ثمة رجل لا يمكن لوصف أن يحتويه».
وتناقل المغردون عدة صور تجمع الاثنين، معلّقين على واحدة تظهر فيها الوزيرة «المحجبة» وهي تحتضن «العقيد النمر» الذي يصفه المعارضون بـ«الضابط متعدد الاستعمالات»، ويُعتبر من أبرز ضباط الأسد الذين ظهروا على الساحة خلال الأشهر الأخيرة، التي شهدت معارك عنيفة في ريفي إدلب وحماه ودمشق.
وفي أوج تفاعل صور الوزيرة والعقيد، التي تعد سابقة في حكومات النظام السوري، صدر مرسوم إقالتها وتسمية ريما القادري وزيرة للشؤون الاجتماعية، فيما بدا وكأن قرار الإقالة مرتبط بظهور تلك الصور. إلا أن ناشط في دمشق ذكر بأن الشماط كانت «غير مرغوب بها في أوساط المؤيدين للنظام، وسبق أن وُجهت إليها تهم بالضلوع ببناء علاقات مع ذوي المقاتلين في المعارضة المسلحة، وانخرطت في عمليات مصالحة خرج بموجبها مئات العائلات نساء وأطفالا من منطقتي عدرا والمعضمية». ونعتت بالوزيرة «القبيسية» لارتدائها الحجاب، ولاعتراضها العلني في أحد اللقاءات على وصف سوريا بـ«البلد العلماني». (القبيسيات هن أتباع الشيخة منيرة القبيسي التي كان لها بالغ الأثر في المجتمع الدمشقي في الثمانينات والتسعينات).
ولم يخفف من تلك التهم ما بذلته الشماط من جهود، وما قامت به من أنشطة في رعاية وزيارة ذوي قتلى النظام في الساحل السوري. ويرجح الناشط المعارض أن تكون جهات من المؤيدين للنظام قد سربت صور الوزيرة والعقيد تمهيدا لإقالتها ولإخفاء الأسباب الحقيقية لاستبعادها، لا سيما أن «أصواتًا كثيرة راحت ترتفع في أوساط أهالي قتلى النظام تتذمر من شح المساعدات والتعويضات وغياب الرعاية وتجاهل تضحياتهم الجسيمة، وظهر ذلك في تقارير ميدانية يبثها التلفزيون الرسمي».
يشار إلى أن الأسد كان قد شكل الحكومة الحالية برئاسة وائل حلقي في 27 أغسطس (آب) 2014 عقب تجديد رئاسته في 3 يونيو (حزيران) من العام نفسه. واحتفظ الوزراء الرئيسيون بمناصبهم في الحكومة الأولى، فيما تولى وزراء جدد الحقائب الاقتصادية والاجتماعية. ويعد هذا التعديل هو الأول للحكومة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم