إيران ترحب بخطة الأمم المتحدة حول سوريا.. والائتلاف يحذر من «تهميش مطالب الشعب»

ممثلون للمعارضة السورية في الداخل إلى موسكو الأحد

إيران ترحب بخطة الأمم المتحدة حول سوريا.. والائتلاف يحذر من «تهميش مطالب الشعب»
TT

إيران ترحب بخطة الأمم المتحدة حول سوريا.. والائتلاف يحذر من «تهميش مطالب الشعب»

إيران ترحب بخطة الأمم المتحدة حول سوريا.. والائتلاف يحذر من «تهميش مطالب الشعب»

رحبت إيران أمس بالخطة الجديدة للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، في تصريح نشرته وكالة إيسنا للأنباء: «يمكن أن نعتبر أن هذه الخطة الجديدة خطوة للأقطاب الإقليميين والدوليين من أجل تفهم أفضل للحقيقة ميدانيا، وعلى الصعيد السياسي».
وأضافت أفخم أن «الجمهورية الإسلامية في إيران تعتبر أن الشعب والحكومة السوريين يضطلعان بالدور الأساسي في هذه العملية».
وإيران أبرز البلدان الإقليمية التي تدعم سوريا، وتقدم مساعدات مالية وعسكرية مهمة، مع مستشارين في الميدان.
وأعلن عدد كبير من المسؤولين الإيرانيين، لا سيما المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، في الأسابيع الأخيرة، أن إيران ستواصل، رغم الاتفاق النووي مع القوى العظمى، سياستها الإقليمية وتدعم حلفاءها، وفي طليعتهم الحكومتان السورية والعراقية.
ودعا مجلس الأمن إلى وقف الحرب «من خلال إطلاق عملية سياسية تقودها سوريا نحو انتقال سياسي يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري». وأيد مجلس الأمن الدولي بالإجماع الاثنين مبادرة تهدف إلى التشجيع على حل سياسي في سوريا، وقد تبنته للمرة الأولى خلال سنتين روسيا والأعضاء الأربعة عشر الآخرون. ويفترض أن تتيح المبادرة التي تنطلق في سبتمبر (أيلول) تشكيل أربع مجموعات عمل حول الأمن والحماية، ومكافحة الإرهاب، والمسائل السياسية والقانونية، وإعادة الإعمار.
وجميع خطط السلام التي اقترحتها الأمم المتحدة أو القوى العظمى أخفقت حتى الآن. وقد اصطدمت المحادثات الأخيرة في 2014 بمصير الرئيس السوري، وهذه نقطة أساسية لم تلحظها المبادرة الأخيرة.
إلى ذلك، بحثت الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري أمس، البيان الرئاسي الصادر عن الأمم المتحدة، والذي تبنى خطة المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
وأكد عضو الهيئة السياسية الحالية والرئيس السابق للائتلاف هادي البحرة، على أنه لا يمكن لأي حل سياسي أن يكون ناجحًا، دون وجود إرادة دولية ملزمة لنظام الأسد بالتعاطي الجدي مع عملية الانتقال السياسي لتمكين الشعب السوري من إعادة صياغة الدستور واختيار قياداته عبر انتخابات حرة ونزيهة.
وشدد البحرة على أن الائتلاف يتعاطى بكل إيجابية مع مبادرة المبعوث الدولي ومع البيان الرئاسي الصادر عن الأمم المتحدة، ويصر على ضرورة أن تكون الخطوات التنفيذية المقترحة لتفعيل تنفيذ بيان جنيف والنقاشات المقترحة بشأنها، تعكس فعليًا تطلعات الشعب السوري وألا يتم الالتفاف عليها من قبل أي جهة كانت، سواء بطريقة اختيار مجموعات النقاش وآليات اتخاذ القرار كما آلية وأسس التفاوض التي قد تنتج عنها. وأضاف أنه لا يمكن أن يتم تحديد مجموعات النقاش والتفاوض لتعطى فرص تمكن البعض من تهميش مطالب الشعب، وإعطاء حكومة النظام وزنا تمثيليًا يوازي تمثيل الشعب أو يفوقه عبر أساليب قد تمنحه تمثيلاً إضافيًا مقنعًا.
في سياق آخر، يصل وفد من المعارضة السورية في الداخل إلى موسكو الأحد المقبل، لإجراء محادثات تستمر أسبوعا، بحسب ما أعلنته وزارة الخارجية الروسية لوكالة الصحافة الفرنسية أمس.
وسيرأس الوفد وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر وهو أيضا عضو في معارضة الداخل، يرافقه نائبان ورجل أعمال والكثير من المسؤولين السياسيين. وسيلتقون الاثنين نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف.
وقال طارق الأحمد عضو المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي، إن الوفد سيبحث مع بوغدانوف المكلف الملف السوري من الرئيس فلاديمير بوتين «الجهود الروسية لتنفيذ قرارات (مؤتمر) جنيف - 1».
وبيان جنيف - 1 الذي وقعته القوى الكبرى في 30 يونيو (حزيران) 2012 كخطة تسوية سياسية للنزاع يلحظ تشكيل حكومة انتقالية من دون أن يتطرق إلى مصير الرئيس بشار الأسد.
وكثف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف محادثاته مع نظرائه، لا سيما الإيراني والسعودي. والتقى أيضا في الآونة الأخيرة في موسكو رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض خالد خوجة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.