«مجلس الجمعيات» يدعو لتبني بنك تنمية سعودي لإنعاش القطاع التعاوني

إبرام عقود تمويل استهلاكي لعدد من الجمعيات تشجع على إيجاد موارد مالية ثابتة

«مجلس الجمعيات» يدعو لتبني بنك تنمية سعودي لإنعاش القطاع التعاوني
TT

«مجلس الجمعيات» يدعو لتبني بنك تنمية سعودي لإنعاش القطاع التعاوني

«مجلس الجمعيات» يدعو لتبني بنك تنمية سعودي لإنعاش القطاع التعاوني

أطلق أمس مجلس الجمعيات التعاونية السعودي دعوة لتأسيس بنك تنمية تعاوني يعمل على دفع قطاع الجمعيات التعاونية التي بدأت تتلمس طريق عودتها للبروز مجددا في الاقتصاد السعودي، في وقت وقع المجلس فيه على عقود تمويل تعاوني استهلاكي لعدد من الجمعيات التعاونية في خطوة ترمي إلى تنمية الموارد المالية لتلك الجمعيات.
ودعا مسؤولو مجلس الجمعيات التعاونية إلى تبني قيام بنك معني بالتمويل التعاوني، إذ إنه وفقا لعبد الله بن محمد الوابلي رئيس مجلس الإدارة، فإن من شأن قيام بنك تنمية تعاوني متخصص أن يشكل قفزة في قطاع الجمعيات التعاونية ويسرع من وتيرة نموها وانتشارها لا سيما أن الحاجة لا تزال ملحة للإقراض في هذا المجال.
وأبان الوابلي أن دعم الحكومة السعودية قائم - حاليا - لتحفيز قطاع الجمعيات التعاونية، حيث حصل المجلس على دعم قيمته 30 مليون ريال من أصل 200 مليون ريال (53.3 مليون دولار) مخصصة لهذا القطاع المهم، مفيدا بأن وزارة الشؤون الاجتماعية تواصل بذلها لتعزيز وتقوية وتمويل الجمعيات التعاونية ضمن مسؤولياتها في خدمة المجتمع.
ولفت الوابلي إلى أن توقيع عقود تمويل التعاون الاستهلاكي المبرم أمس بقيمة عشرة ملايين ريال تمثل باكورة نشاط التعاون الاستهلاكي في مجال التمويل في ظل العمل الدؤوب على تنمية هذا القطاع واستقراء واقعه وتقصّي نتائج أدائه لتقويم التجربة ودراستها تحت مشروع تطوير هذا القطاع الطموح.
ودعا الوابلي رؤساء جمعيات «الثروة الحيوانية»، «متعددة الأغراض بقفار»، و«متعددة الأغراض بوادي بن هشبل» و«الاستهلاكية بالمدينة المنورة» التي تسلمت التمويل أمس، إلى ضرورة تحقيق نجاحات ملموسة وتوفير احتياجات المواطنين من السلع بالسعر الملائم والتوقيت المناسب والجودة الممتازة، مؤكدا سعيهم الدائم لتذليل الصعوبات كافة ومراجعة التجربة وتطويرها.
وكانت السعودية قد حققت قصب السبق في إصدار نظام معني بالجمعيات التعاونية بمنطقة الخليج في الثمانينات الميلادية قبيل سنة واحدة من التجربة الكويتية التي تعد الأبرز والأنجح في المنطقة، إلا أن الجمعيات التعاونية لم يحالفها النجاح في السعودية، حيث أدى ضعف التمويل وتراجع رساميل تلك الجمعيات إلى انحسارها.
ولفت الوابلي إلى أن عودة الجمعيات التعاونية كقطاع مؤسسي واعد تأتي تزامنا مع وجود عدد من العوامل المؤثرة، من أبرزها ارتفاع الأسعار العام في الأسواق والغش التجاري والاحتكار لبعض السلع الرئيسية.
وأوضح الوابلي حول الجهود الحكومية لتعزيز مكانة الجمعيات التعاونية والنهوض بها أن الدولة بتوجيهات من خادم الحرمين خصصت اعتمادات مالية خاصة واعتمدت دعوما مالية، جاء منها تمويل الاتفاقيات المبرمة أمس، مشيرا إلى أن من بين جهود الدولة تخصيص مواقع للجمعيات التعاونية في كل مشروع من مشروعات الإسكان في البلاد.
وأضاف الوابلي في مؤتمر صحافي عقد أمس بالعاصمة السعودية الرياض، أن تحديات صعبة ماثلة أمام الجمعيات بجانب التمويل، يبرز منها أهمية توحيد المشتريات «الشراء الموحد» لتوفير السلع الرئيسية، إذ من شأن هذه الخطوة أن تدعم تقليص الأسعار وتساعد على توفير السلع وتدفقها.
وأضاف الوابلي أن ذلك دفعهم للتخطيط - حاليا - للتوجه نحو تأسيس «جمعية تعاونية مركزية» كمظلة اقتصادية وتجارية للجمعيات التعاونية المختلفة في أرجاء البلاد، لتنحية مجلس الجمعيات التعاونية عن المسؤوليات التجارية والتركيز في مجالها كمظلة عامة للقطاع.
ويؤكد الدكتور ناصر التويم نائب رئيس الجمعيات التعاونية أن العمل ماض في وضع اللبنات الرئيسية وإقامة البنية التحتية من تشريعات ولوائح وتنظيمات تقوي قطاع الجمعيات التعاونية في خطوة يتطلعون فيها إلى قيام بنك تنمية تعاوني متخصص يدعم هذا التوجه.
وزاد التويم أن نمو قطاع الجمعيات التعاونية ستتشكل معه اقتصادات الحجم الكبير في ظل وضع بنية تحتية من الأنظمة التشريعات والإجراءات والاشتراطات الحالية بالإضافة إلى التمويل، مبينا أن هناك معايير متعددة للتفاضل بين الجمعيات وقياس تجربتها.
ودعا التويم البنوك التجارية إلى التوجه نحو تمويل الجمعيات الخيرية، في ظل ما تحققه من عوائد وما يتوقع لها من مستقبل، لافتا إلى أنه يمكن الاتفاق على وضع آليات تمويل سهلة تسرع من عملية الاستفادة من الملاءة المالية المتوافرة لديها.
وطالب التويم خلال المؤتمر الصحافي القطاع الخاص بألا يعتبر الجمعيات التعاونية منافسة له، إذ تعد - حاليا - أحد تحديات القطاع، مشددا على أن دور الجمعيات تكاملي مع القطاع الخاص، داعيا في الوقت ذاته إلى إبرام وثيقة تفاهم تجمع «الجمعيات التعاونية» و«القطاع الخاص» تعزز من التكامل بينهما.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.