شيوخ الأنبار يتبرأون من مؤتمر «التراشق بالكراسي»

قالوا إن الحكومة تدعم العناصر غير الكفؤة

المشاركون في مؤتمر تحرير الأنبار يتشاجرون في ختام أعمال المؤتمر الذي عقد في بغداد أول من أمس («الشرق الأوسط»)
المشاركون في مؤتمر تحرير الأنبار يتشاجرون في ختام أعمال المؤتمر الذي عقد في بغداد أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

شيوخ الأنبار يتبرأون من مؤتمر «التراشق بالكراسي»

المشاركون في مؤتمر تحرير الأنبار يتشاجرون في ختام أعمال المؤتمر الذي عقد في بغداد أول من أمس («الشرق الأوسط»)
المشاركون في مؤتمر تحرير الأنبار يتشاجرون في ختام أعمال المؤتمر الذي عقد في بغداد أول من أمس («الشرق الأوسط»)

قال عضو البرلمان العراقي حامد المطلك إن «العناصر الكفؤة التي لديها القدرة على أن تدير مؤسسات الدولة وتحقق طموحات الشعب العراقي قد أبعدت وأقصيت بحجج وذرائع ليس لها وجود، ومن جاء لإدارة هذه المؤسسات هم الرعاع والجهلة والقتلة والمجرمون والفاسدون وغير الكفؤين، واليوم الأمور تزداد سوءا يوما بعد آخر بسبب تصدي هؤلاء لمراكز الدولة، وهذا المشهد جاء نتيجة ما خطط له الاحتلال الذي جاء بحجة ترسيخ الديمقراطية والأمان والسلام في المنطقة».
وفي تعليقه على أحداث مؤتمر تحرير الأنبار الذي أقيم في العاصمة بغداد أول من أمس، حيث تراشق المشاركون فيه بالكراسي إثر شجار حدث بينهم، قال المطلك لـ«الشرق الأوسط»، إن «المؤتمر أقيم بحجة تحرير الأنبار، وهو لم يكن كذلك، بل هو مؤتمر جاء بجهلاء الأنبار لتكون هذه المشاهد المخزية أمام الرأي العام حصادا لبذور الفتنة الطائفية والعشائرية والحزبية والمصالح الفئوية والشخصية التي وضعها الاحتلال بدلا من التوجهات الوطنية الجامعة للشمل العراقي، والأنبار اليوم لا يقودها الوطنيون أصحاب الكفاءة الذين تم إبعادهم خارج العراق وتم قتلهم على يد (داعش) وغير (داعش)، ليحل محلهم أولئك الذين ارتبطت مصالحهم الشخصية بمصالح الأجندات الخارجية، وأنا لا أعتقد أن هناك علاجا للأوضاع المأساوية في الأنبار ما لم يتم تحرير مدنها من سطوة (داعش) وعودة أهاليها النازحين إلى مدنهم».
من جانبه، أبدى الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي، شيخ عشائر البوفهد، امتعاضه مما جرى ويجري في محافظة الأنبار حيث يتقاتل البعض من قادة الكتل السياسية والعشائرية من أجل المكاسب والمنافع الشخصية، بينما تقبع مدن الأنبار تحت سيطرة مسلحي تنظيم داعش، وأكثر من مليون نازح من أهلها مشردون.
وقال الفهداوي لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك من المنتفعين من يلهثون وراء المكاسب المادية، وينفذون أجندات خارجية عصفت بالأنبار وأهلها، ليكافئهم المحتل بجعلهم أصحاب مواقع سيادية وهم لا يستحقون. والغريب في الأمر أن الحكومة المركزية في بغداد ترعاهم وتقدم الدعم لهم، بينما تغض النظر عن أبطال الأنبار المتصدين لتنظيم داعش بأموالهم وأنفسهم».
وأضاف الفهداوي: «إننا اليوم نقاتل (داعش) بعيدا عن الدعم الحكومي، لأننا أصحاب هذه الأرض ولا نرضى بتدنيسها من قبل (داعش) الذي جاء به المفسدون من المتهافتين على السلطة ومناصبها، بل راح البعض منهم إلى طلب الدعم الخارجي والداخلي وهم بعيدون عن الأنبار ويقيمون في أضخم الفنادق ليتاجروا في عملية تحرير الأنبار ويقبضوا ثمن دماء أبنائنا الذين يتصدون ببسالة دفاعا عما تبقى من مدن الأنبار».
من جانب آخر، أعلنت رابطة علماء الأنبار تبنيها لمشروع مصالحة بين عشائر الرمادي. وقال عضو الرابطة الشيخ حسام الكربولي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرابطة أبلغت وجهاء الأنبار وشيوخها بضرورة إنهاء الصراع والمشاكل العشائرية والعمل على مواجهة تنظيم داعش». وأضاف أن «مؤتمرا عاما سيعقد في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق منتصف الشهر القادم يضم أغلب العشائر الأنبارية».
فيما قال الأمين العام لجماعة علماء أهل السنة والجماعة الشيخ جلال العزاوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن مؤتمرا سيعقد في الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل في العاصمة الأردنية عمان للتركيز على كيفية تخليص المناطق السنية من شبح عصابات «داعش» الإرهابية والمصالحة بين العشائر. وأضاف العزاوي «إن مؤتمرا عقد في مدينة أربيل في 25 مارس (آذار) الماضي، لعلماء السنة بمشاركة ممثل جامعة الأزهر، بهدف توحيد المواقف تجاه ممارسات عصابات (داعش) وفصلها عن الدين الإسلامي، وسط دعوات بضرورة توحيد الموقف السني».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.