سينما إيران بحاجة إلى «منقذ»

السينما الإيرانية بعد قرن من النشاط والتطور والازدهار في المجالات المختلفة، واجهت مشكلات كثيرة في مجال الإدارة والإنتاج والعرض في السنوات الأخيرة. بعبارة أخرى، يمكننا القول إن صناعة السينما في إيران تسير نحو التراجع. وهذا ما عبر عنه المنتج الإيراني حميد هنري قائلا: «انتهى العهد الذي كانت فيه السينما الإيرانية تلعب دور السفير الثقافي الوحيد، ويجب التعامل مع السينما على أنها الثمرة الجيدة للصناعة، وأن هذه النظرة يجب أن تتحول إلى أمر إجرائي ويتم تنفيذه».
بدراسة الأخبار وإحصاءات السنوات الأخيرة، يمكن أن نتوصل إلى أن مشاركة المنتجين والناشطين في مجال السينما في المحافل الدولية، أصبحت أكبر، وأن السينمائيين الإيرانيين نجحوا نجاحا لافتا في هذا المجال. إلى جانب هذا النجاح على المستوى الدولي، فإن إنتاج الأفلام في إيران يواجه تراجعا، ومن جانب آخر، فإن دور السينما تعاني من ظاهرة تراجع بيع البطاقات بعد أن فقدت السينما الإيرانية قدرتها على اجتذاب الجمهور لأسباب مختلفة.
من أجل أن نرى الحالة العامة للسينما الإيرانية في هذه الأيام، يكفي أن نلقي نظرة إجمالية على إحصاءات المبيعات وعدد المشاهدين الذي تراجع بشدة، وكذلك إحصاءات إغلاق دور السينما والجوائز الدولية المتزايدة. حمید هنري منتج إيراني قال حول إحصاءات إنتاج والأفلام الإيرانية ومبيعاتها في الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين: «إن مقارنة تلك الإحصاءات مع إحصاءات الأعوام الأخيرة الماضية تشير إلى أن السينما الإيرانية تمتلك طاقة كامنة جيدة في المجالات المختلفة، ولكن للأسف لا يتم استغلال هذه الطاقة».
لكن يعتقد الناقد السينمائي محمد كبرلو، كما قال في مقابلة مع صحيفة «شرق بارسي» (الشرق الفارسية) أن «السينما الإيرانية تتبع مسارها، ومن الطبيعي أن تواجه مشكلات خلال ذلك؛ منها مشكلات في المعدات ومشكلات في البرمجيات».
من المشكلات التي تواجهها السينما في إيران المشكلات في قسم الإنتاج. إن هذا القسم يواجه عجزا في الإمكانات التقنية وضعف الميزانية. بصورة عامة، يحتاج إنتاج الأفلام إلى معدات، كذلك، فإن النقص في الكادر التقني مشكلة أخرى من المشكلات إلى تواجه قطاع الإنتاج في السينما الإيرانية. إن حل هذه المشكلة لا يتم عن طريق الدعم المالي فحسب؛ بل هناك حاجة لإدارة وتخطيط صحيحين.
علي جنتي الذي تولى حقيبة وزارة الثقافة والإرشاد في الحكومة الجديدة، أشار إلى المشكلات الحالية التي تواجه الأفلام في اجتماعاته المختلفة مع أهل السينما. بصفته الشخص المسؤول عن إدارة السينما والتخطيط، فإنه هو أيضا يرى أن الطاقة الموجودة لا يتم استثمارها حاليا كما يجب. ويقول إن «إيران حاليا تملك الطاقة الكامنة لإنتاج 100 فيلم سينمائي في العام، ولكن الإحصائية في السنوات السابقة كانت أقل من ذلك بكثير، وأدى ذلك إلى تضرر المجتمع الفني كثيرا».
كما واجهت السينما الإيرانية تراجعا في عدد الجمهور خلال السنوات الأخيرة الماضية. يمكن اعتبار كون الأفلام غير جذابة، أحد الأسباب في هذا التراجع في عدد الجمهور.. الانتقادات السلبية المختلفة أدت إلى عدم تمكن السينمائيين من العمل بحرية، وهذا الأمر أثر كثيرا على جودة الأفلام.
ولهذا يعتقد كبرلو أنه «يجب توفير جو مناسب كي يستطيع المؤلفون وكاتبو الحوار السينمائي الكتابة بإبداع وأن يعرضوا المواضيع الاجتماعية في المجتمع بحرية». بالإضافة إلى النقص في عدد صالات السينما في إيران، فإن الكثير من صالات السينما الموجودة حاليا في المحافظات وفي بعض مناطق طهران لم تحقق معايير الجودة من أجل عرض الأفلام السينمائية. لذلك نرى أن كثيرا من الإيرانيين يفضلون مشاهدة الأفلام الأجنبية منخفضة التكلفة وعالية الجودة عبر شاشات التلفاز الكبيرة عالية الجودة، بدلا من الذهاب إلى السينما ودفع مبالغ طائلة للجلوس على كراس غير مريحة وبإمكانات ضعيفة.
يقول كبرلو في إشارة إلى ضعف المعدات في السينما الإيرانية: «يجب أن تتطور طريقة بناء الصالات في البلاد، وكذلك الصالات الموجودة، لكي تستطيع السينما الإيرانية أن تستمر وتتطور».
وعلى الرغم من وجود كل هذه المشكلات، فإن السينمائيين الإيرانيين يأملون أن تتحسن الأوضاع. إن السينمائيين يطالبون المجتمع الإداري بالدعم «بنظرة خالصة مقرونة بالإيمان». من دون شك لم تعد السينما اليوم تحاول تصغير الأفكار الكبيرة، إن أي منتج يحمل أي فكرة يستطيع أن ينطلق لصناعة الأفلام، وأن يقرب نفسه من معتقدات المجتمع من خلال السينما، وأن يؤثر على التطور الثقافي والاجتماعي للمجتمع.
بتسلم الوزير الجديد ومديري السينما الجدد في إيران مناصبهم، نُشرت مطالب أهل السينما في وسائل الإعلام بطرق مختلفة. يجب الانتباه إلى أن المطالب من الممكن أن يكون لها معنى حقيقي متى ما كان هنالك أذن تصغي إليها. من الممكن أن نقول إن أحد مطالب مجموعة أهل السينما اليوم هو الحوار مع المسؤولين والمديرين.
يقول هنري حول ذلك: «يجب أن يتجه مسؤولو السينما نحو الحوار مع أهل السينما، وأن يتشاوروا معهم من أجل وضع الخطط. إن سينما إيران تملك كل شيء، لكنها تحتاج إلى رجل يقوم بتنظيم ذلك ليصل بها إلى مكانة عالية».