وكالة أوروبية: عدد المهاجرين إلى أوروبا تضاعف 3 مرات خلال يوليو

الأمم المتحدة أكدت أن نحو 21 ألف مهاجر وصلوا الأسبوع الماضي بحرًا إلى الجزر اليونانية

وكالة أوروبية: عدد المهاجرين إلى أوروبا تضاعف 3 مرات خلال يوليو
TT

وكالة أوروبية: عدد المهاجرين إلى أوروبا تضاعف 3 مرات خلال يوليو

وكالة أوروبية: عدد المهاجرين إلى أوروبا تضاعف 3 مرات خلال يوليو

أعلنت وكالة «فرونتكس» الأوروبية المكلفة بالحدود الخارجية لمجال شنغن أن عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى حدود الاتحاد الأوروبي ارتفع بمقدار ثلاثة أضعاف في يوليو (تموز) بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي وبلغ 107 آلاف و500 شخص.
وقالت الوكالة التي تتخذ من وارسو مقرا لها إن «هذا الرقم يشكل ثالث رقم قياسي شهري على التوالي.. (أكبر بكثير من سبعين ألفا وصلوا في يونيو/ حزيران الماضي». وأضافت أنه في الأشهر السبعة الأولى من السنة بلغ عدد المهاجرين 340 ألفا مقابل 123 ألفا و500 في الفترة نفسها من 2015 «ما يشكل ضغطا غير مسبوق على سلطات مراقبة الحدود في إيطاليا واليونان والمجر».
من جهتها، أعلنت الأمم المتحدة أمس أن نحو 21 ألف مهاجر وصلوا الأسبوع الماضي بحرا إلى الجزر اليونانية هربا من الحرب والعنف والبؤس في سوريا والعراق وأفغانستان، وطلبت من السلطات اليونانية تقديم مساعدة عاجلة لهم رغم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
وقالت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة إنه خلال أسبوع كان عدد الوافدين إلى اليونان كالعدد الذي سجل خلال ستة أشهر في 2014 العام الذي وصل فيه 43500 مهاجر إلى البلاد.
وأكدت المفوضية أمس أن «عدد المهاجرين الوافدين يزداد بصورة كبيرة» مضيفة أن وتيرة وصول المهاجرين «تسارعت» في الأسابيع الأخيرة.
وطلبت المفوضية من اليونان تعزيزا «عاجلا» لإجراءات الاستقبال على الجزر وباقي أنحاء البلاد وإنشاء «بنية تحتية موحدة مكلفة بتنسيق الرد الطارئ» لمواجهة هذه الأزمة. وتابعت «يجب أيضا وضع آلية مناسبة لتقديم مساعدات إنسانية».
وبين الأول من يناير (كانون الثاني) و14 أغسطس (آب) 2015 وصل 160 ألف مهاجر بحرا إلى اليونان يضاف إليهم 1716 مهاجرا وصلوا عن طريق البر بعبور الحدود اليونانية - التركية. وخلال الفترة نفسها لقي أكثر من 2400 مهاجر مصرعهم خلال محاولتهم عبور المتوسط للوصول إلى أوروبا. وصباح أمس قضى خمسة مهاجرين سوريين إثر غرق مركب كان يقلهم من مدينة بودروم التركية إلى جزيرة كوس وفقا لوكالة أنباء «الأناضول». وكان الزورق ينقل 29 مهاجرا تم إنقاذ 24 منهم. وفي 2014 لقي 3500 شخص مصرعهم في المتوسط أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا.
ووفقا لمنسق المساعدات العاجلة في المفوضية في اليونان روبرتو مينيوني فإن عدد الوافدين الجدد كل ليلة إلى جزيرة كوس يختلف. وصرح لوكالة الصحافة الفرنسية: «قبل ليلتين تم إنقاذ 650 شخصا والليلة الماضية 250 شخصا». وحاليا هناك 1750 مهاجرا على متن عبارة أرسلتها السلطات اليونانية قبالة جزيرة كوس بانتظار تسجيل أسمائهم لمواصلة رحلتهم إلى أثينا أو إلى شمال أوروبا. وأضاف: «نقدر أنه لا يزال هناك 2500 مهاجر على الجزيرة حاليا».
والأسبوع الماضي بلغ عدد الوافدين إلى كوس سبعة آلاف مع فترات انتظار طويلة جدا ودون أي مساعدة غذائية باستثناء مساعدة سياح وسكان شعروا بالشفقة. وليس هناك أي مساكن مهيأة على الجزيرة حتى وإن فتح في أثينا الأحد مخيم يضم 90 منزلا نقالا قادرة على استقبال 600 إلى 700 شخص مع مراحيض وأماكن للاستحمام ومكيفات هواء. وقال مينيوني: «بذلت السلطات اليونانية بعض الجهود وأجرت تحسينات لكن الوضع لا يزال معقدا جدا». ووتيرة معالجة الملفات بطيئة جدا وليس هناك ما يكفي من الشرطيين لتسجيل الطلبات.
ومعظم الأشخاص يصلون في زوارق مطاطية إلى كوس من بودروم في تركيا من سوريا والعراق وأفغانستان. وبحسب المفوضية سيحصل معظمهم على اللجوء. وتستعد ألمانيا الوجهة المفضلة لكثير من اللاجئين لرفع توقعاتها لعدد طالبي اللجوء لعام 2015 الذي قد يصل إلى «750 ألفا» وهو رقم قياسي وفق ما كتبت صحيفة «هاندلسبلات» الاقتصادية الثلاثاء.
والمكتب المسؤول عن الهجرة لم يؤكد لوكالة الصحافة الفرنسية الأرقام التي نشرتها الصحيفة الألمانية مشيرا إلى أن وزير الداخلية الألماني توماس دو ميزيار سيعقد الأربعاء مؤتمرا صحافيا «سيتطرق خلاله إلى هذه التوقعات المعدلة». ووفقا لإحصاءات مكتب يوروستات في 2014 استقبلت ألمانيا وحدها 32.4 في المائة من مجمل طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى الاتحاد الأوروبي. وأخيرا أعلنت السلطات الإيطالية أمس أنها اعتقلت ثمانية مهربين مفترضين بين ركاب الزورق الذي قضى عليه 49 مهاجرا اختناقا بعد منعهم بركلهم ولكمهم من الصعود إلى جسر المركب لاستنشاق الهواء.
وقالت السلطات إنه استنادا إلى «شهادات متطابقة» لناجين وخصوصا أقرباء بعض الضحايا، كشف المحققون مغربيا في العشرين من العمر كان يقود المركب الذي يبلغ طوله 13 مترا ويقل 362 شخصا. أما السبعة الآخرون فكانوا مكلفين بحفظ النظام وخصوصا منع نحو خمسين راكبا من الصعود إلى جسر المركب لأن ذلك يؤدي إلى اختلال توازنه. والمهربون الموقوفون هم مغربيان وأربعة ليبيين تتراوح أعمار معظمهم بين 18 و20 عاما، ومغربي في الثلاثين من العمر وسوري عمره 17 عاما نقل إلى مركز للقاصرين.



تعديل العقيدة النووية الروسية... بوتين يصعّد لهجة تحذيراته للغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلقي كلمة في منتدى «أسبوع الطاقة الروسي» (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلقي كلمة في منتدى «أسبوع الطاقة الروسي» (إ.ب.أ)
TT

تعديل العقيدة النووية الروسية... بوتين يصعّد لهجة تحذيراته للغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلقي كلمة في منتدى «أسبوع الطاقة الروسي» (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلقي كلمة في منتدى «أسبوع الطاقة الروسي» (إ.ب.أ)

رفعت موسكو سقف تهديداتها للغرب، في إطار مواجهة ما وصف بأنه «تهديدات جديدة» تتعرض لها روسيا. وفي أول خطوة عملية للرد على زيادة معدلات الانخراط الغربي في الحرب الأوكرانية، وضعت التعديلات التي استحدثها الرئيس فلاديمير بوتين في العقيدة النووية الروسية مجالات أوسع لاستخدام محتمل للسلاح غير التقليدي، وخفضت سقف الشروط التي كانت تقيّد اللجوء إلى الترسانة النووية للدفاع عن مصالح روسيا وحماية وحدة أراضيها وسيادتها.

الرئيس الروسي ترأس اجتماعاً الأربعاء لمجلس الأمن القومي خُصّص لمناقشة ملف «الردع النووي» (رويترز)

عقب إعلان الرئيس الروسي اتهمت أوكرانيا القيادة في موسكو بـ«الابتزاز النووي». وقال أندري يرماك، كبير مسؤولي مكتب الرئيس الأوكراني، عبر تطبيق «تلغرام»: «لم يتبق لروسيا سوى الابتزاز النووي. ليس لديها أي وسيلة أخرى لترويع العالم»، مضيفاً أن محاولة الترويع لن تجدي نفعاً.

ولم يخفِ الكرملين أن الرسالة الأولى والأهم في التعديلات على العقيدة النووية موجهة مباشرة إلى الغرب الذي تتهمه موسكو بالانخراط المباشر في الأعمال العدائية على جبهات القتال. وهو أمر أوضحه بشكل جلي الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف عندما قال، الخميس، إن «التغييرات في العقيدة النووية الروسية تحمل إشارة مباشرة للدول غير الصديقة».

وأوضح: «هذه إشارة تحذير لتلك الدول من العواقب إذا شاركت في هجوم على بلادنا بوسائل مختلفة، وليس بالضرورة بالوسائل النووية فقط».

ونبَّه إلى أن «رؤساء الدول العقلاء» كانوا يدركون في السابق خطورة تصريحات بوتين، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بـ«مثل هذه المواجهة غير المسبوقة» التي أثارتها المشاركة المباشرة للدول الغربية في الصراع الأوكراني.

المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف (إ.ب.أ)

وأضاف بيسكوف أن إمكانات روسيا النووية ودورها الرادع معروفان في جميع أنحاء العالم. ووفقاً له، يجري الآن «تعديل مقومات الردع النووي»، مع الوضع في الحسبان التوتر المتفاقم على طول محيط حدود البلاد. وشدد ممثل الكرملين على أن «ضامن الردع هو الثالوث النووي الروسي» (الحاملات للرؤوس النووية والمقصود هنا الغواصات والطائرات والصواريخ الاستراتيجية).

وكما أوضح بيسكوف، فإن العقيدة النووية تتكون من وثيقتين: «العقيدة العسكرية النووية» و«أساسيات سياسة الدولة في مجال الردع النووي». وقد صاغ الرئيس الروسي تعديلات على الوثيقة الثانية، الأربعاء، خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي الروسي، وهي الوثيقة التي تنظم آليات وشروط استخدام الترسانة النووية. على أن يتم اصدار مرسوم رئاسي في هذا الشأن قريباً، يكون ملزماً بشكل فوري ولا يحتاج إلى تدابير داخلية مثل مصادقة الهيئات التشريعية في البلاد عليه.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يستمع إلى الخطاب الافتتاحي للجمعية العمومية (د.ب.أ)

ماذا عدلت روسيا في وثيقتها؟

أعلن بوتين في مستهل اجتماع لمجلس الأمن المخصص لملف الردع النووي، عن قرار تحديث «أساسيات سياسة الدولة في مجال الردع النووي». وحدَّد أبرز ملامح التعديلات من خلال التأكيد على أن «العدوان على روسيا من قِبل أي دولة غير نووية بدعم من قوة نووية سيعدّ بمثابة هجوم مشترك؛ ما يمنح روسيا الحق في استخدام الأسلحة النووية حتى لو كان العدوان الذي تواجهه روسيا يتم باستخدام أسلحة تقليدية، بشكل يهدد سيادتها».

عملياً، تم تخفيض عتبة استخدام جميع الأسلحة الموجودة في الترسانة النووية الروسية التي وصفها بوتين بأنها «الأكبر والأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية في العالم».

بعبارة أخرى، فقد تم سدّ الثغرة التي واجهتها روسيا لفترة طويلة، خصوصاً منذ اندلاع الأعمال الحربية في أوكرانيا. وهي التي، وفقاً لبوتين «سمحت للقوى الغربية بمحاربة روسيا بالوكالة، باستخدام القوة البشرية للأوكرانيين». مع التعديل بات لدى بوتين سند قانوني وفقاً لتشريعات بلاده يسمح باتخاذ قرار استخدام أسلحة نووية ضد دول غير النووية إذا شنت عدواناً على روسيا بمساعدة قوى نووية.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)

هذه هي الرسالة التحذيرية الصارمة التي حملتها التعديلات للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. وهي البلدان النووية المنخرطة في الحرب وفقاً لوجهة نظر الكرملين. كما أن التهديد ينسحب بشكل مباشر على أوكرانيا وبولندا ورومانيا وبلدان حوض البلطيق وهي بلدان غير نووية تشارك بوتائر مختلفة في الجهد الحربي.

العنصر الثاني اللافت في التعديلات، تمثل في تحديد أنواع الخطر الذي يمكن تفسيره بأنه يسمح باللجوء إلى السلاح النووي. وهكذا نصت التعديلات على إمكانية استخدام الأسلحة النووية رداً على هجمات بالطائرات والصواريخ والطائرات من دون طيار. وهذه طرازات الأسلحة والمعدات التي تستخدمها أوكرانيا بنشاط في شن هجمات داخل الأراضي الروسية. هنا، لم تعد القيود على استخدام الترسانة النووية تقف عند مواجهة طرازات المعدات القادرة على حمل رؤوس نووية، الآن تستطيع روسيا الرد بشكل حاسم على أي محاولة لتحقيق اختراقات كبرى عبر الحدود باستخدام معدات جوية بما في ذلك المسيّرات.

وقد أوضح الرئيس الروسي أن الوضع الجديد يجب أن يكون واضحاً لكل «خصومنا الاستراتيجيين». محدداً أن «شروط انتقال روسيا إلى استخدام الأسلحة النووية يبرز بوضوح أيضاً، وسننظر في هذا الاحتمال بمجرد أن نتلقى معلومات موثوقة حول إطلاق ضخم للأسلحة الهجومية الجوية وعبورها حدود دولتنا». وأوضح مجدداً أن هذا يشمل «صواريخ كروز والطائرات من دون طيار والطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت وغيرها من الطائرات».

بوتين يزور مصنعاً للطائرات المسيّرة (رويترز)

العنصر الثالث الذي برز في التعديلات أن روسيا سوف تستخدم أيضاً الردع النووي لحماية أقرب حلفائها، بيلاروسيا. ومعلوم أن موسكو نقلت في وقت سابق أسلحة نووية تكتيكية إلى البلد الجار وهددت باستخدامها في حال تعرّض الحليف البيلاروسي أو المناطق الحدودية المجاورة له إلى خطر أو تهديد. وهكذا باتت التعديلات الجديدة تضع سنداً قانونياً لكبس الزر الأحمر في هذه الحالة.

الخيار النووي.. أخير

لكن التعديلات المطروحة لا تعني انتقال روسيا تلقائياً إلى استخدام الأسلحة النووية، فهي تحمل طابعاً تحذيرياً وعنصراً ضاغطاً على السياسات الغربية من دون أن تستثني اللجوء إلى «الخيار الأخير» في حالات التهديد الخطر والمباشر.

وقد لفت نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف الانتباه إلى نقطة مبدأ العدوان من قِبل دولة غير نووية. ووفقاً له، الجميع يفهم ما هي البلدان التي نتحدث عنها. وأكد أن «التغيير ذاته في الشروط التنظيمية لاستخدام بلادنا المكون النووي يمكن أن يهدئ حماسة هؤلاء للانخراط أكثر في عدوانهم المتواصل».

وهذا الأمر ركز عليه بوتين أيضاً في خطابه عندما شدد على أن التطور يهدف «أولاً وقبل كل شيء، إلى تحديد المبدأ الأساسي لاستخدام الأسلحة النووية، وهو أن استخدام القوات النووية هو إجراء متطرف لحماية سيادة البلاد». مجدداً التأكيد على أن بلاده «تعاملت دائماً مع مثل هذه القضايا بأقصى قدر من المسؤولية. وإذ ندرك جيداً القوة الهائلة التي تمتلكها هذه الأسلحة، فقد سعينا إلى تعزيز الإطار القانوني الدولي للاستقرار العالمي ومنع «انتشار» الأسلحة النووية ومكوناتها».

ووصف الثالوث النووي بأنه «أهم ضمانة للأمن» بالنسبة لروسيا، و»أداة للحفاظ على التكافؤ الاستراتيجي وتوازن القوى في العالم». ومع ذلك، تابع بوتين، أن الوضع العسكري السياسي آخذ في التغير، وتظهر مصادر جديدة للتهديدات العسكرية لروسيا وحلفائها، وبالتالي يجب تكييف العقيدة «مع الحقائق الحالية»، مع توضيح شروط استخدام الأسلحة النووية.

زيلينسكي يزور مصنعاً للذخيرة في الولايات المتحدة (أ.ب)

تجب الإشارة إلى الفوارق الرئيسية التي أحدثتها التعديلات عن النسخة السابقة للعقيدة النووية؛ إذ كانت الشروط التي يمكن بموجبها لموسكو استخدام الأسلحة النووية منصوصاً عليها في أساسيات سياسة الدولة للاتحاد الروسي في مجال الردع النووي لعام 2020 تقوم على أربعة شروط رئيسية:

حصول روسيا على معلومات موثوقة حول إطلاق صواريخ باليستية تهاجم أراضيها و/أو أراضي حلفائها؛ يستخدم العدو أسلحة نووية أو أنواعاً أخرى من أسلحة الدمار الشامل ضد روسيا و/أو حلفائها؛ إذا شن الخصم هجوماً بأي وسيلة ضد منشآت حكومية أو عسكرية بشكل يمكن أن يعطل رد فعل القوات النووية الروسية؛ وتعرّض روسيا لهجوم واسع بالأسلحة التقليدية؛ مما يهدد وجود الدولة ذاته.

مع التعديلات لم تعد روسيا في حاجة إلى تحري معلومات أو انتظار هجوم، فهي بات بمقدورها شن هجوم استباقي حتى لو شعرت بخطر عبر استخدام مسيّرات أو هجمات جوية تقليدية.

كيف سار العمل على تغيير العقيدة؟

بدأت القيادة الروسية الحديث عن تغييرات في العقيدة النووية منذ بداية يونيو (حزيران) 2024. ولأول مرة، أدلى بوتين ببيان حول هذه المسألة خلال مشاركته في أعمال نادي «فالداي» للحوار الاستراتيجي أمام عشرات الخبراء من مختلف دول العالم. في تلك الجلسة أثير الحديث عن «فاعلية العقيدة النووية الروسية بنسختها الحالية في مواجهة التهديدات الجديدة»، خصوصاً المتمثلة في «عدوان واسع تشنّه بلدان نووية بشكل غير مباشر».

في ذلك الوقت قال بوتين: «علينا المضي بشكل أكثر صرامة على سلم التصعيد والاستعداد لاستخدام الأسلحة النووية». إلى ذلك، أشار بوتين إلى بند العقيدة النووية القائل بأن روسيا ستستخدم مثل هذه الأسلحة في حالات استثنائية - إذا كان هناك تهديد مباشر لسيادتها وسلامتها الإقليمية. وخلص إلى أنه «لا أعتقد أن مثل هذه الحالة قد نشأت - ليست هناك حاجة إلى مثل هذه الحالة بعد (...)، لكن هذه العقيدة أداة حية، ونحن نراقب بعناية ما يحدث في العالم، من حولنا، ولا نستبعد إجراء بعض التغييرات على هذه العقيدة».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يمين) يزور مصنع ذخيرة الجيش في سكرانتون بولاية بنسلفانيا (إ.ب.أ)

في تلك الفترة تحديداً، أمر بوتين بإجراء تدريبات واسعة على استخدام الأسلحة النووية التكتيكية. وبعد أسابيع من تلك التدريبات التي شملت إجراءات عملية مباشرة، بينها تدريبات على نقل الرؤوس النووية وتخزينها على مقربة من خطوط التماس ثم تفجيرها ضد مواقع العدو الافتراضي، أعلنت قيادة القوات النووية التكتيكية في رسالة وجهت إلى القائد الأعلى للقوات المسلحة (بوتين) أنها باتت على أهبة الاستعداد.

السلاح النووي التكتيكي

لم تنص التعديلات التي تم الحديث عنها في العقيدة النووية على بند خاص يحدد آليات وظروف استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، على الأقل في الشق المعلن من هذه الوثيقة. لكن بوتين كان قد أشار أكثر من مرة في السابق إلى أن التطور المرتبط باستخدام محتمل للسلاح النووي التكتيكي بات على طاولة النقاش الروسي الداخلي.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يخاطب «قمة المستقبل» في «الأمم المتحدة» (إ.ب.أ)

وأوضح في وقت سابق أن سبب التركيز على هذا الموضوع «يرجع إلى ظهور عناصر جديدة - على أي حال، نحن نعلم أن الخصم المحتمل يعمل على ذلك - عناصر تتعلق بخفض عتبة استخدام الأسلحة النووية. على وجه الخصوص، يجري تطوير أجهزة نووية متفجرة ذات طاقة منخفضة للغاية، ونحن نعلم أنه في دوائر الخبراء في الغرب هناك أفكار تتداول حول إمكانية استخدام مثل هذه الأسلحة وليس هناك أي شيء فظيع في هذا الأمر».

ونبّه خلال زيارة نادرة إلى فيتنام قبل أسابيع «قد لا يكون الأمر فظيعاً، لكن يجب أن ننتبه لذلك». ولم يحدد في حينها كيف ستتغير العقيدة في مجالات الاستخدام المحتمل للسلاح النووي التكتيكي. والشيء الوحيد الذي قاله هو أننا «لسنا في حاجة إلى ضربة وقائية بعد... لأنه في الضربة الانتقامية سيتم تدمير العدو بشكل مضمون».