«مالون سولييه».. تدلل قدم المرأة الباحثة عن الراحة والتصميم الفريد

تحت شعار «فصلي حذاءك على مقاسك»

الممصممان ماري أليس مالون وروي لوولت
الممصممان ماري أليس مالون وروي لوولت
TT

«مالون سولييه».. تدلل قدم المرأة الباحثة عن الراحة والتصميم الفريد

الممصممان ماري أليس مالون وروي لوولت
الممصممان ماري أليس مالون وروي لوولت

في الطابق الأخير في إحدى أبنية شارع «ألبيمارل» في منطقة مايفير اللندنية، وعبر مصعد كهربائي صغير تصل إلى باب يفتح أمامك عالما ساحرا، فبمجرد أن يفتح الباب حتى تشعر وكأنك طفل صغير في محل لبيع الحلوى، فلن تعرف إلى أي قطعة تنظر وإلى أي لون تنحاز، وعندما يأتي المصممان الأميركيان ماري أليس مالون وروي لوولت اللذان يقفان وراء ماركة «مالون سولييه Malone Souliers ستقف حائرا فيما إذا كنت ستتغزل بهندام ماري أليس الملقبة بـ«إم إي» أم هندام روي، فبمجرد النظر إليهما تدرك بأنك تقابل شخصين يعشقان الموضة ويترجمانها في حياتهما الشخصية وعملهما.
«إم إي» ولدت وترعرعت في بنسلفينيا وبطلة في الفروسية، ولكن حبها لتصميم وتصنيع الأحذية طغى على حبها للرياضة فتخرجت في معهد تصميم الأزياء بلندن وتخصصت في تصنيع الأحذية يدويا.
وروي يشغل منصب مدير التصميم التنفيذي، متخصص في مجال تصميم وتصنيع الأحذية أيضا ويتمتع بكاريزما عالية وبنظرة ثاقبة للموضة.
وبعد السلام والكلام، كان لا بد من إلقاء نظرة على الأحذية النسائية التي تم توزيعها في أركان مختلفة من المكان، فوق أريكة باللون الوردي وعلى جدار باللون البرتقالي، فأنت محاط بروعة من الألوان والتصميم، وخلف باب خشبي مكسو بقصاصات أوراق رسمت عليها باليد تصاميم مبدئية للأحذية، تجد طاولة كبيرة الحجم تشهد ولادة تصاميم الأحذية على يد المصممين المذكورين بالإضافة إلى مساعدة مصمم ثالث.
إذا كنت لم تسمع بـ«مالون سولييه» بعد، فلن يبقى الأمر كذلك لمدة طويلة، لأن هذه العلامة التجارية أميركية المنشأ آخذة في التوسع ووصلت اليوم إلى كل من السعودية وقطر والإمارات ومصر، وتملك ورشة عمل في لندن تستقبل فيها السيدات الباحثات عن الأحذية الجميلة والمريحة بنفس الوقت والأهم من هذا كله هو أن «مالون سولييه» تقدم خدمة تصميم الأحذية بحسب الطلب لتكون تجربة فريدة.
وبدأ الحديث مع «إم إي» مؤسسة «مالون سولييه»، حيث شرحت لنا كيف تتم عملية التصميم بحسب الطلب Made to Measure Service وقالت إن هذه الخدمة ليست إلا لتدليل قدم المرأة التي تدرك ما تريده من تصميم وخامة والأهم من هذا كله، المرأة التي تبحث عن الراحة، فلا يجوز بأن يكون التصميم الجميل على حساب راحة القدمين وهذه المشكلة نجدها وللأسف مع كثير من دور تصميم الأحذية الراقية.
وتابعت «إم إي»، يبدأ مشوار التصميم الخاص بحسب الطلب، من خلال زيارة تقوم بها السيدة إلى ورشة العمل في لندن، ومن الممكن أيضا بأن ترسل الشركة مصمما إلى السيدة في المكان الذي تريده وفي أي بلد ما، تبدأ العملية من خلال رسم القدم وأخذ قياساتها من جميع الجوانب ويصنع لها قالب خاص لتأمين أكبر قدر من الراحة، وبعدها تختار السيدة الخامات التي تريدها من جلد طبيعي إن كان جلد أفعى، أو جلد لامع أو فرو أو حتى ريش.. وبعدها نختار الألوان التي تتناسب مع التصميم، وهنا يتدخل روي ويقول: «التصميم بحسب الطلب له حدوده ومقاييسه، لأن الشركة تتبع أسلوبا معينا يحدد هويتها وأسلوبها، فمن الممكن أن تحصل السيدة على تصميم فريد ولكن ضمن حدود معقولة تعمل بها الشركة وتتوافق مع صورتها».
وبرأي «إم إي» من المهم جدا بأن تكون هناك علاقة ما بين الزبونة والمصمم، ومن الأفضل بأن تكون الزيارة الأولى وجها إلى وجه وبعدها تكون العملية أسهل بكثير، بحيث تبقى بيانات ومقاسات السيدة محفوظة لدى المصمم وبعدها من الممكن التواصل عبر طرق تكنولوجية أخرى مثل «سكايب» على سبيل المثال.
والتصميم بحسب الطلب يعتبر مهما جدا للسيدات اللاتي يعانين من مشكلات في القدم، لأن القدم تختلف من شخص إلى آخر.
في الظاهر تبدو وكأنها كلها بنفس الشكل ولكن في الواقع الأمر يختلف بسبب التكوين البيولوجي لكل منا، وقال روي: «مالون سولييه» تبيع أيضا الأحذية الجاهزة في محلات هارفي نيكولز في لندن وعبر موقع «ماتشزفاشن دوت كوم» ولكن هذا لا يعني بأن الأحذية الجاهزة تكون أقل راحة من تلك المصممة خصيصا للزبونة، لأن الأمر هو أشبه بتصميم الملابس، فالمرء يعي عادة ما يليق بجسمه فيتوجه إلى مصمم دون سواه، والأمر هنا ينطبق أيضا على دار تصميم الأحذية التي تلتزم بقوالب معينة وبتقنية معنية في التصميم والتنفيذ تجعل الحذاء مريحا».
وشددت «إم إي» على نقطة مهمة جدا، ألا وهي أن كونها امرأة فهي تدرك ما تريده المرأة وما يناسبها، فتقول: «في بعض الأحيان يركز المصممون الرجال على الشكل من دون التفكير بالناحية العملية، ولأنني امرأة فأنا أعرف كيف يجب أن يكون تصميم الحذاء المريح وأين يجب وضع الكعب، فأنا أنتعل أحذيتي طيلة النهار، ولا أقبل بأن أعاني من التعب منها وبالتالي ليس من المقبول بأن تعاني أي زبونة من هذه المشكلة، وفي بعض الأحيان تختار السيدة حذاء جاهزا وتعود إلينا لتغيير شيء بسيط فيه ليتناسب مع قدمها، وبما أننا نقوم بقص الجلد وتجميع الحذاء هنا في الورشة فهذا الأمر سهل جدا، ويقاطع روي ويقول مبتسما: «أحذيتنا تأتي مع كفالة»، مشيرًا إلى أن الأحذية الراقية لا بد أن تكون جيدة النوعية ومريحة وجميلة بنفس الوقت، ولا يجوز بأن يركز المصمم على الشكل فقط، متناسيًا الأمور الأساسية الأخرى، خاصة إذا كنا نتكلم عن حذاء يبدأ سعر الجاهز منه (300 جنيه إسترليني) نحو 500 دولار أميركي ويضاف إليه 20 في المائة للحذاء المصمم بحسب الطلب.
وتستغرق عميلة تصميم الحذاء بحسب المقاس والطلب نحو الأسبوعين، وفي حال كان الطلب خاص جدا على طريقة الـBespoke فقد تستغرق العملية نحو الشهرين.
ورشة العمل وصالة العرض في لندن ليست صرحا تجاريا وهذا ما تسعى الشركة إليه، فهي مساحة خاصة لا يدخل إليها أي كان من المتسوقين إلا من خلال موعد سابق، وهذا ما يجعل التجربة فرصة فريدة من نوعها تشعر خلالها السيدة بالأهمية والخصوصية التامة.
ومن الملاحظ من خلال التصميمات الجاهزة التي تتفاوت من حيث علو كعبها أنها ملونة بمعظمها، وردا على سؤالنا عما إذا كان هناك موسم معين للألوان، ردت «إم إي»: «في أيامنا هذه وبحكم سفر المرأة بحجة العمل أو غيرها فلا نعمل بحسب الموسم على قدر العمل بحسب الطلب والحاجة، كما أن (مالون سولييه) ليست مخصصة للتصاميم الكلاسيكية بلون واحد، فنحن نسعى للتفرد من خلال اللون والتصميم ولكن بطريقة راقية وفاخرة بنفس الوقت».
وعن شخصية المرأة التي تتناسب مع أحذية «مالون سولييه» يقول روي: «نحن نصمم لكل سيدة تحب الموضة والرقي في التصميم، ولكننا نأخذ في الحسبان طبيعة عملها ووضعها الاجتماعي، فلدينا سيدات يتبوأن مراكز عالية في القطاع المصرفي، نساعدهن في اختيار أحذية راقية تواكب الموضة بعيدا عن الكلاسيكية ولكن ضمن ما يتناسب مع دائرة عملهن وأسلوبهن الشخصي».
وعن المرأة العربية يقول روي إنه سعيد جدا لتعامله مع سيدات عربيات، فبرأيه أنهن يتمتعن بذوق راق ورفيع، ولكن هناك مشكلة تكمن في الأشخاص المختصين بشراء القطع لعرضها في السوق العربية ويتابع روي: «هناك سوء فهم كبير لذوق المرأة العربية، وهذا ما يجعلها تفضل التسوق في أوروبا على شراء القطع من الدار نفسها في بلدها».
وبالنسبة لـ«إم إي» العلاقة ما بين الزبونة والمصمم مهمة جدا وتشرح: «في كثير من الأحيان عندما أقوم بتصميم حذاء ما استوحيت شكله من أسلوب إحداهن، أفكر بإحدى زبوناتي وأقول في قرارة نفسي، هذا التصميم يتلاءم مع فلانة، وفي بعض الأحيان اتصل بالزبونة وأقول لها لدي حذاء قد يكون مناسبا جدا لك».
الأحذية الجاهزة لا تصنع بأكثر من أربعة ألوان ولا أكثر من 200 قطعة، ويقول روي إن «مالون سولييه» أنشئت من نحو ثلاث سنوات ونصف السنة ولكن لم ترد بأن تتوسع قبل أن تكون خطاها قوية، أما من ناحية التسويق، فتسعى الشركة إلى إجراء المقابلات في صحف ومجلات رائدة في العالم بدلا من وضع الإعلانات على جميع الصفحات لتصبح العلامة «تجارية» أكثر منها «خاصة» وفريدة وراقية. وختم روي اللقاء بالقول: «نحن نبيع نوعية وليس كمية».



الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».