خبراء وساسة دعوا في الدار البيضاء إلى انخراط النخب العربية في الارتقاء بالتحولات الديمقراطية

جورج إسحاق: ما تشهده مصر حاليا هو نتاج لصراع «فقه المحكومين» و«فقه الحاكم»

خبراء وساسة دعوا في الدار البيضاء إلى انخراط النخب العربية في الارتقاء بالتحولات الديمقراطية
TT

خبراء وساسة دعوا في الدار البيضاء إلى انخراط النخب العربية في الارتقاء بالتحولات الديمقراطية

خبراء وساسة دعوا في الدار البيضاء إلى انخراط النخب العربية في الارتقاء بالتحولات الديمقراطية

دعا الخبراء والسياسيون المشاركون في ندوة «التحولات المعاصرة في العالم العربي: أي دور للنخب؟»، المنظمة ضمن فعاليات الدورة العشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء، إلى ضرورة انخراط النخب في الارتقاء بالتحولات الديمقراطية في العالم العربي، مشيرين إلى أن دورها كان محتشما وهامشيا، وأن الذي صنع التغيير هم الشباب. وقال المشاركون، في الندوة التي نظمها رواق مجلس الجالية المغربية بالخارج، مساء أول من أمس، إن النخب رافقت التحول وحاولت أن تركب عليه أو أن تسبقه، مؤكدين على ضرورة أن تتعبأ كل النخب حتى لا يتحول الربيع إلى خريف، مشيرين إلى أن إسقاط الاستبداد، وإنهاء التسلط، يتطلب مجهودا ومعرفة لبناء دولة القانون والحريات ومجتمعات الديمقراطية.
وقال محمد أوجار، وزير حقوق الإنسان المغربي الأسبق، ورئيس مركز الشروق للديمقراطية والإعلام «إن المغرب أنتج تجربة متميزة في صياغة التحولات الاجتماعية والسياسية، واستفاد من تجربته وتراكمه في بناء منهجية متميزة في هذا التحول الذي لا يعني الثورة أو الدم أو القطيعة»، مضيفا أن المغرب أثبت أن المنهجية التوافقية لتدبير عمليات التحول الديمقراطي هي الأنجع. وأكد أوجار أن الملك محمد السادس كانت له الجرأة وشجاعة التعاطي الإيجابي مع المطالب التغييرية والإصلاحية، موضحا أن اندلاع الربيع العربي ووصول رياح التغيير إلى شوارع وفضاءات المدن المغربية وخروج الشباب في حركة «20 فبراير» وغيرها، شهد مبادرة استباقية للملك بالدعوة إلى تغيير الدستور.
ومن جهته، قال جورج إسحاق، السياسي المصري والمنسق السابق لحركة «كفاية»، إن النخبة القديمة ساعدت على استبداد الحاكم بشكل واضح جدا من خلال التشريعات والمقالات والإعلام والأحاديث المختلفة، مضيفا أن ذلك شكل خطرا كبيرا لأن النخبة كانت تبحث عن مصالحها فقط وتخدم الحاكم وليس المحكومين.
وأبرز إسحاق أن مصر بعد «25 يناير» ظهرت فيها نخبة جديدة، هي نخبة الشباب والجيل الصغير الذي دفع الثمن، وقال «يبقى الفكر متواريا شيئا ما في عصور التردي والارتباك، لكن عندما تستقر الأمور سيظهر طه حسين ثان، وأحمد بهاء ثان، وكل الرموز العظيمة التي أثرت العالم العربي، وأفكارها ستظهر مرة ثانية».
وعد إسحاق ثلاثة مكتسبات تحققت في ما يخص التجربة المصرية منذ ظهور حركة «كفاية» سنة 2004، وهي كسر ثقافة الخوف عند المصريين، واقتناص حق التظاهر في ظل نظام مستبد، وكذا أخذ حق نقد رئيس الدولة.
وحول الوضع في مصر اليوم، قال إسحاق «أمامنا خارطة طريق تقدمنا فيها من خلال دستور جديد وانتخابات رئاسية وبرلمانية مقبلة، وعندما تستقر الأمور سوف تزدهر جدا»، مفيدا بأن ما تعرفه مصر حاليا هو نتاج لصراع «فقه المحكومين» و«فقه الحاكم»، معتبرا إياه أمرا إيجابيا سيسهم في خلق دولة قوية.
من جهته، قال الشاعر والكاتب الجزائري عمر أزراج «إن الحراك السياسي في العالم العربي هو تعبير دراماتيكي عن مجموعة من الإخفاقات التي حصلت داخل البنى الثقافية والسياسية والاجتماعية»، مشيرا إلى عدم حصول قطيعة مع التخلف بشكل جذري. وأوضح أزراج أن الحراك والتململ شيء إيجابي إلا أنه وحده لا يكفي، داعيا إلى تغيير الجذور الثقافية داخل النسق النفسي والرمزي. وقال «إذا لم نجتث التخلف من داخل بنيتنا النفسية، فإننا لا يمكن أن نجتثه أيضا من البنى الاقتصادية والإدارية والتعليمية وغيرها»، كما دعا إلى الإجابة عن سؤال: ماذا نريد على الصعيد السياسي؟.. وزاد قائلا «نحن نريد وحدة عربية إسلامية مؤسسة على الديمقراطية دون إلحاق الضرر بالإثنيات والتعدديات الثقافية»، مبرزا أن النخبة الواقفة وحدها في الفراغ لا يمكن أن تغير شيئا، وأن المجتمع ليس مجرد نخبة، وأن القيادة لا يمكن أن تكون من طرف النخبة فقط.
ومن جهته، ذكر عبد الله ولد أباه، أستاذ تاريخ الفلسفة بجامعة نواكشوط، أن أهم ما حدث خلال الحراك العربي هو كسر البنية الاستبدادية في العالم العربي، متسائلا «هل أفضى هذا الانكسار إلى تحول ديمقراطي حقيقي؟ كيف نحافظ على بنية الدولة أمام ما نراه من تفكك مجتمعي؟ وهل استطاعت هذه التحولات أن تكرس مسارا للتحول الثقافي يجعل المجتمعات العربية أكثر قابلية للتحول الديمقراطي؟».
وعن دور الإعلام في التحولات التي عرفها العالم العربي خلال السنوات الثلاث التي شهدت ما سمي بـ«الربيع العربي»، أبرز ولد أباه أن ثورة الإعلام كان لها دور حاسم في كسر الاستبداد، وعزا ذلك لكون الصورة أصبحت أكثر تأثيرا من المعرفة، ولم تعد حاملة للخطاب فقط بل منتجة له ومؤثرة فيه، مذكرا بأن الحركات الاحتجاجية التي عرفها العالم العربي في فترة الثمانينات والتسعينات كانت تفتقد لوسائط إعلامية بحكم احتكار الأنظمة للمجال المسموع والمرئي، مما جعل صداها محدودا مقارنة مع ما هو عليه الأمر اليوم.
أما علي راشد النعيمي، مدير جامعة الإمارات العربية المتحدة، فيرى أنه من الخطأ اختزال التحولات التي عرفتها المنطقة العربية في سقوط نظام سياسي معين بالنظر لكونها أسقطت نظريات ومفاهيم وآيديولوجيات، مشيرا إلى أن دور النخب الكلاسيكية المتمثل في التنظير وقيادة المجتمع نحو حركة تنويرية وانتظار استجابته، قد تغير مع العولمة، موضحا أنها كسرت الحواجز بين الثقافات، وأصبح معها الشباب العربي في تعامل دائم مع نخب من خارج العالم العربي.
وتحدث راشد الجنيبي (العريمي)، رئيس تحرير جريدة «الاتحاد» الإماراتية سابقا، عن تطور النخب في المجتمعات العربية، بدءا من ترسخ مفهوم النخب في الوجدان العربي في تلك القامات والشخصيات الفكرية التي تملك القدرة على التأثير في المجتمع وصنع الرأي العام، ومرورا بالنخب الليبرالية والعلمانية التي حاولت أن تستمد مشروعيتها من الغرب، مفيدا بأنها بعد أن فقدت القدرة على التأثير في المجتمع، فتحت المجال أمام النخبة الدينية التي استمدت مشروعيتها من الشارع ومن الاحتجاجات وتحولت إلى نخبة لأنها رصدت فشل النخب الليبرالية في توقع ما حدث واستيعابه.
وكشف العريمي أن هذا الوضع أدى إلى صراع بلغ حد «الحرب الفكرية» بين النخبة الدينية والنخبة الليبرالية العلمانية، وبين نموذجين متقابلين يريد أحدهما إخراج المجتمع من تاريخه والعودة به إلى قرون سابقة، ويسعى آخر إلى أن يجعل من هذا المجتمع العربي مجتمعا باريسيا أو لندنيا، معبرا عن تشاؤمه مما حدث في المنطقة العربية، وقال «إن أي جديد سيأتي بنخب جديدة وسيجعل الجميع يتفاجأون نظرا لبداية انهيار مفهوم الأسرة الممتدة والفراغ للموجود على مستوى التنشئة السياسية في المجتمعات العربية»، مضيفا أن وسائل التواصل الحديثة تخلق وعيا جديدا لا يدري أحد أين سيصل.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.