الحكومة المصرية تفشل في احتواء المحتجين على قانون «الخدمة المدنية».. والأزمة إلى تصعيد

اجتماع تنسيقي لقيادات نقابات مستقلة غدًا

الحكومة المصرية تفشل في احتواء المحتجين على قانون «الخدمة المدنية».. والأزمة إلى تصعيد
TT

الحكومة المصرية تفشل في احتواء المحتجين على قانون «الخدمة المدنية».. والأزمة إلى تصعيد

الحكومة المصرية تفشل في احتواء المحتجين على قانون «الخدمة المدنية».. والأزمة إلى تصعيد

قال قادة نقابيون إن اجتماعهم مع رئيس مجلس الوزراء المصري، إبراهيم محلب، أمس (الثلاثاء) «فشل» في التوصل لتوافق حول قانون الخدمة المدنية، الذي أقرته الحكومة في مارس (آذار) الماضي، ويطالب موظفون في الحكومة بإلغائه.
وراقب رئيس الحكومة الأزمة عن بعد، لكن وقفة احتجاجية شارك فيها آلاف الموظفين، ملوحين بالتصعيد، دفعته لطلب لقاء معهم لبحث مطالبهم. ووصفت فاطمة فؤاد رئيسة النقابة المستقلة للعاملين في الضرائب والجمارك، اللقاء بـ«الفاشل»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الحكومة أصدرت بيانها عن اللقاء بمجرد أن بدأ.. النتائج كانت معروفه سلفا، ولم نتلق سوى مجرد وعود».
وتظاهر نحو 10 آلاف موظف في وسط القاهرة، الأسبوع الماضي، رفضا لقانون «الخدمة المدنية» المثير للجدل، في واحدة من الاحتجاجات الاجتماعية النادرة منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، قبل ما يزيد على العامين.
وأضافت فؤاد أن «رئيس الوزراء عاتبنا (وفد النقابة المستقلة) على التظاهر، وقال إنها (المظاهرات) تعطي انطباعا سيئا عن البلاد، فأجبته: إذن على الحكومة أن تحتوي الموقف».
ويقول المسؤولون إن قانون الخدمة المدنية يهدف إلى «إصلاح الجهاز الإداري للدولة وعلاج تشوهات نظام الأجور بها»؛ لكن معارضيه يعدونه محاولة لـ«تكريس الفساد، وتخفيض أعداد موظفي الدولة من خلال الحد من التعيينات وتشجيع المعاش المبكر».
وقال بيان مجلس الوزراء أمس إن محلب تعهد «بعدم إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية إلا بعد مناقشات مستفيضة مع الخبراء وأصحاب الشأن، مطالبا جميع العاملين بالدولة ببذل أقصى جهد لتحقيق مصلحة الوطن».
وأضاف البيان أن «قانون الخدمة المدنية جاء استجابة لمطلب شعبي ممن يعانون من ترهل الأداء الحكومي والبيروقراطية، وأن القانون خطوة أساسية للإصلاح الإداري».
وأشار محلب إلى أن «القانون (قانون الخدمة المدنية) لن ينهي خدمة أي موظف أو يخفض الرواتب، بل سيحفز الموظفين، ويطبق مبدأ ربط الأجر بالإنتاج، وسيحدد الوزير المختص نظم الحوافز المقررة»، متعهدا بدراسة المقترحات المقدمة من ممثلي الضرائب والجمارك، من خلال لجنة من الخبراء والمتخصصين، بحسب بيان مجلس الوزراء.
لكن موظفين بالضرائب على المبيعات والجمارك قالوا لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق إن القانون وحتى قبل صدور لائحته التنفيذية خفض رواتبهم بنحو 210 جنيهات (27 دولارا).
وقالت فؤاد إن «وزير التخطيط (أشرف العربي الذي حضر اللقاء إلى جانب وزير المالية هاني قدري) وعد بإطلاعنا على اللائحة التنفيذية للقانون ودراسة مقترحاتنا، لكن على ما يبدو فإن وزير المالية يقف ضد مقترحاتنا ويتخذ موقفا متعسفا».
وأضافت فؤاد أن «وزير المالية يتعمد لقاء رئيس النقابة الرسمية الذي جاء بالتعيين ويرفض التواصل معنا رغم أننا منتخبون ونمثل أغلبية العاملين في قطاع الضرائب والجمارك». ورفض مسؤولون في وزارة المالية التعليق على الأمر.
ويأخذ خبراء ومراقبون على قانون الخدمة المدنية إسراف نصوصه في الإحالة للائحة التنفيذية. وقال زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء السابق، في مقال نشر له أمس تعليقا على القانون إنه «أحال معظم أحكامه وبشكل مبالغ فيه إلى اللائحة التنفيذية التي يصدرها رئيس مجلس الوزراء ويملك بعد ذلك تعديلها بمطلق إرادته (..) في هذه الحالة القانون كله جرت إحالته للائحة، الأمر الذي دفع إلى المزيد من التوجس والشك في نيات الحكومة».
ويحيل القانون إلى اللائحة التنفيذية «قواعد تشكيل وعمل لجان الموارد البشرية بالوحدات الإدارية، وقواعد تدريب وتأهيل الموظفين، وتدريب الشباب، وقواعد اختيار الوكيل الدائم للوزارة، ومعايير إنشاء المجموعات النوعية بالوزارات والمصالح، وضوابط تنظيم الإعلان عن الوظائف الشاغرة وإجراء الاختبارات لشغلها، وحالات عدم صلاحية المعينين تحت الاختبار، وضوابط التعاقد مع ذوى الخبرات والتخصصات النادرة دون اتباع قواعد التعيين العادية، وقواعد تعيين شاغلي الوظائف العليا، وقواعد الفصل بين الأقارب في الوظيفة، وضوابط وإجراءات تقييم أداء الموظفين، وكيفية إخطار الموظف بتقرير أدائه، وضوابط ومعايير الترقية، وقواعد نقل الموظفين، وقواعد الندب والإعارة، وشروط منح علاوة التميز العلمي، وجميع نظم الحوافز والبدلات، وضوابط الانقطاع عن العمل، وتحديد العطلات والأيام الرسمية، وإجراءات الحصول على الإجازات الاعتيادية، وقواعد حساب الأجر للعاملين لبعض الوقت».
ويعقد قادة نقابات مستقلة غدا جلسة تشاورية هي الثانية لبحث سبل التصعيد ضد القانون، والتنسيق من أجل تنظيم «مظاهرة مليونية» للضغط على الحكومة لسحب القانون.
ويشير آخر إحصاء رسمي لجهاز التنظيم والإدارة إلى أن عدد الوظائف المشغولة في جهاز الدولة بالكامل بلغ 5.5 مليون وظيفة، تشكو الحكومة من أن أجورهم تلتهم نحو 218 مليار جنيه في الموازنة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.