لبنان: «النصرة» تبدي استعدادها للإفراج عن اثنين من العسكريين كبادرة حسن نية

وضعت شروطًا جديدة للتعامل مع القضية

لبنان: «النصرة» تبدي استعدادها للإفراج عن اثنين من العسكريين كبادرة حسن نية
TT

لبنان: «النصرة» تبدي استعدادها للإفراج عن اثنين من العسكريين كبادرة حسن نية

لبنان: «النصرة» تبدي استعدادها للإفراج عن اثنين من العسكريين كبادرة حسن نية

بعد جمود في المفاوضات التي كان يتولاها مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم مع خاطفي العسكريين اللبنانيين لدى «جبهة النصرة» لنحو 20 يوما، عمدت «النصرة» خلال الساعات الماضية إلى وضع «خطّة» جديدة في التعامل مع هذا الملف من خلال شروط عدة، وفق ما كشفته مصادر مطلعة على القضية، لـ«الشرق الأوسط»، فيما فشل أهالي العسكريين التسعة المخطوفين لدى تنظيم داعش يوم أمس في اللقاء بأبنائهم على غرار ما كان يحدث مع عائلات المخطوفين لدى «النصرة»، في غياب أي وساطة بين التنظيم وأي طرف من الجهة اللبنانية منذ أشهر عدّة.
وأوضحت المصادر المطلعة على موقف «النصرة» أن الأخيرة اتخذت قرارا برفض معاودة التفاوض مع إبراهيم، والطلب من الحكومة اللبنانية تعيين جهة بدلا عنه للتفاوض مع شخصية جديدة من «الجيش الحر» موجودة في تركيا عينتها لتولي المهمة باسمها نيابة عن أمير الجبهة في القلمون «أبي مالك التلي». ولفتت إلى أن هذه الشخصية قد بدأت يوم أمس التواصل مع جهات على صلة بمعنيين في الحكومة وتبلّغت بأنها ستلقى ردا على طلبها خلال ساعات قليلة.
وفي حين أشارت المصادر إلى أن الجهة الخاطفة تأمل التجاوب من قبل الحكومة اللبنانية، أكّدت أن «النصرة» مستعدة لإطلاق سراح اثنين من العسكريين لديها مقابل فدية مالية، من غير الطائفة السنية، وتحديدا من المسيحيين والدروز الموجودين لديها كبادرة حسن نية، وقد أبلغت هذا الطرح إلى الحكومة اللبنانية عبر المفاوض، على أن تضمن التعامل بشكل جدي مع هذه القضية ويفتح باب النقاش بشأن العسكريين الآخرين. وأضافت «تعتقد (النصرة) أن التواصل مع الحكومة اللبنانية ستكون له نتائج إيجابية»، مشيرة إلى أنّه «لم يعد هناك وجود لأي وسيط قطري أو تركي أو أي طرف آخر في هذه القضية». مع العلم بأن شروطا عدّة كانت قد طرحتها «النصرة» قبل ذلك في ملف العسكريين المخطوفين لديها منذ اختطافهم في معركة عرسال في شهر أغسطس (آب) من العام الماضي، بدأت بالطلب بانسحاب حزب الله من سوريا مرورا بإطلاق سراح 15 موقوفا مما يعرف بـ«الموقوفين الإسلاميين المتشددين» في السجون اللبنانية، بينهم غير لبنانيين، ومن ثم تخفيف القيود والضغوط على مخيمات اللاجئين في عرسال وجوارها، ومن ثم كذلك الطلب بفدية مالية وفتح ممر آمن للمعارضة العسكرية لتوصيل المساعدات الغذائية.
وكانت معلومات قد أشارت إلى أنّ ما يعوق المفاوضات هو تمسكّ اللواء إبراهيم بالإفراج عن العسكريين الـ16 دفعة واحدة وإصرار «النصرة» على إطلاق سراحهم على دفعات.
في غضون ذلك، وفي حين لم يتمكّن أهالي العسكريين الموجودين لدى «داعش» من ملاقاة أبنائهم يوم أمس بعد ثلاثة أيام من وجودهم في جرود عرسال، لم تستبعد مصادر في المعارضة أن تنعكس قضية توقيف الشيخ المتشدد أحمد الأسير سلبا على من هم لدى «داعش»، مرجحة أن يستخدم التنظيم ورقته للضغط في هذا الاتجاه. مع العلم بأنه وفي حين استطاع أعالي العسكريين لدى «النصرة» اللقاء بأبنائهم والتواصل معهم بشكل دوري، لا يزال التواصل بين المخطوفين لدى «داعش» مفقودا منذ أشهر عدّة.
وكان الأهالي قرروا التحرك بأنفسهم متوجهين إلى عرسال قبل أربعة أيام آملين لقاء أبنائهم أو الحصول على معلومات تطمئنهم عنهم، لكنهم يوم أمس عادوا أدراجهم من دون أن يتمكنوا من الوصول إلى العسكريين، وذلك بعد انتظار ثلاث ساعات في الجرود لأسباب خاصة بالتنظيم، وفق ما أعلن نظام مغيط شقيق المعاون أول إبراهيم مغيط.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.