الأمم المتحدة تعلن «منطقة أمنية» في شمال مالي

بعد معارك بين مجموعة مسلحة موالية للحكومة ومتمردين

الأمم المتحدة تعلن «منطقة أمنية» في شمال مالي
TT

الأمم المتحدة تعلن «منطقة أمنية» في شمال مالي

الأمم المتحدة تعلن «منطقة أمنية» في شمال مالي

أعلنت الأمم المتحدة إقامة «منطقة أمنية»، في محيط مدينة كيدال بشمال مالي اعتبارًا من اليوم (الثلاثاء)، بعد معارك بين مجموعة مسلحة موالية للحكومة ومتمردين غالبيتهم من الطوارق أوقعت عدة قتلى الاثنين.
واستمرت المعارك الاثنين لليوم الثالث على التوالي بين تنسيقية حركات أزواد (تمرد) والطوارق المسلحين وحلفائهم حول مدينة كيدال، معقل حركات أزواد والواقعة على بعد 1500 كلم شمال باماكو العاصمة.
وتنسيقية حركات أزواد ومجموعات الدفاع الذاتي من الطوارق وحلفائها موقعة على اتفاق السلام الذي أبرم في العاصمة الجزائرية في 15 مايو (أيار)، مع الحكومة المالية والمجموعات المتحالفة معها، ثم وقعه في 20 يونيو (حزيران) التمرد.
وقال مصدر أمني في بعثة الأمم المتحدة، إنّ المواجهات الاثنين التي كانت الأعنف، دارت في انيفيس التي تبعد نحو 120 كلم إلى جنوب غربي كيدال وأوقعت «ما لا يقل عن عشرة قتلى والكثير من الجرحى».
وجاء في بيان أنّ «بعثة الأمم المتحدة تكرر إدانتها الحازمة للمواجهات المسلحة بين الطرفين منذ 15 أغسطس (آب) الماضي، بما في ذلك السيطرة اليوم (الاثنين) على انيفيس من قبل عناصر مجموعات الطوارق».
وأضاف البيان «من أجل تحاشي أي احتمال لتوسع المعارك التي قد تؤثر سلبا على السكان» في هذه المنطقة، تعلن بعثة الأمم المتحدة في مالي عن سلسلة إجراءات من بينها «إقامة منطقة أمنية بعمق 20 كلم حول مدينة كيدال». موضحًا أنّ «العمل على تطبيقها سيبدأ اعتبارا من الثلاثاء 18 أغسطس (آب) (بالتوقيتين المحلي والعالمي)»، وعلى أن يبقى الإجراء مطبقا «حتى إشعار آخر».
وقال البيان أيضا إن «أي تحرك داخل هذه المنطقة الأمنية من قبل عناصر الطوارق أو التابعين لهم، سيعتبر خطرًا داهما على أمن سكان مدينة كيدال».
وأضاف: «في حال انتهاك هذه المنطقة الأمنية فإن بعثة الأمم المتحدة سوف تتحرك وفقا لمهمتها».
وحسب مصدر أمني أجنبي في منطقة كيدال «هذا يعني أنّ بعثة الأمم المتحدة ستمنع بكل الوسائل أي شخص» من المجموعات الموالية للحكومة «من الدخول إلى هذه المنطقة». وتحدث مصدر أمني آخر اتصلت به وكالة الصحافة الفرنسية في باماكو عن «ما يشبه منطقة حظر»؛ لكن من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.
وحث البيان «الأطراف على وقف المعارك فورًا والعودة إلى المواقع التي كانوا فيها قبل 15 أغسطس (آب) 2015» أي عند بدء المعارك.
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة أيضا أنّها ستجري تحقيقات «لتحديد المسؤوليات في مجال انتهاك وقف إطلاق النار» وستنقل نتائجها إلى مجلس الأمن الدولي.
من جهتها دعت الولايات المتحدة في بيان الأطراف المتحاربة إلى «الإفراج عن السجناء والالتزام» باتفاق السلام الذي وقع إثر عدة أشهر من الوساطة الدولية بقيادة الجزائر.
وهذا الاتفاق هدفه التوصل إلى سلام دائم في شمال مالي، المستعمرة الفرنسية السابقة التي شهدت سلسلة حركات تمرد بقيادة الطوارق منذ السنوات الأولى للاستقلال في 1960.
وحسب المصدر الأمني الأجنبي في منطقة كيدال فإن الطرفين استخدما الاثنين «أسلحة ثقيلة» ويبدو أنهما يريدان السيطرة على طرقات استراتيجية وخصوصًا خلال فصل الأمطار الحالي.
وفي هذه الفترة «يصعب الوصول إلى الكثير من الطرقات في الشمال لتنظيم عمليات التهريب غير المشروعة. وإحدى الطرقات النادرة المفتوحة تقع ناحية منطقة» المعارك كما أضاف.
وكان متمردو الطوارق تحالفوا أولا مع الإسلاميين الذين أقصوهم لاحقًا وسيطروا على شمال مالي في نهاية مارس (آذار) مطلع أبريل (نيسان) 2012. إلى حين إطلاق تدخل عسكري دولي في يناير (كانون الثاني) 2013.
وهذه العملية أدّت إلى طرد المتطرفين إلى حد كبير من تلك المنطقة؛ لكن الكثير من مناطق البلاد لا تزال خارجة عن سيطرة القوات الوطنية والدولية.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.