الحرب في سوريا تهديد لمبانٍ عريقة ذات تفرد معماري

«العابد» في ساحة المرجة الدمشقية أحدها.. وصمم على طراز «الروكوكو» المعماري الأوروبي

الحرب في سوريا تهديد لمبانٍ عريقة ذات تفرد معماري
TT

الحرب في سوريا تهديد لمبانٍ عريقة ذات تفرد معماري

الحرب في سوريا تهديد لمبانٍ عريقة ذات تفرد معماري

الحرب الدائرة في سوريا تهدد ليس فقط الحياة اليومية وتشرد الملايين من أبناء البلد، لكنها أيضا تعد تهديدا للمباني العريقة والأسواق التاريخية، مثلما حدث في مدينة حلب التي خسرت كثيرا من إرثها التاريخي الذي يعود قسم منه إلى العصور الوسطى.
مبنى «العابد» في ساحة المرجة الدمشقية العريقة، أحد هذه المباني المهددة. مبنى فريد بعمارته شيده أحمد عزة باشا العابد، الرجل الواسع الثراء وثاني أمناء سر السلطان عبد الحميد الثاني وأقرب المقربين إليه، ليكون فندقًا. وهو المبنى الوحيد الذي نجا من الهدم وإقامة المباني الإسمنتية الحديثة كما هي حال معظم مباني الساحة، وما زال المبنى بعمارته الجميلة شاهدًا على جماليات مباني النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
يتساءل كثير من الزوار والعابرين ساحة المرجة الدمشقية الشهيرة، التي تأسست في نهاية القرن التاسع عشر وما زالت حتى اليوم تشكل قلب العاصمة السورية، عن ذلك المبنى التاريخي العريق الذي ما زال قائمًا بشكله المعماري الجميل وطرازه الأوروبي «الروكوكو» في الجهة الجنوبية من الساحة مجاورًا لـ«زقاق رامي» ومطلاً على الساحة وعمودها التذكاري الشهير.
والجواب هنا إنه مبنى «العابد» الذي كان واحدًا من مبان عريقة ذات تصميم معماري جميل ضمتها ساحة المرجة منذ تأسيسها؛ ومنها مباني البلدية والعدلية والبريد والبرق وطبابة المركز.. وغيرها، حيث شيدت هذه المباني على طرز متعددة في فنون العمارة ومنها «الباروك» الذي يتجه للبزخ في الزخرفة و«الروكوكو» الذي يعتمد النمنمة والإفراط في دقائق التفاصيل بحد ذاتها.
يتحسر كثير من الباحثين والمعماريين والمهتمين بساحة المرجة على غياب هذه المباني العريقة بسبب هدمها لتحل مكانها في القرن الماضي أبنية حديثة إسمنتية بطبقات متعددة ذات لون وشكل واحد، فيما يحمد هؤلاء الله على بقاء مبنى «العابد» كما هو؛ حيث لم يخضع للهدم والتحديث وليبقى علامة بارزة على فنون العمارة وجمالياتها في ساحة المرجة. والمميز في هذا المبنى الذي أنجز سنة 1910 أي قبل قرن من الزمن وصممه المهندس الإسباني المعروف دو أرانده، أنه بني على مساحة كبيرة من الأرض، كما أنه بني بأربعة طبقات، تعلوه طبقة من القرميد الأحمر. والجميل هنا أن المبنى الذي يتميز بالأقواس المعمارية من مداخله وحتى نوافذ غرفه، حرص فيه المهندس أندوره على أن يكون هناك تباين في المبنى من خلال عمارة كل طابق؛ ففي حين نجد تلك الأقواس موجودة في الطابقين الأرضي والأول، نراها مختفية في الطابقين الثاني والثالث، لتحل مكانها نوافذ مستطيلة مع بروزات معمارية نافرة تعلوها في الطابق الثاني، لتغيب هي الأخرى في الطابق الثالث، خاصة في واجهة المبنى المطلة على الساحة، وفيما كتلته المعمارية المطلة على الساحة ضمت أربعة طوابق، نلاحظ أن كتلته الداخلية ضمت ثلاث طبقات فقط بحيث تباين المبنى أيضًا بكتله المعمارية.
ولكن ما حكاية تشييد المبنى، ومن صاحبه، وما واقعه الحالي؟ تذكر المصادر التاريخية أن بناية «العابد» التي تعرف بـ«المنزل» أو «المنزول»، شيّدها أحمد عزة باشا العابد، الذي كان رجلاً واسع الثراء وتبوأ مركزا متقدمًا في السلطنة العثمانية؛ حيث شغل منصب ثاني أمناء سر السلطان عبد الحميد الثاني، وكان أقرب المقربين إليه، وحكاية إشادته المبنى أنه اشترى من والي دمشق العثماني حسين ناظم باشا دار الحكومة القديمة التي بناها الوالي كنج يوسف باشا إبان ولايته على دمشق سنة 1807م، فهدمها وأقام مكانها هذا المبنى، وكلّف المهندس الإسباني دو أرانده سنة 1908 ببنائه على الطراز الأوروبي لفن العمارة، وانتهى سنة 1910 ليكون فندقًا، ولكن احتلته القوات العثمانية خلال سنوات الحرب العالمية الأولى، وصار منزلاً للعساكر الأتراك، ومن هنا جاءت تسميته بـ«المنزل» أو «المنزول».
يبتسم عامر الصالح، كما عرفنا على نفسه، وهو طالب جامعي كان يهم بالدخول إلى المبنى حيث مقصده أحد مكاتب الترجمة: «هل تصدّق أنني ومنذ عام أدخل لهذا المبنى كل أسبوع تقريبًا، وفي كل مرّة أدخله أشعر أنني في عالم آخر، خاصة عندما أعبر فسحته الواسعة وأصعد لطابقه الثاني حيث مكتب الترجمة هناك، وعندما أتمعن قليلاً بتلك الحجارة الصفراء التراثية النافرة التي بني بها وبطرازه البارز خاصة في واجهته الداخلية، أتوقف مندهشًا بجمال هذه الواجهة البارزة بشكل رائع».
ولا يبالغ عامر في شعوره، فكثير من الداخلين لهذا المبنى يشعرون أنهم يعيشون أجواء القرن التاسع عشر؛ فمنذ أن تطأ قدماك مدخل المبنى الرئيسي المفتوح على الساحة والمواجه للعمود التذكاري، ترى على يسارك بائع النحاسيات التراثية عارضًا عشرات الأواني الجميلة المصنعة يدويًا (حاليًا تحول لبيع المكسرات مع النحاسيات) فيما على يمينك سترى محلات بائعي الحلويات الشرقية العريقة مثل «مهنا» و«أسدية» و«سمان».. وغيرها التي تشغل محلات الطابق الأرضي في المبنى منذ ثلاثينات القرن الماضي، فعلى ما يبدو أنَّ ورثة العابد بعد مغادرة العثمانيين تخلوا عن فكرة توظيفه فندقا كما كان يرغب مؤسسه عزة باشا العابد. في أربعينات وخمسينات القرن الماضي تم استثماره على أنه دوائر حكومية خاصة بالمحاكم، وبعد انتقالها للقصر العدلي بشارع النصر، استثمر المبنى مكاتب ودكاكين ما زالت قائمة حتى اليوم ومستثمرة من قبل محامين وأطباء ومهندسين ومترجمين، فيما الدكاكين تبيع كل شيء من منتجات تراثية وعصرية، مع مطاعم الوجبات السريعة والحلويات وغيرها، في حين تحيط هذه المكاتب والدكاكين من الداخل بساحة واسعة مفتوحة كانت - ولاتساعها - تتوقف فيها السيارات خاصة تكاسي النقل العام في خمسينات وستينات القرن الماضي التي تنطلق إلى المحافظات السورية محملة بالركاب من خلال مكاتب كراجات المرجة التي وجد بعضها داخل المبنى. ساحته الداخلية حاليًا تحولت إلى مقهى مفتوح على فتحته السماوية.
وكما أن للمبنى مدخلا رئيسيا من الساحة، فإن له مداخل وواجهات فرعية مطلة على الأزقة التي تصل الساحة بشارع النصر مثل «زقاق رامي» و«سوق الكهرباء».. وغيرها.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.