نقابات مستقلة في مصر تستعد لتنظيم «مليونية» ضد «الخدمة المدنية» مطلع الشهر المقبل

الرئاسة تعهدت بعدم المساس بحقوق الموظفين المادية.. ومحلب طلب لقاء قادة الاحتجاج الثلاثاء

نقابات مستقلة في مصر تستعد لتنظيم «مليونية» ضد «الخدمة المدنية» مطلع الشهر المقبل
TT

نقابات مستقلة في مصر تستعد لتنظيم «مليونية» ضد «الخدمة المدنية» مطلع الشهر المقبل

نقابات مستقلة في مصر تستعد لتنظيم «مليونية» ضد «الخدمة المدنية» مطلع الشهر المقبل

تغامر الحكومة المصرية بتحدي ملايين الموظفين في جهازها الإداري، بعد أن أصدرت قانونا مثيرا للجدل، ورفضت الترخيص بتنظيم وقفة احتجاجية ضده كان مقررا لها اليوم (الاثنين). وبينما يجتمع خلال ساعات ممثلون عن نقابات مستقلة لهيئات متضررة من القانون، لتنسيق تحرك جماعي والدعوة إلى «مليونية إسقاط قانون الخدمة المدنية»، دخل رئيس الوزراء إبراهيم محلب على خط الأزمة، ودعا قادة موظفي الضرائب على المبيعات والجمارك لاجتماع يوم غد (الثلاثاء).
ولم تتدخل مؤسسة الرئاسة في الأزمة التي تفجرت الأسبوع الماضي مع بدء تحركات احتجاجية ضد القانون، لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال في أول تعليق له على تطورات الأزمة، خلال كلمة في الندوة التثقيفية التاسعة عشرة التي نظمتها إدارة الشؤون المعنوية شرق القاهرة «إننا نعيد ترتيب وإصلاح الجهاز الإداري بالدولة دون المساس بحقوق الموظفين المادية».
وتظاهر نحو 10 آلاف موظف في وسط القاهرة قبل أيام رفضا لقانون «الخدمة المدنية»، في واحد من الاحتجاجات الاجتماعية النادرة منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، قبل ما يزيد على العامين، في أبرز اختبار لصلابة الحكومة في مواجهة احتجاجات خارج معادلات السياسية.
وقالت فاطمة فؤاد، رئيسة النقابة المستقلة للعاملين بالضرائب على المبيعات، لـ«الشرق الأوسط»، إنها تلقت اتصالا هاتفيا من رئيس مجلس الوزراء.. «دعانا للاجتماع به الثلاثاء المقبل، ونأمل أن تستجيب الحكومة لمطالبنا بسحب القانون، وانتظار البرلمان لإقراره». وأضافت فؤاد: «كنا سنشارك بصورة رمزية في الوقفة الاحتجاجية التي دعا إليها العاملون الزملاء في الضرائب العقارية قبل أن ترفض الحكومة تنظيمها». وقادت فؤاد الوقفة الاحتجاجية التي نظمها موظفو الضرائب على المبيعات والجمارك.
ويحظر في مصر التظاهر قبل الحصول على إذن من السلطات بحسب قانون صدر أواخر عام 2014. ودعت فؤاد لاجتماع تنسيقي لـ15 نقابة مستقلة من المقرر عقده خلال الساعات المقبلة، لبحث سبل التصعيد ضد القانون بعد تصريحات لمسؤولين حكوميين تمسكوا فيها بالقانون، مشيرة إلى أنها ستقترح مطلع الشهر المقبل موعدا لـ«مليونية إسقاط القانون».
وشاع تعبير المظاهرات المليونية منذ يناير (كانون الثاني) عام 2011 حين دعا نشطاء شباب إلى تنظيم مظاهرة مليونية ضد حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك في مطلع فبراير (شباط) 2011 في ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية. وكان نجاح الدعوة سببا في إعلان مبارك عزمه تقديم تنازلات مساء اليوم نفسه.
ويقول المسؤولون إن قانون الخدمة المدنية يهدف إلى «إصلاح الجهاز الإداري للدولة وعلاج تشوهات نظام الأجور بها»؛ لكن معارضيه يعدونه محاولة لـ«تكريس الفساد، وتخفيض أعداد موظفي الدولة من خلال الحد من التعيينات وتشجيع المعاش المبكر».
ويبلغ العجز الكلي المقدر في موازنة العام المالي الحالي 251 مليار جنيه (نحو 33 مليار دولار). وتسعى الحكومة إلى تثبيت المكافآت والبدلات لجميع العاملين بالدولة كـ«أحد الإصلاحات الهيكلية والمالية لتحقيق الاستقرار المالي».
وارتفعت أجور العاملين بالدولة من نحو 85 مليار جنيه في عام 2009 - 2010 إلى نحو 218 مليار جنيه في الموازنة الجديدة، أي بزيادة 155 في المائة، وهو ما تسعى الحكومة لتقليصه؛ لكن قادة الإضراب يقولون في المقابل إن الدولة لا تستطيع أن تسيطر على ارتفاع الأسعار، مما يضع عبئا جديدا على كاهل المواطنين في بلد تزيد فيه نسبة القابعين تحت خط الفقر على 40 في المائة بحسب إحصاءات غير رسمية.
وقال مسؤول رسمي إن تطبيق نظام الأجور الجديد وفق ما أقره قانون الخدمة المدنية سيوفر للحكومة نحو 15 مليار جنيه لموازنة الدولة من بند الأجور.
وقال قادة الاحتجاجات على القانون إن أثره المادي ظهر بالفعل حتى قبل صدور اللائحة التنفيذية للعمل به، مشيرين إلى أن العلاوة تقلصت من 250 جنيها إلى 40 جنيها، لافتين إلى أن القانون يبقي مرتب الموظف على حاله تقريبا حتى سن التقاعد.
ويشير آخر إحصاء رسمي لجهاز التنظيم والإدارة إلى أن عدد الوظائف المشغولة في جهاز الدولة بالكامل بلغ 5.5 مليون وظيفة.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.