فوج «فرسان الغربية».. متطوعون من أبناء العشائر لمواجهة جرائم «داعش»

يتكون من 500 مقاتل دربوا على أداء مهام قتالية نوعية

مقاتلون من فوج الخالدية التابع لـ «فرسان الغربية» في إحدى معاركهم ضد «داعش» («الشرق الأوسط})
مقاتلون من فوج الخالدية التابع لـ «فرسان الغربية» في إحدى معاركهم ضد «داعش» («الشرق الأوسط})
TT

فوج «فرسان الغربية».. متطوعون من أبناء العشائر لمواجهة جرائم «داعش»

مقاتلون من فوج الخالدية التابع لـ «فرسان الغربية» في إحدى معاركهم ضد «داعش» («الشرق الأوسط})
مقاتلون من فوج الخالدية التابع لـ «فرسان الغربية» في إحدى معاركهم ضد «داعش» («الشرق الأوسط})

على مدى أكثر من سنة ونصف السنة، عانت عشائر الدليم والعشائر الأخرى المتعايشة معها دخول الوباء الأكبر المتمثل بتنظيم داعش الإرهابي إلى جسدها الواحد المتماسك منذ وجودها على أرض الأنبار، بعدما تسبب دخول «داعش» إلى مدن محافظة الأنبار المترامية الأطراف غرب العراق، بمقتل المئات من أبنائها على يد المسلحين التابعين للتنظيم المتطرف، وتهجير ونزوح مئات الآلاف منهم إلى خارج المحافظة هاربين من الموت وتاركين الدار والجار، هذا الأمر الذي سبب إحراجًا كبيرًا لزعماء العشائر خصوصًا أن عشائرهم ودواوينها تشتهر بقصص وروايات الرجولة والفروسية والكرم، فكيف تقف تلك العشائر وزعاماتها مكتوفة الأيدي أمام هذا العدو المبين؟!
بعد أحداث مأساوية وجرائم إنسانية نفذها مسلحو تنظيم داعش بحق الأبرياء من المدنيين في مدن وأماكن متعددة في الأنبار كان أبرزها مجزرة البونمر التي راح ضحيتها 547 مدنيا من أهالي قرية الزوية المجاورة لمدينة هيت 50 كلم غرب الرمادي مركز محافظة الأنبار، ومجازر أخرى مماثلة اقترفها التنظيم الإرهابي في البوعلوان وسط الرمادي وفي مدن القائم والرطبة وأماكن أخرى، واستمر مسلسل الجرائم هذا دون رادع، الأمر الذي دعا العشائر العراقية في الأنبار لتشكيل قوات تتصدى لهذا التنظيم الإجرامي، وتطوع الآلاف من أبناء العشائر من أجل الدفاع عن الأرض والعرض، فكان من بين الأفواج التي شكلت لمحاربة تنظيم داعش فوج الخالدية (فرسان الغربيّة) وهذا الفوج يتكون من 500 مقاتل تدربوا على أعلى المستويات وتم اختيارهم لأداء مهام قتالية عالية المستوى تشبه ما تقوم به قوات الكوماندوز في الجيوش (القوات الخاصة)، «فرسان الغربية» كانت لهم صولات وجولات في القتال ضد مسلحي تنظيم داعش في أماكن يسيطر عليها المسلحون داخل مدينتي الفلوجة والرمادي ومدن أخرى وقعت بيد المسلحين.
الشيخ محمد الشعباني المتحدث الرسمي باسم قوات العشائر في الأنبار وقائد فوج الخالدية قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار تشكيل أفواج قتالية من أبناء العشائر جاء فور دخول مسلحي تنظيم داعش إلى مدن الأنبار، لكون عشائرنا هي من تصدت من قبل إلى تنظيم القاعدة وقامت بطرده من الأنبار ومن كل مدن العراق في 2006 و2007، وبعد سلسلة الجرائم التي اقترفها مسلحو تنظيم داعش بحق أهلنا في الأنبار فكرنا بتشكيل قوة خاصة هدفها ضرب تنظيم داعش في مركز ثقله وتحطيم تلك الهالة التي يروج لها إعلامه بأن تنظيم داعش يمتلك قوة لا يمكن إيقافها، وكذلك من أجل إعادة الهيبة لعشائر الأنبار التي لا ترضى أبدًا بهذا الذل والخضوع لسطوة المجرمين».
وأضاف الشعباني أن «مقاتلي فوج الخالدية (فرسان الغربية) قاموا بتنفيذ الكثير من المهام القتالية داخل مدينة الفلوجة، حيث تمكن فرساننا من قتل الكثير من قادة (داعش) ومسلحيه داخل المدينة في عمليات نوعية خاصة أربكت حركة التنظيم الإرهابي داخل الفلوجة، بعد أن تقوم مجموعة خاصة باقتحام المدينة بأسلوب عسكري خاص لا يمكننا كشفه، وتقوم مجموعة أخرى بإسناد المجموعة الأولى وتنفذ العمليات المناطة بها وتعود إلى مقرها بالأسلوب المتبع للخروج، آخر هذه العمليات كانت قبل يومين عندما نفذ مقاتلونا عملية عسكرية بعد دخولهم الفلوجة التي تخضع لسيطرة (داعش) منذ عام ونصف العام، قتلوا خلالها 10 من عناصر التنظيم الإرهابي في داخل المدينة عن طريق القنص، ثم تمكنوا من الخروج من الطريق نفسه الذي دخلوا به».
وأكد الشعباني «وجود الكثير من القوات القتالية من أبناء العشائر المنخرطين في أفوج العامرية والخالدية وفوج الرمادي الأول وفوج الرمادي الثاني، تلقوا تدريبات عسكرية، وأن جميع الأفواج أصبح لديها أوامر إدارية وخصص لأغلب أفرادها رواتب، وهي الآن تقوم بتنفيذ عمليات عسكرية استباقية داخل المدن، وتتوغل في مناطق يوجد فيها مسلحو تنظيم داعش الإرهابي لكونهم من أهالي المنطقة وهم الأعلم بها من غيرهم». وأشار الشعباني إلى أن «هناك دعما ومساندة كبيرة يتلقاها فوج الخالدية من القيادات العسكرية في الجيش العراقي، خصوصًا بما يتعلق بتجهيز الأسلحة والعتاد من أجل إنجاح مهام مقاتلينا في الفوج». وتضم أفواج متطوعي الأنبار أكثر من 10 آلاف مقاتل تلقوا تدريبات عسكرية في قاعدتي عين الأسد بناحية البغدادي، والحبانية شرق الرمادي.
المقاتل نبيل الدليمي أحد فرسان فوج الخالية قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «فوج الخالدية تمكن في عملية استباقية من تحرير 25 عائلة، تم حصارها ثم أسرها في منطقة أبو فليس 26 كلم شرق مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، وذلك بعد أن دخل تنظيم داعش إلى المنطقة فور سيطرته على مدينة الرمادي».
وأضاف الدليمي: «شعرت بالفخر وأنا أرى العائلات المحررة من قبل فرساننا الأبطال وهم يدعون لنا بالنصر، وكان من بين الأسرى المحررين نساء وأطفال، أنا أتشرف بانتمائي لهذا الفوج البطل الذي أقسمنا منذ دخولنا فيه أن نهب أرواحنا فداء للعراق وأهله». وأشار الدليمي إلى «أننا في الفوج نتسابق لأداء المهام الصعبة خصوصًا تلك التي ننفذها في داخل صفوف تنظيم داعش، لأننا أصبحنا نستمتع بتلك المهام، وهي ترعب (داعش)، الذي أصبح شغله الشاغل الآن فرسان الغربية، الذي تسبب بحالة الهلع التي أدت إلى هروب الكثير من قياداته الأجنبية إلى خارج أرض الأنبار والعراق».
من جانب آخر، أكد رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت، أن تحرير مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي قد لا تتجاوز الأربعة أسابيع من الآن.
وقال كرحوت في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية المشتركة وأبناء العشائر يتقدمون بشكل صحيح، وكما هو مرسوم لهم في عملية تحرير مدينة الرمادي من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي»، مبينا أن «القيادات الأمنية وضعت خطة لتحرير المدينة من سيطرة داعش الإرهابي خلال مدة لا تتجاوز 4 أسابيع من الآن».
وأضاف كرحوت: «الخطة تعتمد بصورة مباشرة على عيون لنا داخل المدينة، بالإضافة لقيام مجاميع مسلحة خاصة باستهداف وجود عصابات داعش داخل الرمادي، وإعطاء إحداثيات وجودهم بقصد توجيه ضربات جوية لهم».



«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
TT

«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)

بين الحين والآخر، تتجدد فكرة «مراجعات الإخوان»، الجماعة التي تصنفها السلطات المصرية «إرهابية»، فتثير ضجيجاً على الساحة السياسية في مصر؛ لكن دون أي أثر يُذكر على الأرض. وقال خبراء في الحركات الأصولية، عن إثارة فكرة «المراجعة»، خصوصاً من شباب الجماعة خلال الفترة الماضية، إنها «تعكس حالة الحيرة لدى شباب (الإخوان) وشعورهم بالإحباط، وهي (فكرة غائبة) عن قيادات الجماعة، ومُجرد محاولات فردية لم تسفر عن نتائج».
ففكرة «مراجعات إخوان مصر» تُثار حولها تساؤلات عديدة، تتعلق بتوقيتات خروجها للمشهد السياسي، وملامحها حال البدء فيها... وهل الجماعة تفكر بجدية في هذا الأمر؟ وما هو رد الشارع المصري حال طرحها؟
خبراء الحركات الأصولية أكدوا أن «الجماعة ليست لديها نية للمراجعات». وقال الخبراء لـ«الشرق الأوسط»: «لم تعرف (الإخوان) عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى الأهداف»، لافتين إلى أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (محنة) للبقاء، وجميع قيادات الخارج مُستفيدين من الوضع الحالي للجماعة». في المقابل لا يزال شباب «الإخوان» يتوعدون بـ«مواصلة إطلاق الرسائل والمبادرات في محاولة لإنهاء مُعاناتهم».

مبادرات شبابية
مبادرات أو رسائل شباب «الإخوان»، مجرد محاولات فردية لـ«المراجعة أو المصالحة»، عبارة عن تسريبات، تتنوع بين مطالب الإفراج عنهم من السجون، ونقد تصرفات قيادات الخارج... المبادرات تعددت خلال الأشهر الماضية، وكان من بينها، مبادرة أو رسالة اعترف فيها الشباب «بشعورهم بالصدمة من تخلي قادة جماعتهم، وتركهم فريسة للمصاعب التي يواجهونها هم وأسرهم - على حد قولهم -، بسبب دفاعهم عن أفكار الجماعة، التي ثبت أنها بعيدة عن الواقع»... وقبلها رسالة أخرى من عناصر الجماعة، تردد أنها «خرجت من أحد السجون المصرية - بحسب من أطلقها -»، أُعلن فيها عن «رغبة هذه العناصر في مراجعة أفكارهم، التي اعتنقوها خلال انضمامهم للجماعة». وأعربوا عن «استعدادهم التام للتخلي عنها، وعن العنف، وعن الولاء للجماعة وقياداتها».
وعقب «تسريبات المراجعات»، كان رد الجماعة قاسياً ونهائياً على لسان بعض قيادات الخارج، من بينهم إبراهيم منير، نائب المرشد العام للجماعة، الذي قال إن «الجماعة لم تطلب من هؤلاء الشباب الانضمام لصفوفها، ولم تزج بهم في السجون، ومن أراد أن يتبرأ (أي عبر المراجعات) فليفعل».
يشار إلى أنه كانت هناك محاولات لـ«المراجعات» عام 2017 بواسطة 5 من شباب الجماعة المنشقين، وما زال بعضهم داخل السجون، بسبب اتهامات تتعلق بـ«تورطهم في عمليات عنف».
من جهته، أكد أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «(المراجعات) أو (فضيلة المراجعات) فكرة غائبة في تاريخ (الإخوان)، وربما لم تعرف الجماعة عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو على مستوى السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى أهداف الجماعة ومشروعها»، مضيفاً: «وحتى الآن ما خرج من (مراجعات) لم تتجاوز ربما محاكمة السلوك السياسي للجماعة، أو السلوك الإداري أو التنظيمي؛ لكن لم تطل (المراجعات) حتى الآن جملة الأفكار الرئيسية للجماعة، ومقولتها الرئيسية، وأهدافها، وأدبياتها الأساسية، وإن كانت هناك محاولات من بعض شباب الجماعة للحديث عن هذه المقولات الرئيسية».

محاولات فردية
وقال أحمد بان إن «الحديث عن (مراجعة) كما يبدو، لم تنخرط فيها القيادات الكبيرة، فالجماعة ليس بها مُفكرون، أو عناصر قادرة على أن تمارس هذا الشكل من أشكال (المراجعة)، كما أن الجماعة لم تتفاعل مع أي محاولات بحثية بهذا الصدد، وعلى كثرة ما أنفقته من أموال، لم تخصص أموالاً للبحث في جملة أفكارها أو مشروعها، أو الانخراط في حالة من حالات (المراجعة)... وبالتالي لا يمكننا الحديث عن تقييم لـ(مراجعة) على غرار ما جرى في تجربة (الجماعة الإسلامية)»، مضيفاً أن «(مراجعة) بها الحجم، وبهذا الشكل، مرهونة بأكثر من عامل؛ منها تبني الدولة المصرية لها، وتبني قيادات الجماعة لها أيضاً»، لافتاً إلى أنه «ما لم تتبنَ قيادات مُهمة في الجماعة هذه (المراجعات)، لن تنجح في تسويقها لدى القواعد في الجماعة، خصوصاً أن دور السلطة أو القيادة في جماعة (الإخوان) مهم جداً... وبالتالي الدولة المصرية لو كانت جادة في التعاطي مع فكرة (المراجعة) باعتبارها إحدى وسائل مناهضة مشروع الجماعة السياسي، أو مشروع جماعات الإسلام السياسي، عليها أن تشجع مثل هذه المحاولات، وأن تهيئ لها ربما عوامل النجاح، سواء عبر التبني، أو على مستوى تجهيز قيادات من الأزهر، للتعاطي مع هذه المحاولات وتعميقها».
وأكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «الجماعة لم تصل لأي شيء في موضوع (المراجعات)، ولا توجد أي نية من جانبها لعمل أي (مراجعات)»، مضيفاً: «هناك محاولات فردية لـ(المراجعات) من بعض شباب الجماعة الناقم على القيادات، تتسرب من وقت لآخر، آخرها تلك التي تردد أنها خرجت من داخل أحد السجون جنوب القاهرة - على حد قوله -، ومن أطلقها صادر بحقهم أحكام بالسجن من 10 إلى 15 سنة، ولهم مواقف مضادة من الجماعة، ويريدون إجراء (مراجعات)، ولهم تحفظات على أداء الجماعة، خصوصاً في السنوات التي أعقبت عزل محمد مرسي عن السلطة عام 2013... وتطرقوا في انتقاداتهم للجوانب الفكرية للجماعة، لكن هذه المحاولات لم تكن في ثقل (مراجعات الجماعة الإسلامية)... وعملياً، كانت عبارة عن قناعات فردية، وليس فيها أي توجه بمشروع جدي».
وأكد زغلول، أن «هؤلاء الشباب فكروا في (المراجعات أو المصالحات)، وذلك لطول فترة سجنهم، وتخلي الجماعة عنهم، وانخداعهم في أفكار الجماعة»، مضيفاً: «بشكل عام ليست هناك نية من الجماعة لـ(المراجعات)، بسبب (من وجهة نظر القيادات) (عدم وجود بوادر من الدولة المصرية نحو ذلك، خصوصاً أن السلطات في مصر لا ترحب بفكرة المراجعات)، بالإضافة إلى أن الشعب المصري لن يوافق على أي (مراجعات)، خصوصاً بعد (مظاهرات سبتمبر/ أيلول الماضي) المحدودة؛ حيث شعرت قيادات الجماعة في الخارج، بثقل مواصلة المشوار، وعدم المصالحة».
وفي يناير (كانون الثاني) عام 2015، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، على أن «المصالحة مع من مارسوا العنف (في إشارة ضمنية لجماعة الإخوان)، قرار الشعب المصري، وليس قراره شخصياً».
وأوضح زغلول في هذا الصدد، أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (أزمة أو محنة) لبقائها، وجميع القيادات مستفيدة من الوضع الحالي للجماعة، وتعيش في (رغد) بالخارج، وتتمتع بالدعم المالي على حساب أسر السجناء في مصر، وهو ما كشفت عنه تسريبات أخيرة، طالت قيادات هاربة بالخارج، متهمة بالتورط في فساد مالي».

جس نبض
وعن ظهور فكرة «المراجعات» على السطح من وقت لآخر من شباب الجماعة. أكد الخبير الأصولي أحمد بان، أن «إثارة فكرة (المراجعة) من آن لآخر، تعكس حالة الحيرة لدى الشباب، وشعورهم بالإحباط من هذا (المسار المغلق وفشل الجماعة)، وإحساسهم بالألم، نتيجة أعمارهم التي قدموها للجماعة، التي لم تصل بهم؛ إلا إلى مزيد من المعاناة»، موضحاً أن «(المراجعة أو المصالحة) فكرة طبيعية وإنسانية، وفكرة يقبلها العقل والنقل؛ لكن تخشاها قيادات (الإخوان)، لأنها سوف تفضح ضحالة عقولهم وقدراتهم ومستواهم، وستكشف الفكرة أمام قطاعات أوسع».
برلمانياً، قال النائب أحمد سعد، عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، إن «الحديث عن تصالح مع (الإخوان) يُطلق من حين لآخر؛ لكن دون أثر على الأرض، لأنه لا تصالح مع كل من خرج عن القانون، وتورط في أعمال إرهابية - على حد قوله -».
وحال وجود «مراجعات» فما هي بنودها؟ أكد زغلول: «ستكون عبارة عن (مراجعات) سياسية، و(مراجعة) للأفكار، ففي (المراجعات) السياسية أول خطوة هي الاعتراف بالنظام المصري الحالي، والاعتراف بالخلط بين الدعوة والسياسة، والاعتراف بعمل أزمات خلال فترة حكم محمد مرسي... أما الجانب الفكري، فيكون بالاعتراف بأن الجماعة لديها أفكار عنف وتكفير، وأنه من خلال هذه الأفكار، تم اختراق التنظيم... وعلى الجماعة أن تعلن أنها سوف تبتعد عن هذه الأفكار».
وعن فكرة قبول «المراجعات» من قبل المصريين، قال أحمد بان: «أعتقد أنه يجب أن نفصل بين من تورط في ارتكاب جريمة من الجماعة، ومن لم يتورط في جريمة، وكان ربما جزءاً فقط من الجماعة أو مؤمناً فكرياً بها، فيجب الفصل بين مستويات العضوية، ومستويات الانخراط في العنف».
بينما أوضح زغلول: «قد يقبل الشعب المصري حال تهيئة الرأي العام لذلك، وأمامنا تجربة (الجماعة الإسلامية)، التي استمرت في عنفها ما يقرب من 20 عاماً، وتسببت في قتل الرئيس الأسبق أنور السادات، وتم عمل (مراجعات) لها، وبالمقارنة مع (الإخوان)، فعنفها لم يتعدَ 6 سنوات منذ عام 2013. لكن (المراجعات) مشروطة بتهيئة الرأي العام المصري لذلك، وحينها سيكون قبولها أيسر».
يُشار إلى أنه في نهاية السبعينات، وحتى منتصف تسعينات القرن الماضي، اُتهمت «الجماعة الإسلامية» بالتورط في عمليات إرهابية، واستهدفت بشكل أساسي قوات الشرطة والأقباط والأجانب. وقال مراقبون إن «(مجلس شورى الجماعة) أعلن منتصف يوليو (تموز) عام 1997 إطلاق ما سمى بمبادرة (وقف العنف أو مراجعات تصحيح المفاهيم)، التي أسفرت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية وقتها، على إعلان الجماعة (نبذ العنف)... في المقابل تم الإفراج عن معظم المسجونين من كوادر وأعضاء (الجماعة الإسلامية)».
وذكر زغلول، أنه «من خلال التسريبات خلال الفترة الماضية، ألمحت بعض قيادات بـ(الإخوان) أنه ليس هناك مانع من قبل النظام المصري - على حد قولهم، في عمل (مراجعات)، بشرط اعتراف (الإخوان) بالنظام المصري الحالي، وحل الجماعة نهائياً».
لكن النائب سعد قال: «لا مجال لأي مصالحة مع (مرتكبي جرائم عنف ضد الدولة المصرية ومؤسساتها) - على حد قوله -، ولن يرضى الشعب بمصالحة مع الجماعة».