تقرير: العملة الصينية في طريقها إلى العالمية

بكين تسعى لاقتصاد قائم على الاستهلاك بعد عقود من الاعتماد على الصادرات

تقرير: العملة الصينية في طريقها إلى العالمية
TT

تقرير: العملة الصينية في طريقها إلى العالمية

تقرير: العملة الصينية في طريقها إلى العالمية

أكد تقرير اقتصادي أن الصين تسعى إلى التوجه نحو اقتصاد قائم على الاستهلاك بعد عقود من اعتمادها على عائدات الصادرات للاستثمار محليًا وتحقيق النمو الاقتصادي. ولتطبق الصين رؤيتها لا بُد لها من إيجاد مصدر تمويل بديل، يتمثّل في الانفتاح على رأس المال الأجنبي الذي من شأنه أن يكون حلاً لهذه المشكلة؛ إذ يمكنه تحقيق عائدات من المستثمرين بدلاً من الحصول على عائدات الصادرات.
وبحسب تقرير لـ«شركة آسيا للاستثمار»، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، فإن عملية اتخاذ القرار في هذا الصدد معقدة لأنها تؤدي إلى فقدان الصين حصة كبيرة من سيطرتها على نظامها المالي، ولكنها قد حزمت قرارها بعد سنوات من الدراسة من أجل تحقيق هدف جعل الرنمينبي عملة متداولة عالميًا. وكجزء من هذه العملية، تقدمت الصين بطلب للانضمام إلى سلة عملات حقوق السحب الخاصة، وهي أصل احتياطي دولي استحدثه صندوق النقد الدولي بهدف استكمال السيولة العالمية، وتستند قيمته حصريًا على العملات الأربع الأكثر تداولاً المتمثلة في الدولار الأميركي واليورو الأوروبي والجنيه الإسترليني والين الياباني. وتتم مراجعة عملات حقوق السحب الخاصة كل خمس سنوات، كان آخرها في العام الحالي. ومع ذلك، يرى صندوق النقد الدولي أن تأجيل اتخاذ القرار بشأن إدراج اليوان في سلة حقوق السحب الخاصة إلى العام المقبل، يتيح مزيدا من الوقت للصين لتلبية جميع المتطلبات.
بحسب التقرير الذي أعده كميل عقاد، فإنه إذا تم إدراج العملة الصينية، فسيرتفع الطلب وسيشعر المستثمرون والبنوك بالضمان في الحفاظ عليها. في حين قدّر مديرو الاستثمار في «إيه إكس إيه»(AXA) تدفق الاحتياطات العالمية إلى أصول اليوان بنسبة 10 في المائة (11.6 تريليون دولار)، أي ما يقارب عشرة أضعاف المبلغ لهذا العام في حال تم ضم العملة إلى سلة العملات.
وتذكر «شركة آسيا للاستثمار» أن آخر مرة تمت فيها مراجعة حقوق السحب الخاصة كانت عام 2010 عندما قام صندوق النقد الدولي برفض طلب الصين لإدراج عملتها في سلة حقوق السحب الخاصة على أساس أن اليوان لم يكن قابلاً «للتداول الحر».
جاء هذا القرار نتيجة لعجز العملة الصينية عن تلبية متطلبات جميع العناصر التي تجعل العملة المستخدمة في السلة تستعمل بكل حرية دون قيود على استعمالها، والمتمثلة في المؤشرات والمعايير الأربعة التالية: ضم اليوان إلى عملات احتياط النقد الأجنبي من قبل البنوك المركزية، وحجم المديونيات المصرفية الدولية، وحجم سندات الدين الدولية، ومستوى تداول ودوران اليوان في أسواق الفوركس العالمية.
وتبعًا لذلك، لفتت «شركة آسيا للاستثمار» إلى أن الصين بذلت جهودًا للاندماج في النظام المالي العالمي، خاصة بعد التتابع في القيادة في عام 2012. واعتمدت تدابير تتضمن إعداد اليوان ليكون عملة تداول عالمية، وإطلاق برنامج ربط بورصتي شنغهاي وهونغ كونغ، وإنشاء مناطق التجارة الحرة وتوسيع نطاق تداول اليوان، مما أدى إلى زيادة التداول العالمي للرنمينبي. إنّ العملة الصينية حاليًا تعد ثاني أكثر عملة متداولة في التمويل التجاري، والخامسة للمدفوعات العالمية مباشرةً بعد العملات الأربع الأكثر تداولاً المدرجة في سلة حقوق السحب الخاصة، والخامسة في حجم المديونيات المصرفية الدولية بناءً على الودائع في الخارج. وعلى الرغم من أن الرنمينبي لا يزال عملة صغيرة، فإنه يشهد تقدمًا مشجعًا بناءً على مقاييس أخرى مثل ارتفاع حجم استخدامه لإصدار سندات الدين الدولية من نسبة تقل عن 0.1 في المائة إلى نسبة 0.4 في المائة من الديون في العالم في غضون خمس سنوات. وعلى صعيد أسواق الفوركس، ارتفع مستوى تداول ودوران الرنمينبي من 0.1 في المائة إلى 1.1 في المائة، في حين تخلف الرنمينبي في مؤشر واحد فقط هو احتياط النقد الأجنبي. حيث ما زالت البنوك المركزية تفضل الاحتفاظ بالعملات الأخرى في خزائنها، ولكن هذا التوجه على وشك أن يتغير جزئيًا نتيجة للجهود التي سبق ذكرها؛ إذ أعلن أكثر من أربعين بنكًا مركزيًا أنها كانت تخطط للاحتفاظ أو بالفعل احتفظت بالرنمينبي، تحسبًا لإدراج العملة الصينية في سلة حقوق السحب الخاصة.
إلى هذا، يرى تقرير «شركة آسيا للاستثمار» أنّ عملية تدويل العملة الصينية جاءت في وقتٍ متأخر جدًا من مرحلة صنع القرار.
هذا، وقد أشاد صندوق النقد الدولي ومجموعة الاقتصادات المتقدمة السبعة (كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) بتطور اليوان، لكنهما أشارا إلى أن الصين غير مستعدة بعد. كما توقع تقرير «شركة آسيا للاستثمار» أن تطرح الصين إصلاحات تحررية إضافية خلال الأشهر المقبلة، بالإضافة إلى مزيد من الجهود للمضي قدمًا حتى لو رفض صندوق النقد الدولي قبول الرنمينبي في سلة عملات حقوق السحب الخاصة.
هذا، وقد تم اتخاذ أحدث خطوة في الأسبوع الماضي عندما اعتمد البنك المركزي الصيني الإجراء الجديد جنبًا إلى جنب مع سعر الصرف السائد في اليوم السابق لسعر الفائدة المرجعي في اليوم التالي، مما أدى إلى انخفاض قيمة العملة الصينية. إلى هنا ينبغي على المستثمرين الدوليين الاستعداد لدخول الاقتصاد الصيني واستقبال المستثمرين الصينيين في مختلف بلدانهم حول العالم قريبًا.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.