«شكراً على التهنئة، تبقى فقط أن تدفعوا رواتبنا وسنرد لكم التهنئة». بهذه العبارة علق أحد اليمنيين على «تويتر» متهكماً من تهنئة القيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس ما يعرف بـ«المجلس السياسي الأعلى» بعيد العمال، فيما رد آخر على تغريدة الحساب الذي نشر تهنئة المشاط: «احتفظ بتهنئتك، العمال يموتون جوعاً، ويريدون رواتبهم فقط».
وتوالت التعليقات الساخطة والساخرة من تهنئة المشاط بعيد العمال، حيث أضاف أحد مستخدمي «تويتر»: «أفضل تهنئة للعمال هي دفع رواتبهم، أما غير ذلك فهو تدليس». وسخر آخر من اتهام المشاط لدول التحالف الداعم للشرعية بقطع رواتب الموظفين العموميين بتغريدة قال فيها: «وهل دول التحالف هي من فتحت حسابات بنكية بأسمائكم لتوريد أموال الشعب المنهوبة إليها؟».
وورد في خطاب القيادي الحوثي المشاط، الذي يتعاطى الانقلابيون معه بصفة رئيس دولة غير معترف بها؛ ما نصه: «لن نتنازل عن حقوق العمال، ولن نسمح بتجاهل استحقاقاتهم، وسنعمل جاهدين على استعادتها»، وهي أكثر فقرة أثارت السخرية لدى اليمنيين، وكان أبرز تعليق متهكم عليها: «الحمد لله، هذا يعني أنهم اعترفوا بنهب حقوقنا وسيعيدونها إلينا».
غير أن صحافياً رد بجدية على تهنئة المشاط التي تضمنت اتهامات لدول تحالف دعم الشرعية بقطع رواتب موظفي الدولة متسائلاً: هل كانت الرواتب تأتي من دول التحالف؟، وسانده في تساؤله ناشط اجتماعي بالقول: «بحسب تقرير لجنة الخبراء، تذهب أموال مؤسسات الدولة إلى حسابات وخزائن قيادات حوثية».
في غضون ذلك أصدر الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن بياناً بمناسبة اليوم العالمي للعمال، أكد فيه ضرورة دفع مرتبات جميع موظفي القطاعين العام والمختلط التي أوقفتها الميليشيات الحوثية منذ عام 2016، مطالباً بتحريك الأجور بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار وانهيار العملة المحلية.
ودان الاتحاد محاولات الميليشيات الحوثية، التي وصفها بـ«سلطات الأمر الواقع»، فرض سيطرتها وتدخلها في عمل المنظمات النقابية، ومحاولة الهيمنة على النقابات العمالية، مؤيداً الجهود التي تبذل لإنهاء الحرب ومسبباتها وإحلال السلام الدائم، ومعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية التي خلفها الانقلاب والحرب.
ودعا الاتحاد الحكومة إلى تفعيل الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج لمعالجة القضايا العمالية، وفقاً للتشريعات المحلية والاتفاقيات الدولية والحوار الجاد والفعلي والملموس، مشدداً على أهمية التمسك بمبدأ الشراكة الاجتماعية ودورها في الدفاع عن حقوق العمال ومصالحهم من خلال تطبيق القوانين والاتفاقيات الدولية وتعزيز السياسات العمالية.
وتعرض بيان الاتحاد إلى ما يعرف بـ«مذبحة الجوعى» التي فقد فيها عدد من العائلات أفرادها الذين «ضحوا بحياتهم من أجل الحصول على مبلغ مالي ضئيل مقدم من مجموعة تجارية تساهم في تخفيف معاناة آلاف المواطنين الذي وصلوا إلى أوضاع معيشية صعبة»، بحسب البيان الذي لمح إلى تخلي المؤسسات التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية عنهم.
واتهم البيان الميليشيات الحوثية بمحاولة استبعاد ممثلي الاتحاد من مجالس إدارات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة للتأمينات والمعاشات وصندوق تنمية المهارات، وكذلك لدى الجهات الحكومية، الأمر الذي قال إنه يدعو للقلق على وضع تلك المؤسسات وعلى مستقبل المستفيدين، مناشداً الحكومة والجهات المعنية فيها سرعة تشكيل تلك المجالس بحسب القوانين.
ووصف الخبير الاقتصادي فؤاد المقطري بيان الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن بالدبلوماسي؛ وذلك لأن مقر الاتحاد ومركز نشاطه ما زال في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الميليشيات، مبرراً جملة «سلطات الأمر الواقع» التي وردت في البيان، وإدراج الحكومة اليمنية ضمن مسببات الأوضاع المأساوية للعمال، لتجنب أي إجراءات حوثية ضد الاتحاد.
المقطري أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الانقلاب الحوثي أصاب بيئة العمل بعلل وأمراض كثيرة، وألحق الكثير من العمال بسوق البطالة، مقدراً، وفق ما لديه من معلومات وبيانات وتقارير، عدد الذين توقفت مصادر دخلهم بسبب الانقلاب الحوثي وممارسات الميليشيات المدمرة للاقتصاد وسوق العمل بأكثر من 5 ملايين عامل.
واستغرب من حصر الأطراف السياسية الداخلية والخارجية ووسائل الإعلام والجهات والمنظمات التركيز على توقف رواتب موظفي الدولة فقط، حيث إن هذا حسب رأيه، أحد الأوجه المتعددة للكارثة، حيث إن عدد الموظفين العموميين الذين انقطعت رواتبهم يقارب نسبة 20 في المائة فقط من ضمن من تقطعت بهم السبل وتوقفت مصادر دخلهم.
وتابع المقطري، الذي يعمل في صنعاء مستشاراً لأحد مراكز الدراسات المحلية: يشهد الاقتصاد اليمني تحولاً مريعاً بسيطرة الميليشيات الحوثي على مجالاته؛ إذ تسعى إلى إزاحة قطاع واسع من رجال الأعمال والتجار من المشهد، وإحلال قياداتها والموالين لها بدلاً عنهم، ويتضمن ذلك مساعي للسيطرة على التوكيلات التجارية، ما يجعلنا أمام مشهد يمكن وصفه بالاقتصاد الطائفي.
ويشرح ما يجري بأن الميليشيات تسعى إلى إثراء نفسها وقياداتها، وتأمين مصادر دخل لأنصارها وأتباعها ومقاتليها على حساب بقية اليمنيين من أجل ضمان ولائهم وتبعيتهم، وفي سبيل ذلك تنتهج ممارسات التضييق والابتزاز ضد الشركات والتجار، وتستولي على قطاعات اقتصادية ضخمة بواسطة الحارس القضائي، ما سيجعلها لاحقاً تحتكر جميع الأنشطة الاقتصادية.
وفي هذا الشأن أشار إلى أن إحصائية قبل 3 سنوات كشفت عن تسبب الممارسات الحوثية في إغلاق أكثر من 350 مصنعاً في العاصمة صنعاء، ما تسبب في تسريح أكثر من 50 ألف عامل، خلال السنوات الأربع الأولى من عمر الانقلاب.
وأوقفت الميليشيات الحوثية رواتب ما يزيد على مليون و100 ألف موظف عمومي منذ سبتمبر (أيلول) 2016، بينما تسببت ممارساتها ضد الشركات التجارية ورجال الأعمال بتراجع الحركة التجارية والاقتصادية لصالح نمو شركات تابعة لها.
سخرية من تهنئة الحوثيين بعيد العمال
وسط تصاعد المطالب بصرف الرواتب المتوقفة منذ 7 سنوات
سخرية من تهنئة الحوثيين بعيد العمال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة