أطلقت المرحلة الجديدة، التي يشهدها قطاع الأفلام في السعودية، فرصة واسعة لتوثيق تفاصيل اجتماعية ثرية يحتفظ بها المجتمع السعودي في تاريخه وتراثه. وشجعت مبادرات الدعم والتمويل، التي بلغت نحو 879 مليون ريال سعودي، صناع الأفلام والمخرجين السعوديين والمهتمين بالتوثيق الاجتماعي على إطلاق أعمال سينمائية رصينة تتعاطى مع الفضاء الاجتماعي الثري والزاخر بالقصص والتجارب والحكايات.
ونظّمت هيئة الأفلام السعودية لقاء افتراضياً جمع صنّاع الأفلام والنقاد المهتمين بالتوثيق الاجتماعي في السينما، وتناول آفاق توثيق المجتمعات عبر الأفلام الروائية والتجارب الشخصية، كأداة لاكتشاف المجتمع وتسليط الضوء على قصصه وتراثه ومخزونه الثقافي.
وشددت هيئة الأفلام، التي تأسست عام 2020 بهدف تطوير القطاع السينمائي وبيئة الإنتاج المحلية، وتسويق الأفلام السعودية، وتشجيع التمويل والاستثمار، وتحفيز إنتاج وتطوير المحتوى السينمائي، خلال اللقاء، على أهمية المسؤوليات الأخلاقية في صناعة الأفلام، وأهمية إبراز دور وسائل الإعلام في تشكيل معرفة الجمهور وفهمه تجاه المجتمع، والمجتمعات من حوله، بالإضافة إلى نقاش مدى تأثير المجتمعات السينمائية مثل هوليوود وهيمنة وسائط الإعلام ومنصاتها وتنميطها للمجتمعات.
وقال المخرج السعودي عبد المحسن المطيري إن المرحلة الحالية لصناعة السينما في السعودية جذّابة للجميع، وذلك للمستثمرين وصنّاع الأفلام والكتاب على حد سواء، وإن توثيق المجتمع السعودي قد يكون سهلاً في حال توفرت القدرة على عملية البحث الجيدة، من الكاتب أو من صناع الأفلام عموماً، ولا سيما أن السعودية غنية بإرث كبير، مشيراً إلى أن جولة واحدة على التراث الصحافي الكبير الذي يحتفظ بكثير من تفاصيل المجتمع السعودي، يوفر نوافذ لقصص تعود إلى الحقب التاريخية القديمة، بالإضافة إلى الكتب، ولا سيما الروايات والسير الذاتية وقصص التوثيق التاريخي والاجتماعي، التي تحاكي أنماط المجتمع وتحولاته.
وذكر المطيري، صاحب فيلم «من ذاكرة الشمال» الذي وثّق ذكريات حرب الخليج 1990، والفائز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان الفيلم المستقل في باريس: «ينبغي أن تتحول الكتابة المتخصصة في قطاع الأفلام إلى مهنة متفرغة، بحيث يصبّ الموهوب من الكتّاب والباحثين، كامل وقته وجهده وطاقته على إنتاج أعمال رصينة، خصوصاً في هذه المرحلة الحيوية التي تتطلب انطلاقة جادة لصناعة السينما في السعودية، وتسجيل نجاح لقطاع الأفلام في السعودية».
وأكد المخرج السعودي أن الدعم اللامحدود الذي يجده قطاع الأفلام، والمبادرات المهمة التي شهدها القطاع خلال الفترة القصيرة الماضية، لم يحلّ بشكل نهائي معضلة التمويل التي لا تزال قائمة، داعياً إلى أهمية إدماج القطاع الخاص في هذه العملية، مشيراً إلى أن كثيراً من العلامات التجارية الكبرى في القطاع الخاص مترددة في دعم السينما السعودية، وأوعز ذلك إلى ضعف الوعي بهذه الأداة المهمة في دعم المجتمعات المحلية نحو أهدافها الشاملة والنهائية.
ودعا إلى المواصلة في بناء خطة استراتيجية وأرضية لوجيستية ورؤية واضحة، لدعم استثمار القطاع الخاص في هذا المجال، وتوفير أرضية خصبة لنمو أعمال الأفلام، مع أهمية الشغف وتوجيهه لدعم صناعة سينما جادة ومؤثرة وذات ربحية عالية.
ومن المنتظر أن تنطلق الخميس المقبل النسخة التاسعة من مهرجان أفلام السعودية، الذي يستمر لـ8 أيام من العروض الفيلمية والتجارب السينمائية المختلفة. وتشهد دورة هذا العام التي تأتي تحت محور «الكوميديا»، وهو أول احتفاء جاد بهذا النوع من الفن السينمائي، عرض 78 فيلماً، ضمن 48 مجموعة عرض و4 مجموعات للأطفال، فيما سيتاح لأول مرة في المهرجان مشاهدة 8 أفلام عبر أجهزة الواقع الافتراضي المصممة لخلق تجربة سينمائية مختلفة.
آفاق سينمائية واعدة لتوثيق قصص المجتمع السعودي عبر الأفلام والتجارب الشخصية
آفاق سينمائية واعدة لتوثيق قصص المجتمع السعودي عبر الأفلام والتجارب الشخصية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة