«معبد التنبؤات»... هنا حطّ الإسكندر الأكبر رحاله وتُوّج ابناً لآمون

أحد أشهر مزارات المولعين بالحضارة المصرية في واحة سيوة

إطلالة على واحة سيوة (الصفحة الرسمية لواحة سيوة على {فيسبوك})
إطلالة على واحة سيوة (الصفحة الرسمية لواحة سيوة على {فيسبوك})
TT

«معبد التنبؤات»... هنا حطّ الإسكندر الأكبر رحاله وتُوّج ابناً لآمون

إطلالة على واحة سيوة (الصفحة الرسمية لواحة سيوة على {فيسبوك})
إطلالة على واحة سيوة (الصفحة الرسمية لواحة سيوة على {فيسبوك})

أطلال تشعل بداخلك حالة من الحنين إلى زمن الفروسية. أعمدة على الطراز القديم تحكى قصصاً تاريخية مليئة بأمجاد النصر وأناشيد الحب في عصر بعيد. طاقة إيجابية تشحن وجدانك، وإطلالة لا تُنسى، حيث يتمدد أمامك النخيل والبيوت البدوية والبحيرات والعيون لتعِدك برحلة استثنائية.
هنا «معبد التنبؤات»، الذي يُعدّ أحد أشهر مزارات واحة سيوة، التابعة لمحافظة مطروح المصرية، حيث ينهض فوق هضبة ترتفع 30 متراً فوق سطح البحر. ترجع خصوصية المعبد بين الآثار المصرية المعروفة، إلى كونه مهبط وحي الإله آمون وفق المعتقدات المصرية القديمة، مما جعل بسطاء الناس يهرعون إلى المكان قديماً؛ طلباً لاستشارة «المعبود»، ومعرفة ما تخبئه الأيام عن طريق كهنة المعبد، ومن هنا جاء اسم المعبد، الذي يُعرَف أيضاً بـ«معبد وحي آمون».
ووفقاً للموقع الرسمي لوزارة السياحة والآثار المصرية، يعود تاريخ المعبد إلى الأسرة 26 التي عاشت قبل نحو 2600 عام، حيث تشير النقوش الموجودة بمنطقة «قدس الأقداس» إلى أنه أنشئ على يد الملك أحمس الثاني؛ أبرز ملوك تلك الأسرة الفرعونية.

أطلال وجدران تروي التاريخ (فيسبوك)

ومن الأحداث الكبرى التي منحت «معبد التنبؤات» المزيد من الأهمية التاريخية، هو لجوء الإسكندر الأكبر؛ أحد أشهر القادة العسكريين في التاريخ الإنساني، إلى المعبد، عام 331 قبل الميلاد، ضمن حملته الحربية على الشرق، إذ كان من الذكاء بحيث فهم طبيعة المصريين القدماء، وأراد أن يتقرب إليهم عبر التودد إلى معبودهم الرئيسي؛ حتى يتقبله الشعب حاكماً لمصر، وهو ما جرى بالفعل، بل إن الكهنة توَّجوا القائد المقدوني «ابناً لآمون»، ومن هنا أصبح المعبد يحمل أحياناً اسم «معبد الإسكندر».
ووفق مؤرخين وباحثين، لم تتوقف علاقة الرجل بالمعبد عند هذا الحد، فقد أراد القائد، الذي غزا معظم ممالك الأرض، أن ينتهز فرصة وجوده في معبد تقوم سُمعته الكبرى على التنبؤات التي تحظى بمصداقية شديدة، فتوجَّه إلى الكهنة وطرح عليهم سؤالاً مباشراً لا يحتمل أي التباس: هل سيحكم العالم كما يحلم ويتمنى؟ وجاءت الإجابة: نعم، ستحكم العالم، ولكن ليس لفترة طويلة!
ومن الروايات الغريبة حول المعبد، تلك الحملة التي شنّها الملك الفارسي قمبيز على مصر عام 525 قبل الميلاد؛ بهدف هدم المعبد، بزعم أنه مصدر لعقائد فاسدة، إلا أن الجيش المنوط به الهدم اختفى في صحراء سيوة، ولم يُعثر عليه مطلقاً، وفق ما أشار إليه الدكتور حسين عبد البصير، الباحث الأثري ومدير متحف مكتبة الإسكندرية.
خلال جولتك، ستجد أن التصميم المعماري للمكان ينقسم إلى ثلاثة أجزاء، هي: المعبد الرئيسي، وقصر الحاكم، وجناح الحراس. يحتوى المعبد على عدة ملحقات، كالبئر المقدسة التي كان يجري فيها الاغتسال والتطهر.

... وتحكي سيرة عصور وأزمنة (فيسبوك)

ولا تقتصر روعة المعبد على تاريخه وأحداثه الكبرى، بل يمتد الأمر إلى الظواهر الفلكية الخارقة، حيث يشهد المعبد ظاهرة تسمى «الاعتدال الربيعي»، وفيها تتعامد الشمس على المكان، مرتين كل عام، في الربيع والخريف، حيث يقع أطول نهار في العام، وبعد 90 يوماً يقع أطول ليل.
تبعد واحة سيوة، التي تحتضن المعبد، نحو 820 كيلومتراً عن القاهرة، حيث يمكنك زيارة المكان عبر الباصات السياحية الفاخرة التي تنطلق من العاصمة. ولا تقتصر زيارتك لسيوة، بالطبع، على «معبد التنبؤات»؛ فهناك عدد من الآثار والمزارات التاريخية الأخرى، مثل معبدي «الخزينة»، و«أم عبيدة»، اللذين لم يتبقَّ منهما سوى القليل من الأطلال، كما تضم الواحة كذلك «جبل الموتى»؛ وهو مقبرة ضخمة تتوزع على ثلاثة مستويات مصممة وفق الطراز اليوناني الروماني، حيث تبدأ بمدخل، ثم صالة طويلة، ثم حجرة دفن داخلية، ومعظم هذه المقابر جرى نهبها في فترات زمنية سابقة.
وتُعدّ الواحة مصدراً مدهشاً للسياحة العلاجية بسبب طبيعة طقسها الجافّ وخلوّها من الرطوبة، نتيجة وقوعها في قلب الصحراء الغربية، بالقرب من الحدود الليبية. هنا لديك الفرصة للتمتع بالرمال البيضاء الساخنة التي تعالج الروماتيزم وآلام المفاصل والعمود الفقري، كما تحتوي الواحة على عدد من العيون والآبار، مثل «حمام كليوباترا»، و«عين العرايس»، فضلاً عن فرص السفاري، والمبيت في الصحراء، وإقامة حفلات الشواء.
وترشح لك المواقع المتخصصة عدداً من الخيارات في الإقامة، والتي تتدرج من الفنادق ذات «الخمس نجوم» إلى بيوت الضيافة والـ«كامبات» الأقل سعراً، مثل «سيوة شالي ريزورت»، و«دريم لودج»، و«الناحية»، و«قصر السلام»، و«جراند سيوة هوم»، و«كافور هاوس سيوة». وينصح الخبراء بزيارة «معبد التنبؤات»، وغيره من معالم سيوة، في الفترة من بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، حتى نهاية مارس (آذار)، حيث تختفي حرارة الصيف الشديدة وتستمتع بأجواء من الدفء والطقس المعتدل.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

مساعٍ سعودية لتحويل 8 مدن واعدة إلى وجهات عالمية

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
TT

مساعٍ سعودية لتحويل 8 مدن واعدة إلى وجهات عالمية

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)

وسط مسعى السعودية لتنمية مدنها والارتقاء بمعايير جودة الحياة العصرية وتوسيع نطاق العروض السياحية، أبرم عدد من الجهات في القطاعين الخاص والحكومي اتفاقيات بارزة مؤخّراً في هذا الإطار، وشهد معرض «سيتي سكيب» العالمي في الرياض توقيع عدد من هذه الاتفاقيات.

وبهدف تحسين جودة الحياة في عدد من المدن الواعدة في السعودية، أعلنت «أسفار»، الشركة السعودية للاستثمار السياحي، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي، عن توقيع مذكرة تفاهم مع «وزارة البلديات والإسكان»، ووفقاً للمسؤولين، سيوفّر هذا التعاون الاستراتيجي فرصاً ترفيهية وثقافية ورياضية جديدة في الأماكن العامة غير المستغلة، ما يسهم في نمو قطاع السياحة في البلاد.

تعزيز الثقافة المحلية والجمال الطبيعي للمناطق

وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال الدكتور فهد بن مشيط، الرئيس التنفيذي لشركة أسفار: «نسعى إلى تحويل المدن الواعدة في السعودية إلى وجهات عالمية من خلال استثمارات استراتيجية تعزز الثقافة المحلية، وتبرز الجمال الطبيعي الفريد لكل منطقة». وأضاف أن هذه المبادرات «تمثِّل خطوة مهمة في رحلتنا المستمرة نحو بناء شراكات قوية وتوحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص لدفع عجلة السياحة في السعودية».

جانب من التوقيع بين «وزارة البلديات والإسكان» و«أسفار» إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي. (الشرق الأوسط)

وبحسب ابن مشيط، تتطلّع «أسفار» إلى تعزيز علاقتها مع البلديات وهيئات تطوير المناطق التي تستثمر فيها لتحقيق مهمتها، كاشفاً عن التزام بـ«ترسيخ مكانة السعودية على خريطة السياحة العالمية، وأن نكون جسراً نحو نمو مستدام يحقق قيمة طويلة الأمد للمجتمعات السعودية عبر كافة مناطق السعودية وإثراء تجارب الزوار».

تحويل المساحات إلى وجهات حيوية

وعلمت «الشرق الأوسط» أن التعاون الاستراتيجي يستهدف أيضاً تحويل المساحات غير المستغلة إلى وجهات مجتمعية حيوية، ما يساعد في تحسين جودة الحياة في عدد من المدن الواعدة في السعودية عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر، وذلك تماشياً مع مشروع «بهجة» المبادرة الوطنية للوزارة، بهدف تنمية المدن وتعزيز رفاهية سكانها وتجربة زوارها نحو تحقيق مفهوم جودة الحياة، كما يتناغم مع ما تلتزم به «أسفار» من تحويل المدن الواعدة إلى وجهات سياحية بارزة، تحقيقاً لمستهدفات «رؤية السعودية 2030».

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)

8 مدن واعدة

ووفقاً لمصادر «الشرق الأوسط»، جاءت الـ8 مدن الواعدة، التي ستعمل «أسفار» على تحويلها إلى وجهات سياحية بارزة كالتالي: الأحساء، الباحة، الجوف، حائل، الخبر، ينبع، الطائف، الدمام.

وفي الإطار ذاته، أُبرمت الاثنين اتفاقية ثلاثية، جمعت أمانة المنطقة الشرقية، وهيئة تطوير المنطقة الشرقية، وشركة «أسفار»، بحضور خالد البكر الرئيس التنفيذي لبرنامج جودة الحياة في السعودية، وهدفت الاتفاقية إلى تعزيز الاستثمار السياحي في مدينة الخبر، ودعم أهداف برنامج جودة الحياة في السعودية، وتضمّنت الاتفاقية إلى جانب تعزيز الوجهات السياحية والترفيهية في المنطقة الشرقية، وتحديداً مدينة الخُبر، تطوير موقع «الكورنيش الجنوبي» ليصبح وجهة سياحية متكاملة ورائدة في القطاع السياحي للمواطنين، المقيمين والزوار على حد سواء.