مصر: وحدات «دعم نفسي» للأطفال النازحين من السودان

تضم عيادات ثابتة ومتنقلة في أسوان

وزير الصحة المصري يتفقد الأطفال النازحين في وحدات الدعم النفسي
وزير الصحة المصري يتفقد الأطفال النازحين في وحدات الدعم النفسي
TT

مصر: وحدات «دعم نفسي» للأطفال النازحين من السودان

وزير الصحة المصري يتفقد الأطفال النازحين في وحدات الدعم النفسي
وزير الصحة المصري يتفقد الأطفال النازحين في وحدات الدعم النفسي

في إطار جهود استقبال النازحين من الحرب بالسودان، دشنت مصر وحدات «دعم نفسي» للأطفال من الجنسيات كافة، تضم عيادات متنقلة وثابتة على المعابر الحدودية بمدينة أسوان (جنوب مصر)؛ بهدف تقديم الدعم النفسي للأطفال والمراهقين والعلاج المبكر لما يسمى «أمراض النزوح».

ووفقاً لوزارة الصحة والسكان المصرية، تفقد الوزير الدكتور خالد عبد الغفار، الأربعاء، عدداً من وحدات «الدعم النفسي» التي تم تدشينها تحت اسم «نادي الأسرة» بمدينة أسوان؛ للوقوف على جاهزيتها وتوافر الطواقم الطبية والأدوية.
ومن بين العيادات النفسية التي تفقدها عبد الغفار «عيادات موقف كركر» البري على الحدود السودانية للاطمئنان على توافر الطواقم الطبية والأدوية. ووفقاً للمتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية الدكتور حسام عبد الغفار، فإن «الخدمات المقدمة في موقف كركر تضم 5 عيادات متنقلة يقوم عليها فريق من 10 أطباء، و18 ممرضة، و3 صيادلة، بالإضافة إلى 4 فرق تقدم خدمات للصحة العامة»، ونوّه إلى أن عدد المترددين على عيادات كركر يبلغ «نحو 350 حالة يومياً».
كما تفقد وزير الصحة «فرق الطب الوقائي المكلفين مكافحة الحشرات والقوارض ونواقل الأمراض»، «ضمن خطة الوزارة لتأمين المواطنين والقادمين من السودان، والتي تشمل القوافل العلاجية، ومستشفيات الإحالة، والخدمات الإسعافية، التطعيمات».
ويعاني النازحون من الحروب ومناطق النزاعات العسكرية مشكلات نفسية عدة يتطور بعضها إلى ما يسمى «أمراض النزوح»، وفقاً للدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي والمخ والأعصاب في مصر.
وقال فرويز، الذي عمل استشارياً للطب النفسي لدى الأمم المتحدة في معسكرات النازحين بدول عدة، منها السودان وأفغانستان والعراق في الفترة من 2007 حتى 2011، إن «عدداً من النازحين يصابون بما يسمى (أمراض النازحين)، وهو مرض يطلق عليه علمياً (عصاب ما بعد الصدمة) حيث يجتر المريض ذكريات الحرب السيئة، ويمكن أن تظهر عليه أعراض عدة، مثل الانطوائية والانسحابية والشعور بالاضطهاد».
وأوضح فرويز لـ«الشرق الأوسط»: «الأيام الأولى الثلاثة مهمة جداً في متابعة النازحين عقب وصولهم إلى البلد المضيف، حيث تجب مراقبة سلوكياتهم وانفعالاتهم النفسية، ومعظمهم يصاب باضطراب النوم، لكن إذا تحول النوم إلى شكل طبيعي تدريجياً فلا يوجد مشكلة».

وبحسب فرويز «يجب إخضاع النازحين لمراقبة سلوكية ومتابعة نفسية لنحو 6 أشهر؛ إذ إن من يصاب منهم بمرض (عصاب ما بعد الصدمة) يجعله متوجساً من كل شيء، فإذا سمع أي صوت حاد كصوت فرقعة موتور سيارة يصاب بالفزع ويخلط بين المكان الموجود فيه وذكرياته السابقة عن الحرب، كما أن توفير دعم عاطفي مهم جداً، وهو ما يتوافر في حالة وجود النازحين السودانيين بمصر والحفاوة التي يلقونها».
وتبذل مصر جهوداً متنوعة لتخفيف معاناة النازحين عقب مساعدتهم على عبور الحدود، منها وفقاً لتقرير للهيئة العامة للاستعلامات، إجلاء نحو 7 آلاف مصري من السودان حتى (الثلاثاء)، فضلاً عن نحو 3 آلاف أجنبي وآلاف السودانيين، كما أقامت جمعية الهلال الأحمر المصري مخيمات إغاثة طبية على عدد من المعابر الحدودية بين مصر والسودان، منها معبرا أرقين وقسطل لتقديم الدعم الطبي للنازحين، ووفرت وزارة النقل المصرية أسطولاً من المركبات لنقل النازحين عبر الحدود البرية.



كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.