السلطات التونسية تؤجل حسم التحوير الحكومي في انتظار الإعلان عن مرشحي «نداء تونس»

فشل تعيين مسؤولي الجهات نتيجة حسابات سياسية محورها الانتخابات البلدية المقبلة

السلطات التونسية تؤجل حسم التحوير الحكومي في انتظار الإعلان عن مرشحي «نداء تونس»
TT

السلطات التونسية تؤجل حسم التحوير الحكومي في انتظار الإعلان عن مرشحي «نداء تونس»

السلطات التونسية تؤجل حسم التحوير الحكومي في انتظار الإعلان عن مرشحي «نداء تونس»

فشلت معظم محاولات تقريب وجهات النظر بين أحزاب الائتلاف الحاكم في تونس نتيجة خلافات بشأن لوائح المرشحين لتولي أكبر المسؤوليات على المستويين الجهوي والمحلي. وتنظر الأحزاب السياسية الكبرى إلى هذه التعيينات باعتبارها مفتاح النجاح في الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها السنة المقبلة.
والتقى الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، بداية الأسبوع، الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الراغبة في نيل عدد أكبر من المسؤولين من بين إطاراتها وقيادييها. ولا يزال الصيد في انتظار الحصول على مقترحات حركة نداء تونس، وهو الحزب الفائز بأغلبية الأصوات في الانتخابات البرلمانية الماضية، لحسم تحوير حكومي سيشمل نحو 14ولاية (محافظة)، وفق تسريبات من قيادات سياسية مشاركة في الائتلاف الرباعي الحاكم (حزب نداء تونس وحركة النهضة وآفاق تونس والاتحاد الوطني الحر).
ووفق مصادر من رئاسة الحكومة تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن هذا التعديل سيشمل مراكز ثقل اقتصادي واجتماعي مهمة من بينها تونس العاصمة وصفاقس، كما ينتظر أن تستأنس الحكومة بمقترحات الأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم قبل الإعلان عن لائحة المسؤولين الجدد في الجهات والمناطق المحلية.
وتأجل الإعلان عن أسماء المسؤولين الجدد في أكثر مناسبة، آخرها نهاية الأسبوع الحالي، حيث تعطلت عملية الإعلان من جديد نتيجة خلافات حادة حول تولي تلك المناصب وتكاثر عدد الراغبين فيها، وتواتر مئات السير الذاتية للمرشحين على رئاسة الحكومة. ورجّحت المصادر ذاتها أن يعول أساسا على الإطارات الشابة المتشبعة بمفاهيم التصرف الإداري والمعرفة الجيدة بالملفات القطاعية.
وشملت حركة تعديل جرت خلال الأشهر الماضية تسع ولايات، وهي قفصة والقيروان وقابس وتطاوين وزغوان وجندوبة، بالإضافة إلى حركة جزئية ثانية شملت ولايتي بنزرت والمهدية، كما غيرت الحكومة المسؤول الأول في ولاية سوسة إثر تعرضها إلى هجوم إرهابي نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي.
ومن غير المستبعد أن تراجع الحكومة سلك المعتمدين الأولين والكتاب العامين في الولايات، وقد تطال هذه العملية أكثر من 60 موقعا في توجه ديناميكي على المستوى الجهوي والمحلي استعدادا للانتخابات البلدية التي تكرس مبدأ الحكم الذاتي.
وتعرضت حركة نداء تونس إلى ضغوط متعددة بعد إعلانها عن فتح باب الترشح لهذه الخطط أمام الآلاف من كوادرها السياسية، وأحدثت لجنة مصغرة أسندت لها مهمة تحديد قائمة المرشحين.
وتعرضت لجنة اختيار المرشحين إلى انتقادات عدة، إذ أشار صالح الحاج عمر القيادي في حركة نداء تونس إلى أن «قائمة الولاة الجدد أعدت في الظلام الدامس ومقاييسها الوحيدة هي الولاء لزيد أو لعمرو دون اعتبار شرط الكفاءة، وفي غياب استشارة فعلية لمناضلي الحزب»، على حد تعبيره.
وبالإضافة إلى استحواذ حزب حركة نداء تونس على نحو نصف المرشحين لتلك المسؤوليات السياسية، لا يستبعد أن تتدخل حكومة الحبيب الصيد بشكل مباشر في اختيار ثلاثة مرشحين على الأقل، على أن يتقدم كل من حزب «آفاق تونس» وحزب «الاتحاد الوطني الحر» بمرشح واحد، وتشارك حركة النهضة بمرشحين اثنين.
وتتزامن هذه التعيينات الجديدة مع مرحلة اقتصادية واجتماعية صعبة للغاية تقتضي بالأساس تفعيل دور السلط على المستوى الجهوي، بهدف إنعاش الاقتصاد وتسريع نسق إنتاج الثروات باعتباره المدخل الحاسم لإصلاح الأوضاع، وتطبيق توجهات المخطط التنموي الجديد (2016 - 2020) الذي تلعب السلط الجهوية والمحلية دورا مهمًا في ضبط أولوياته.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.