رغم الوضع الإنساني «الكارثي»... المعارك تتواصل في السودان

عائلة سودانية تجلس بسطح منزل في الخرطوم وسط الاشتباكات (رويترز)
عائلة سودانية تجلس بسطح منزل في الخرطوم وسط الاشتباكات (رويترز)
TT

رغم الوضع الإنساني «الكارثي»... المعارك تتواصل في السودان

عائلة سودانية تجلس بسطح منزل في الخرطوم وسط الاشتباكات (رويترز)
عائلة سودانية تجلس بسطح منزل في الخرطوم وسط الاشتباكات (رويترز)

تواصلت المعارك العنيفة في السودان اليوم (الثلاثاء)، بين قوات الجنرالين المتصارعين على السلطة رغم هدنة يتم تمديدها بانتظام من دون الالتزام بها، فيما يحذر المجتمع الدولي من وضع إنساني «كارثي».
وقال أحد سكان الخرطوم لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «نسمع طلقات نارية وهدير طائرات حربية ودوي مدافع مضادّة للطائرات».
وتسود حالة من الفوضى العاصمة السودانية منذ اندلعت المعارك في 15 أبريل (نيسان) بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها نائبه محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي».
وأسفرت المعارك في الخرطوم ومناطق أخرى، خصوصاً دارفور (غرب)، عن سقوط أكثر من 500 قتيل و5000 جريح، بحسب البيانات الرسمية التي يُعتقد أنّها أقلّ بكثير من الواقع. ويستمرّ الأجانب في مغادرة البلاد كما يواصل السودانيون بالآلاف النزوح داخل بلدهم أو الفرار إلى الدول المجاورة.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1653314689562992641
واليوم، قال متحدّث باسم المنظمة الدولية للهجرة خلال مؤتمر صحافي دوري في جنيف إنّ المعارك الدائرة في السودان أجبرت أكثر من 334 ألف شخص على النزوح داخل البلاد، وأكثر من 100 ألف آخرين على اللجوء إلى الدول المجاورة.
وأعلن الجيش الروسي الثلاثاء إجلاء أكثر من 200 شخص من السودان إلى موسكو، ومن بينهم دبلوماسيون وطواقم عسكرية وأقاربهم ومواطنون آخرون من روسيا ومن «دول صديقة» وجمهوريات سوفياتية سابقة.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1653359229959299080
وتتوقع الأمم المتحدة فرار «800 ألف شخص» إلى الدول المجاورة مثل مصر وتشاد وإثيوبيا وأفريقيا الوسطى. أما الذين لا يستطيعون مغادرة السودان، والكثير منهم لعدم توافر الإمكانات المالية، فيواجهون نقصا في الغذاء والمياه والكهرباء فيما تصل درجة الحرارة في الخرطوم إلى 40 درجة مئوية. وخلال اجتماع في الأمم المتحدة مساء الاثنين، حذّر منسق المساعدات الإنسانية للسودان عبده دينغ من أنّ النزاع يحوّل المأساة الإنسانية إلى «كارثة حقيقية».
والثلاثاء، أعلنت الأمم المتّحدة أنّ برامجها المخصّصة لتلبية الاحتياجات الإنسانية في السودان لم تؤمّن حتى اليوم سوى 14 في المائة من التمويلات اللازمة لعملياتها لهذا العام وبالتالي فهي ما زالت بحاجة لـ1.5 مليار دولار لتلبية هذه الاحتياجات التي تفاقمت منذ اندلاع المعارك.

لاجئة سودانية وابنها يعبران إلى تشاد على ظهر حمار بالقرب من كفرون

بدوره، حذّر الرئيس الكيني وليام روتو من أنّ الوضع في السودان بلغ «مستوى كارثياً». وقال إن الجنرالين «المتحاربين يرفضان الاستماع إلى نداءات» المجتمع الدولي، وطالب بـ«إرسال مساعدات سواء تم وقف إطلاق النار أم لا».
وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الكيني، كرّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن «دعم الولايات المتحدة» للجهود الدبلوماسية المبذولة «من أجل إنهاء النزاع» وتأمين «وصول المساعدات الإنسانية بلا عوائق».
وتوجّه مفوّض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث الاثنين إلى نيروبي في مهمة عاجلة. وكتب غريفيث في تغريدة على تويتر «الوضع منذ 15 أبريل كارثي». وما زاد الوضع تفاقماً هو أنّ أعمال العنف والنهب لم تستثنِ المستشفيات ولا المنظمات الإنسانية التي اضطر العديد منها إلى تعليق أعمالها في السودان.
وتخشى منظمة الصحة العالمية كذلك من «كارثة» في النظام الصحّي الذي كان أساساً هشّا في بلد هو من الأفقر في العالم. وتعمل 16 في المائة فقط من المنشآت الصحية في الخرطوم ولكنها تعاني من نقص في المستلزمات وكوادرها الطبية منهكة، بحسب منظمة الصحة العالمية. ومع ذلك ترسل المساعدات بالقطّارة. فقد وصلت ست حاويات من منظمة الصحية العالمية محملة بمستلزمات طبية لمعالجة المصابين بجراح خطرة ومن يعانون سوء تغذية حادّاً.
وتم توزيع وقود على بعض المستشفيات التي تعتمد في الكهرباء على المولّدات. وعاود برنامج الأغذية العالمي استئناف نشاطه بعد أن علّقه مؤقتاً إثر مقتل ثلاثة من موظفيه في بداية الحرب.
وخارج الخرطوم، تسود الفوضى في ولاية غرب دارفور حيث بات مدنيون يشاركون في أعمال العنف بين القبائل المتناحرة، بحسب الأمم المتّحدة. وأحصت الأمم المتّحدة سقوط قرابة مائة قتيل منذ الأسبوع الماضي عندما بدأ القتال في هذه المنطقة التي شهدت في العقد الأول من الألفية الثانية حربا أهلية أوقعت 300 ألف قتيل وأدّت إلى نزوح 2.5 مليون شخص.
وأعربت نقابة الأطباء عن قلقها إزاء «الانهيار الكامل للنظام الصحي في الجنينة»، عاصمة غرب دارفور، مضيفة أنّ نهب المراكز الصحية ومخيّمات النازحين أدّى إلى «إجلاء عاجل» للفرق الإنسانية.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.