مجموعة اليورو توافق على خطة إنقاذ اليونان بإجمالي 86 مليار يورو

لاغارد ترحب بالاتفاق وتطالب مجددًا بشطب جزء من ديون أثينا

مجموعة اليورو توافق على خطة إنقاذ اليونان بإجمالي 86 مليار يورو
TT

مجموعة اليورو توافق على خطة إنقاذ اليونان بإجمالي 86 مليار يورو

مجموعة اليورو توافق على خطة إنقاذ اليونان بإجمالي 86 مليار يورو

تسود أجواء إيجابية وردود فعل مرحبة في اليونان على الأقل في الأوساط السياسية، تجاه إعطاء الضوء الأخضر من قبل وزراء مالية منطقة اليورو وموافقتهم النهائية على إقراض اليونان ما يصل إلى 86 مليار يورو على مدار ثلاث سنوات يتم سدادها على 32 سنة.
وجاء قرار مجموعة اليورو بعد محادثات استمرت ست ساعات في بروكسل، بعدها صدر بيان جاء فيه أن مجموعة اليورو تعتبر أن العناصر الضرورية باتت متوفرة لبدء الإجراءات ذات الصلة على المستويات الوطنية واللازمة لإقرار المساعدة المالية لليونان من آلية الاستقرار الأوروبية.
ووفقا للقرار يتم تخصيص 10 مليارات يورو من هذه الشريحة لإعادة رسملة البنوك اليونانية التي تضررت من الاضطرابات المالية وفرض قيود على رأس المال في يونيو (حزيران) ويتم صرف هذه الأموال فورا، فيما تتسلم أثينا 13 مليار يورو أخرى يوم الخميس لسداد التزامات ديون عاجلة، من ثم 3 مليارات ربما على أقساط وفقا لتنفيذ الإصلاحات المتفق عليها.
وتنص بعض بنود الاتفاقية التي صدقت عليها مجموعة اليورو، بهدف عودة أثينا إلى النمو ومعالجة مشكلات الاقتصاد اليوناني، واستعداد وزراء مالية اليورو لاتخاذ إجراءات تطيل من زمن سداد القرض من أجل ضمان استدامة الديون اليونانية، ومشاركة صندوق النقد الدولي في البرنامج، وأن مجموعة اليورو قررت أن المبلغ الإجمالي للبرنامج سوف يصل إلى 86 مليار يورو ويشمل هذا المبلغ 25 مليارا لإعادة رسملة المصارف اليونانية.
وأن الشريحة الأولى من البرنامج هي 26 مليار يورو، وسيتم إعطاؤها لأثنيا على دفعتين؛ الدفعة الأولى وهي فورية 10 مليارات يورو، وسيتم دفعها مباشرة للمصارف لإعادة رسملتها.
الدفعة الثانية ستكون 16 مليار يورو، وسيتم دفعها على قسطين؛ الأول 13 مليار يورو بحلول 20 أغسطس (آب) الحالي، والمبلغ المتبقي 3 مليارات يورو، من المحتمل إعطاؤه مرة واحدة لليونان أو على عدة أقساط حتى الخريف وفقا للشروط المسبقة لتنفيذ الإصلاحات.
أيضا يتضمن الاتفاق تسليم الدفعة الثانية لإعادة رسملة المصارف وقيمتها 15 مليار يورو، اعتمادا على الاحتياجات المستجدة لاختبار التحمل في المصارف، وسيتم دفع المبلغ بعد التقييم الأول، وعلى أي حال سوف يكون قبل 15 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وأن مجموعة اليورو وافقت على إنشاء صندوق جديد مستقل لاستغلال الممتلكات العامة، وسوف يتم تقييم الأصول بطريقة تضمن أن السعر يعكس القيمة الفعلية للأصول.
وتبلغ القيمة الإجمالية للصندوق 50 مليار يورو، منها 25 مليارا لإعادة رسملة البنوك في حين أن القيمة المتبقية البالغة 25 مليار يورو، سوف يستخدم منها ما نسبته 50 في المائة لخدمة الديون أي 12.5 مليار يورو، والباقي 50 في المائة سوف يتم تخصيصها للتنمية. ويعمل هذا الصندوق جنبا إلى جنب مع عمليات الخصخصة التي ستخصص عائداتها بالكامل لسداد الديون.
ولا تزال هناك بعض القضايا التي تحتاج إلى تسويتها بعدما تم إبرام اتفاق يوم الثلاثاء بين اليونان والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي وآلية الاستقرار الأوروبي، وتشمل تلك الأمور استمرار مشاركة الصندوق في الإشراف على برنامج منطقة اليورو الجديد مع إرجاء تلبية دعوات الصندوق لإعفاء اليونان من ديون حتى إجراء مراجعة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
من جانبه، حذر رئيس مجموعة اليورو يروين ديسلبلوم من أنه إذا فشلت أثينا في تطبيق الإجراءات فإن البرنامج سيتوقف على الفور، ووصف موافقة البرلمان اليوناني لاتفاق الحكومة مع الدائنين بأنه شيء جيد، لكنه أضاف أنه لا يزال يتعين أن توافق عليه دول منطقة اليورو الأخرى التي لا تثق بسهولة في أثينا، موضحا أن أول تقييم لمسيرة الإصلاحات سوف يجري في شهر سبتمبر (أيلول) أو أكتوبر.
وطالب وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله، بتعهد واضح من صندوق النقد الدولي بالمشاركة بتقديم مساعدات لليونان، وقال على هامش اجتماع وزراء مالية اليورو بشأن اليونان: «من الضروري تقديم التزام واضح وملزم بقدر الإمكان.. هذا شرط بالنسبة لنا»، حيث لا يرغب صندوق النقد الدولي في اتخاذ قرار بالمشاركة في منح اليونان مساعدات جديدة إلا بعدما تبدأ أثينا المثقلة بالديون في تطبيق تعهداتها بالتقشف والإصلاح.
ولكن رحبت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد بالاتفاق على برنامج المساعدات الثالث لليونان، واصفة إيّاه في بيان بـ«الخطوة المهمة جدًا»، لكنها أعادت التأكيد على أن ديون أثينا «غير قابلة للسداد»، مطالبة الأوروبيين بمنحها إعفاءات «كبيرة».
وأكدت لاغارد أن هذا الاتفاق الذي يمنح اليونان ما مقداره 86 مليار يورو تقريبًا، يتطلب جهدًا حاسمًا وذا مصداقية من جانب السلطات اليونانية لاستعادة النمو المستدام والقوي، وأنها ما زلت على قناعة راسخة بأن الديون اليونانية أصبحت لا تحتمل، وقالت لاغارد: «لا يمكن لليونان، وحيدة، معالجة هذا الدين.. يجب أن يقدّم الشركاء الأوروبيون لليونان التزامات ملموسة، لتخفيف عبء الديون الكبيرة التي تتجاوز بكثير ما رأيناه حتى الآن».
وعلى الصعيد الداخلي، فتواجه اليونان أزمة سياسية داخلية، خصوصا بعد أن فقد رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس 44 برلمانيا من حزبه سيريزا اليساري يرفضون الاتفاق مع الدائنين وهم جميعا من الجناح اليساري المتطرف داخل حزب سيريزا، مما يضطر تسيبراس وفقا للمصادر إلى التقدم بطلب منح الثقة في البرلمان بعد العشرين من أغسطس الحالي، الشيء الذي قد يترتب عليه اللجوء إلى انتخابات عامة مبكرة.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»