حكايا الشارع السعودي تدهش جمهور «مالمو»

رئيس المهرجان لـ «الشرق الأوسط»: قوة السينما في إغراقها بـ«المحليّة»

حضور سعودي في مهرجان مالمو للسينما العربية (مهرجان مالمو للسينما العربية)
حضور سعودي في مهرجان مالمو للسينما العربية (مهرجان مالمو للسينما العربية)
TT

حكايا الشارع السعودي تدهش جمهور «مالمو»

حضور سعودي في مهرجان مالمو للسينما العربية (مهرجان مالمو للسينما العربية)
حضور سعودي في مهرجان مالمو للسينما العربية (مهرجان مالمو للسينما العربية)

يشهد مهرجان مالمو للسينما العربية في السويد، الذي تتواصل فعالياته في هذه الأيام، حضوراً سعودياً كثيفاً بمشاركة 8 أفلام محلية، تركز على قصص الحياة اليومية وتفاصيل الشارع السعودي بكل ما تحمله من آمال وتطلعات وتحديات، وهو ما يجمع النقاد على أنه نقطة قوة لهذه الأفلام التي تظهر نُضج التجارب السينمائية السعودية في فترة وجيزة.
ويبدو من اللافت أن اليوم الذي ينتهي فيه مهرجان مالمو هو اليوم نفسه الذي يبدأ فيه مهرجان أفلام السعودية في دورته التاسعة، مساء الخميس المقبل، مما يعني أن صناع الأفلام السعوديين سينتقلون سريعاً من مهرجان أوروبي إلى مهرجان محلي يحظى باهتمام كبير، ينطلقون بعدها إلى مهرجان كان السينمائي الدولي الذي يعد الأهم عالمياً في 17 من الشهر الجاري، وما بين كل محطة وأخرى تبهر السينما السعودية جمهورها الذي يتابع تطوراتها المتسارعة.

حضور سعودي في مهرجان مالمو للسينما العربية (مهرجان مالمو للسينما العربية)

يقول محمد قبلاوي، مؤسس ورئيس مهرجان مالمو للسينما العربية في السويد، لـ«الشرق الأوسط» إن قوة الفيلم المحلي تكمن في عمقه وطرحه لقصص تفصيلية من الحياة، ويردف: «اليوم نرى أن السينما أصبحت لغة بصرية عالية الجودة، تصل بأسرع الطرق، وكثير من الأفلام السعودية تغرق في المحلية وهذا أمر يميزها، كما أن كثيراً من الشباب تعلم السينما من خلال الخبرة أو الدراسة الأكاديمية ثم عاد ليصنع أفلاماً بلغة بصرية وقصص محلية».
قصص محليّة
ومع تأكيد قبلاوي على أن نكهة السينما السعودية تكمن في غوصها في المحلية، يقول: «من المهم أن نرى أفلاماً تشبهنا وتحكي عنا، فالأوروبيون ليسوا بحاجة لمشاهدة أفلام تشبههم، بل تشدهم القصص التي تأتي من ثقافات مختلفة»، مبيناً أن الأفلام السعودية استطاعت أن تجذب شريحة كبيرة إليها بالاتكاء على هذه الميزة.
وتضم قائمة الأفلام السعودية التي سجلت حضوراً بارزاً في مهرجان مالمو كلاً من «أغنية الغراب» للمخرج محمد السلمان، و«رقم هاتف قديم» للمخرج علي سعيد، و«عثمان» للمخرج خالد زيدان، ضمن المسابقة الرسمية. كما يُعرض فيلم «طريق الوادي» للمخرج خالد فهد، وفيلم «الهامور ح. ع» للمخرج عبد الإله القرشي ضمن برنامج ليالٍ عربية، مع وجود برنامج خاص لعرض أفلام قصيرة سعودية هي: «سر برسيم العظيم»، للمخرج سلطان ربيع، و«كورة» للمخرج زياد الزهراني، و«المدرسة القديمة» للمخرج عبد الله الخميس.

مشاركان في مهرجان مالمو  (مهرجان مالمو للسينما العربية)

وبنظرة فاحصة لهذه الأفلام المشاركة، يبدو واضحاً تقاطعها في كون البطل الرئيسي من عموم المهمشين في المجتمع، وممن تبدو حياته مليئة بالرتابة والاعتيادية إلى أن تواجهه لحظة مفصلية تجعله يعيد النظر في كل شيء، وهو أمر يجعل المشاهد يشعر وكأنه يلمح قصة حيّة داخل أحد أحياء الرياض أو أمام كورنيش الدمام، مع انتهاج معظم المخرجين السعوديين للمدرسة الواقعية بشكل واضح خلال أعمالهم.
موجة جديدة
ويشير قبلاوي خلال حديثه إلى أن المهرجان استضاف في العام السابق المملكة العربية السعودية باعتبارها ضيف شرف المهرجان، في حين أن مشاركة الأفلام السعودية لهذا العام تبدو أكبر وأكثر وضوحاً، ويردف: «منذ عام 2018 شهدنا موجة جديدة من الإنتاجات السينمائية السعودية التي واكبت تطوير السينما، والآن بعد نحو 5 سنوات أصبحنا نشاهد الأفلام السعودية القصيرة والروائية الطويلة وكذلك الوثائقية تجول في كثير من المهرجانات والمحافل العالمية».
ويضيف: «ولدت السينما السعودية كبيرة... لها جمهورها وقصصها وحكاياتها الشيقة، وكأن المشاهدين العربي والغربي كانا متعطشين لسماع أصوات وحكايات جديدة من هذه المنطقة». وأبان قبلاوي أنه في هذا العام كانت هناك مشاركة سعودية كبيرة بالتعاون مع هيئة الأفلام السعودية التي تهتم بترويج السينما السعودية والسينمائيين السعوديين وبالتدريب والعروض بالإضافة إلى بعض الأفلام المشاركة في المسابقات الرسمية.


بوستر أحد الأفلام السعودية المشاركة في مهرجان مالمو (مهرجان مالمو للسينما العربية)

189 جنسية
وبسؤال رئيس مهرجان مالمو للسينما العربية عن الجديد في دورة هذا العام، يجيب: «هذه الدورة تأتي متنوعة، كما استطعنا استقطاب أهم الأفلام العربية التي جالت مهرجانات العالم، وهناك أكثر من 46 فيلماً تتنافس في المهرجان، مما دعا بعض لجان التحكيم لممازحتي بأن مهمتهم تبدو صعبة، بالنظر لكون جميع الأفلام المشاركة رائعة وجميلة».
ويوضح قبلاوي أن المهرجان الذي يتخذ من السويد موقعاً له، يجذب الجمهور الأوروبي والمغتربين، ويتابع: «جمهورنا مختلط، حيث تضم مدينة مالمو أكثر من 189 جنسية مختلفة، وهذه جميعها يمكن اعتبارها عيوناً من ثقافات مختلفة تشاهد هذه السينما العربية وتستمتع بها وبتنوعها».



«لا يسعني الكلام»... معتقل سابق يستعيد معاناته في مطار المزة العسكري

رجلان سوريان يُظهران تخلي القوات السورية عن مركباتها العسكرية قرب مطار المزة العسكري خارج دمشق (أ.ف.ب)
رجلان سوريان يُظهران تخلي القوات السورية عن مركباتها العسكرية قرب مطار المزة العسكري خارج دمشق (أ.ف.ب)
TT

«لا يسعني الكلام»... معتقل سابق يستعيد معاناته في مطار المزة العسكري

رجلان سوريان يُظهران تخلي القوات السورية عن مركباتها العسكرية قرب مطار المزة العسكري خارج دمشق (أ.ف.ب)
رجلان سوريان يُظهران تخلي القوات السورية عن مركباتها العسكرية قرب مطار المزة العسكري خارج دمشق (أ.ف.ب)

أدى انسحاب قوات بشار الأسد من مطار المزة العسكري عند مشارف العاصمة دمشق إلى سلسلة من الغارات الإسرائيلية بهدف الحؤول دون سقوط ترسانة الأسلحة في أيدي الفصائل المعارضة.

وسمح ذلك أيضاً لمعتقل سوري سابق باستعادة ذكرى المعاناة التي تكبّدها على يد قوات الرئيس المخلوع.

وسقط الحكم السابق بفرار بشار الأسد الأحد. والأربعاء، راح أفراد شباب من الفصائل المسلحة يجولون في أرجاء المزة مطلقين النار في الجو من حين إلى آخر من مضادات طيران سوفياتية الصنع قديمة.

وينتشر حطام طائرات مقاتلة ومروحيات على مدرج المطار العسكري وقد دمرت بعضها غارة إسرائيلية إلا أن المكاتب وورشات التدريب خربها خصوم الأسد المحليون.

مروحية تابعة للقوات السورية محترقة بعد قصف الجيش الإسرائيلي مستودعات أسلحة بالقرب من معسكر المزة (أ.ف.ب)

وأخرجت كومة من المخدرات يبدو أنها أقراص كبتاغون من مبنى تابع للقوات الجوية وأتلفت حرقاً. وكانت النيران لا تزال مشتعلة عند وصول فريق وكالة وكالة الصحافة الفرنسية إلى المكان.

لم تكن المزة قاعدة عسكرية للمقاتلات والمروحيات الهجومية فحسب بل هي أيضاً سجن يديره فرع الاستخبارات في القوات الجوية.

الأربعاء، راح رياض حلاق البالغ 40 عاماً والأب لثلاثة أبناء، يفتش بين أنقاض قاعة مؤتمرات ضمت في فترة من الفترات 225 معتقلاً.

أوثق وضرب

في بدايات الحرب الأهلية السورية التي امتدت 13 عاماً، اعتقل حلاق في 2012 خلال مشاركته في تشييع محتجين قتلوا برصاص القوى الأمنية.

وقد أُوثق حلاق وضُرب واحتُجز لمدة شهر في غرفة تدريب للطيارين قبل أن ينقل إلى منشأة أخرى اعتُقل فيها لشهرين و13 يوماً إضافياً.

عندما سمع المقاتلون الملتحون عند المدخل قصته، سمحوا له بالعودة إلى مسرح معاناته ليحصل على أدلة يأمل في أن تساعد عائلات أخرى في إيجاد أحباء مفقودين.

هنا، صورة الأسد ملقاة على الأرض إلى جانب شعار فرع الاستخبارات في القوات الجوية، ولفة أسلاك شائكة بين منضدات كان يجلس عليها التلاميذ الطيارون لتلقي تدريبهم.

يروي حلاق كيف أنه لم يكن يُسمح له بالخروج من القاعة خلال شهر كامل إلا مرتين في اليوم لاستخدام المرحاض في مجموعة من ثلاثة معتقلين كانوا ينامون متلاصقين على الأرض الخرسانية الباردة.

في أحد الأيام، سُمع دوي انفجار في الخارج، ففرح مع المعتقلين الآخرين أملاً في أن تكون الفصائل المسلحة تقتحم المطار إلا أن ضابطاً رفيع المستوى سخر منهم وكذلك فعل جنود استرسلوا بالضحك.

وقال حلاق لوكالة الصحافة الفرنسية في المكان: «لو كان أحد منا يشتكي من الظروف يقول الضابط لنا إننا نتلقى معاملة 5 نجوم، مهدداً بنقلنا إلى مكان آخر».

أنجب حلاق مع زوجته ثلاثة أطفال وبات بإمكان العائلة الآن أن تأمل في العيش بحرية أكبر في سوريا التي تخلصت من حكم عائلة الأسد الذي استمر لنصف قرن.

وفيما كان يفتش عن ملفات آملاً في أن تساعده في إلقاء الضوء على معاناته ومصير أصدقاء مفقودين، واجه صعوبة على غرار كثيرين في سوريا في التعبير عن مشاعره.

ويقول: «من الصعب التفسير. لا أجد كلمات لأوصف ذلك. لا يسعني الكلام».

الجيش الإسرائيلي قصف مستودعات أسلحة بالقرب من معسكر المزة (أ.ف.ب)

الكبتاغون

أعرب مراقبون دوليون عن مخاوف من السماح بسيطرة «هيئة تحرير الشام» على قواعد عسكرية، ما يعني حصولها على أسلحة كيماوية.

وتذرعت إسرائيل بهذا الخوف لتبرير غارات جوية كثيفة طالت إحداها مطار المزة العسكري.

إلا أن أخطر المواد التي شاهدها فريق وكالة الصحافة الفرنسية هي كميات من الكبتاغون.

وكان معروفاً أن إنتاج هذه المخدرات يتم بكميات هائلة في عهد بشار الأسد لتمويل مجهود الحرب.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على مسؤولين سوريين يشتبه في ضلوعهم في هذه التجارة، وضبط جيران سوريا ملايين أقراص الكبتاغون في معركة خاسرة للجم انتشارها.