شهدت الحرب الأوكرانية ليل الأحد - الاثنين تصعيداً في الهجمات الصاروخية الروسية على كييف ومدن أوكرانية عدّة ما أسفر عن مقتل عدد من المدنيين وإصابة العشرات بجروح، فيما أكد الجيش الأوكراني أن فرق الدفاع الجوي دمرت 15 من 18 صاروخاً أطلقتها القوات الروسية في الساعات الأولى من الصباح.
وكتب مسؤولون بمدينة كييف على «تلغرام»، أن «جميع الصواريخ التي أطلقت على العاصمة دُمرت» في الهجوم الثاني على المدينة خلال ثلاثة أيام. وقالت إدارة المدينة: «وفقا (لمعلومات مبدئية)، لم تقع أي خسائر في الأرواح بين المدنيين ولم تُسجل أي أضرار في المنشآت السكنية أو البنية التحتية».
وأفاد مسؤولون، بأنه تم تفعيل أنظمة الدفاع الجوي أيضا لحماية منطقة كييف، وهي كيان إداري منفصل عن المدينة، من الصواريخ الروسية.
وأكد القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني، إطلاق 18 صاروخا من طراز كروز على البلاد خلال الليل. وقال: «هاجم المحتلون الروس أوكرانيا بتسع قاذفات استراتيجية من طراز (تو - 95) من منطقة أولينوجورسك (مورمانسك)، وقاذفتين من طراز (تو - 160) من منطقة بحر قزوين». وأشار إلى أن «مدينة بافلوغراد في شرق أوكرانيا، تعرضت للقصف مرتين خلال الليل».
ونشر فلاديمير روغوف، المسؤول في الإدارة المدعومة من موسكو بمنطقة زابوروجيا، صورا ومقاطع فيديو لحرائق في بافلوغراد، وقال إن القوات الروسية «قصفت أهدافا عسكرية هناك». وبدوره، قال ميكولا لوكاشوك رئيس مجلس منطقة دنيبرو، إن روسيا أطلقت أيضا صواريخ على مناطق أوكرانية أخرى خلال الليل، بما في ذلك منطقة دنيبروبتروفسك، وإن طواقم الدفاع الجوي «أسقطت سبعة صواريخ، لكن 25 شخصا طلبوا مساعدة طبية».
وأسفرت الهجمات الصاروخية الروسية عموما، عن إصابة 25 شخصاً، وفق بيانات رسمية. وقال الحاكم العسكري لمنطقة دنيبروبتروفسك، سيرهي ليساك، عبر «تلغرام»، إن «من بينهم ثلاثة أطفال».
وقال سيرهي إن حريقا اندلع في مبنى صناعي في بلدة بافلوغراد جراء إصابته بضربة صاروخية. وتضرر 25 مبنى متعدد الطوابق و19 منزلا عائليا وخمسة متاجر وستة مبان للمدارس ورياض الأطفال جراء الهجمات. وأضاف أن الضربات هناك أسفرت أيضا عن أضرار أخرى في المنطقة، حيث أصيب نحو 40 منزلا في إحدى القرى. وأكد أن الدفاعات الجوية اعترضت سبعة صواريخ روسية.
وقتل شخص وأصيب ثلاثة على الأقل جراء ضربات روسية استهدفت منطقة خيرسون بالجنوب الأوكراني. وقال رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية أولكسندر بروكودين: «على مدى يوم (الأحد) نفّذ العدو 39 عملية قصف مدفعي وأطلق 163 قذيفة من المدفعية الثقيلة، (صواريخ) غراد، والطائرات المسيّرة والطيران... وقصف مدينة خيرسون ثماني مرات»، مضيفا «العدوان الروسي أدى إلى مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين بينهم طفل».
ولا تزال روسيا تسيطر على أجزاء من منطقة خيرسون رغم انسحابها من عاصمتها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وفي المقابل، أعلن حاكم منطقة بريانسك في غرب روسيا أن غارة جوية أوكرانية طالت ليلاً قرية سوزيمكا الحدودية، أدت إلى مقتل أربعة مدنيين.
وفي موسكو, أفادت وزارة الدفاع الروسية من جهتها بأن القوات المسلحة شنت هجوماً صاروخياً مكثفاً «بأسلحة جوية وبحرية عالية الدقة بعيدة المدى على منشآت المجمع الصناعي العسكري في أوكرانيا». وقالت الوزارة: «تم تحقيق هدف الضربة. تم تقويض جميع الأهداف المحددة».
وشددت وزارة الدفاع على أن الضربة الصاروخية نجحت في تعطيل «عمل المؤسسات التي تنتج الذخائر والأسلحة والمعدات العسكرية» للقوات المسلحة الأوكرانية. وفي بيان منفصل، قالت الوزارة الروسية إن ضربات وحداتها «حيدت مؤسسة صناعية في بافلوغراد بعدما تعرضت لأضرار جسيمة».
في الوقت ذاته، أعلنت قيادة مجموعة القوات الجنوبية الروسية، في بيان، أن قواتها «دمرت معقلين للقوات المسلحة الأوكرانية، وتم القضاء فيهما على ما يصل إلى 20 جندياً أوكرانياً».
وأفادت القيادة الجنوبية لوكالة أنباء «تاس» الحكومية، بأنه «نتيجة للعمليات الناجحة للوحدات الجنوبية»، تم تدمير معقلين للقوات المسلحة الأوكرانية بالقرب من بيلوغوروفكا في جمهورية لوغانسك الشعبية».
وذكرت القيادة أن «الاستخدام المكثف للقذائف المدفعية والصاروخية ساهم في تقويض التحصينات المقامة في المنطقة».
وفي السياق نفسه،أفادت سلطات دونيتسك الموالية لموسكو بأن القوات الأوكرانية «قصفت أراضي منطقة دونيتسك 49 مرة خلال الـ24 ساعة الماضية، وأطلقت 198 مقذوفاً من عيارات مختلفة».
وجاء في بيان أصدرته ممثلية «جمهورية دونيتسك الشعبية»، الاثنين، أنه «خلال الـ24 ساعة الماضية، أبلغت الممثلية عن 49 واقعة قصف من قبل القوات الأوكرانية. على محور دونيتسك، أطلق العدو 27 قذيفة مدفعية من عيارات مختلفة».
ووفقاً للبيان فقد قصفت القوات الأوكرانية مناطق سكنية في بلدات غورلوفكا (منطقة نيكيتوفسكي) ونوفوباخموتوفكا وميخائيلوفكا ونوفوسيلوفكا فتورايا وياكوفليفكا، وياسينوفاتايا، ووسط مدينة دونيتسك عاصمة الإقليم الانفصالي.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أفادت السلطات الإقليمية، بأن القصف الروسي أدى إلى مقتل امرأة في السابعة والخمسين من العمر، وإصابة ثلاثة آخرين في قرية بيلوزركا.
يشار إلى أنه في ضربة كانت الأولى من نوعها منذ أسابيع، استهدفت صواريخ روسية مدنا عدة صباح الجمعة الماضي، ما أدى إلى مقتل 23 شخصا على الأقل في أومان (وسط) وشخصين في دنيبرو (وسط شرق)، وعثر على جثة رجل تحت أنقاض منزله في خيرسون.
وعززت أوكرانيا في الأشهر الماضية من دفاعاتها الجوية بتجهيزات غربية أبرزها نظام «باتريوت» الأميركي الذي تسلّمته في أبريل (نيسان). وتأتي الضربات الروسية الأخيرة في وقت تؤكد أوكرانيا أن تحضيراتها لشن هجوم مضاد ضد القوات الروسية التي اجتاحت أراضيها اعتبارا من فبراير (شباط) 2022 «شارفت على نهايتها».
وقال جنرال أوكراني كبير في تصريحات نُشرت الاثنين، إن الهجمات المضادة الأوكرانية طردت قوات روسية من بعض المواقع في مدينة باخموت بشرق البلاد، لكن الوضع لا يزال «صعبا». وأكد أن قواته صدت أكثر من 36 هجوما للروس على قطاع من خط الجبهة الشرقي، الذي يمتد من باخموت إلى مارينكا الواقعة إلى الغرب مباشرة من دونيتسك. وأوضح الكولونيل جنرال أولكسندر سيرسكي، قائد القوات البرية، في بيان أُرسل على تطبيق «تلغرام» أن «الوضع صعب للغاية» في باخموت. وأضاف «في الوقت نفسه، تعرض العدو في مناطق معينة من المدينة لهجوم مضاد من قبل وحداتنا وترك بعض المواقع».
وقال الجيش، إن سيرسكي أدلى بهذه التصريحات أثناء زيارته للقوات على الخطوط الأمامية الأحد. وأضاف أن وحدات روسية جديدة، تشمل مظليين ومقاتلين من مجموعة «فاغنر» الأمنية الخاصة «يُدفع بها باستمرار إلى المعركة» رغم تكبدها خسائر فادحة. وقال سيرسكي: «العدو غير قادر على السيطرة على المدينة».
وحققت القوات الروسية مكاسب زائدة بشكل مطرد في باخموت، لكنّ متحدثا عسكريا أوكرانيا قال الأحد، إنه لا يزال من الممكن تزويد القوات المدافعة عن المدينة بالطعام والذخيرة والأدوية.