هل وجدت «زورونج» الصينية آثار مياه على المريخ؟

العربة الصينية «زورونج» (الأرشيف)
العربة الصينية «زورونج» (الأرشيف)
TT

هل وجدت «زورونج» الصينية آثار مياه على المريخ؟

العربة الصينية «زورونج» (الأرشيف)
العربة الصينية «زورونج» (الأرشيف)

حصلت عربة جوالة صينية تقوم بمهمة بحثية على كوكب المريخ، على أدلة تشير إلى وجود مياه حديثة على الكوكب. وكانت مهام سابقة قد عثرت على علامات تشير إلى وجود مياه في الماضي السحيق للكوكب، ولكن الأدلة التي قدمتها العربة الصينية «زورونج»، تشير إلى وجود ماء حديث وأكثر انتشاراً؛ وذلك بناءً على ملاحظات للكثبان الرملية المريخية.
ويسلط هذا الاكتشاف الضوء على مناطق جديدة من المحتمل أن تكون مناسبة للحياة، في المناطق الأكثر دفئاً من المريخ.
ويأتي هذا الاكتشاف المنشور في 28 أبريل (نيسان) بدورية «ساينس أدفانسيس»، بعد أيام من اعتراف قادة البعثة الصينية بأن العربة الجوالة لم تستيقظ بعد منذ دخولها في حالة السبات الشتوي على كوكب المريخ، قبل عام تقريباً.
وتم إطلاق العربة «زورونج» وهي ذات ست العجلات في عام 2020، ووصلت إلى المريخ عام 2021، وقضت عاماً في التجوال قبل الدخول في حالة سبات في مايو (أيار) الماضي.
ومن المحتمل أن تكون ألواح العربة الشمسية مغطاة بالغبار؛ ما يؤدي إلى إيقاف مصدر الطاقة، ما قد يمنع العربة الجوالة من العمل مرة أخرى، كما قال تشانغ رونغكياو، كبير مصممي البعثة، في تقرير نشرته أمس (الأحد)، وكالة «أسوشييتد برس».
وقبل صمت «زورونج»، لاحظت كثباناً غنية بالملح بها شقوق وقشور، والتي قال الباحثون إنها «تكوّنت على الأرجح مع ذوبان الصقيع أو الثلج في الصباح، قبل بضع مئات الآلاف من السنوات».
والنطاق الزمني المقدر لتشكل الشقوق وغيرها من سمات الكثبان الرملية في سهل «يوتوبيا بلانيشيا» بالمريخ، حيث تقوم العربة الجوالة الصينية بمهمتها، في وقت بين 1.4 مليون إلى 400 ألف سنة أو حتى أقل. وكانت الظروف خلال تلك الفترة مماثلة لتلك الموجودة على المريخ الآن، حيث جفت الأنهار والبحيرات، ولم تعد تتدفق كما حدث قبل مليارات السنين.
وكتب الفريق البحثي الصيني الذي يتخذ من بكين مقراً له في الدراسة، أن فحص التركيب الكيميائي لهذه الكثبان الرملية يمكن أن يوفر نظرة ثاقبة حول «إمكانية النشاط المائي» خلال هذه الفترة.
ويقول شياوجوانج كين، المؤلف المشارك من معهد الجيولوجيا والجيوفيزياء في تصريحات للوكالة «نعتقد أنه يمكن أن تكون كمية صغيرة، ليس أكثر من الماء على السطح».
ولم تكتشف العربة الجوالة مباشرة أي ماء على شكل صقيع أو جليد، لكن تشين قال إن «عمليات المحاكاة الحاسوبية والملاحظات التي أجرتها مركبات فضائية أخرى في المريخ، تشير إلى أنه حتى في أيامنا هذه في أوقات معينة من العام، قد تكون الظروف مناسبة لظهور الماء».
وقال عالم الكواكب فريدريك شميدت من «جامعة باريس ساكلاي»، والذي لم يكن جزءاً من الدراسة، إن ما يميّز الدراسة هو مدى حداثة الكثبان الرملية، وأضاف «من الواضح أن هذا جزء علمي جديد لمنطقة يوتوبيا بلانيشيا».
ويبدي الباحث المصري محمد يوسف، أستاذ جيولوجيا المياه بمركز بحوث الصحراء، سعادته بهذا الاكتشاف، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إنه يأتي داعماً لنظريته التي وضعها في دراسة نشرتها مجلة «علوم الفضاء» الدولية في أبريل من عام 2020.
وافترض يوسف في هذا النظرية، وجود مياه على كوكب المريخ، مستشهداً بمنطقة «دلتا جيزارو»، والتي يوجد بها بعض الأشكال التي تكوّنت على السطح، مشابهة للأشكال الموجودة بكوكب الأرض، والتي يمكن أن تكون علامات على وجود مياه جوفية.
ويقول يوسف إن «صور الأقمار الاصطناعية تظهر تشكل أودية ودلتاوات ورواسب نهرية في تلك المنطقة، وهي علامات مشابهة لما يحدث على كوكب الأرض في المناطق التي تحتوي على خزانات المياه الجوفية».


مقالات ذات صلة

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يوميات الشرق يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مركبة الفضاء «ستارشيب» تظهر وهي تستعد للإطلاق من تكساس (رويترز)

«سبيس إكس» تستعد لإجراء اختبار سادس لصاروخ «ستارشيب» وسط توقعات بحضور ترمب

تجري «سبيس إكس» اختباراً سادساً لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الثلاثاء، في الولايات المتحدة، في محاولة جديدة لاستعادة الطبقة الأولى منه عن طريق أذرع ميكانيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى دبي للمستقبل»... (الشرق الأوسط)

«منتدى دبي»: 7 تطورات رئيسية سيشهدها العالم في المستقبل

حدد نقاش المشاركين في «منتدى دبي للمستقبل - 2024» 7 تطورات رئيسية تمثل لحظة محورية للبشرية، منها العودة إلى القمر والطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد جناح «مجموعة نيو للفضاء» في معرض «جيتكس» (إكس) play-circle 01:45

رئيس «الخدمات الجيومكانية» في «نيو للفضاء»: سنطلق تطبيقاً للخرائط الرقمية

تمضي السعودية نحو مساعيها في التنويع الاقتصادي عبر تطوير قطاعات جديدة ومستقبلية، يبرز من ضمنها قطاع الفضاء بوصفه أحد القطاعات التي يتسارع فيها التقدم.

مساعد الزياني (الرياض)
يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
TT

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

في النسيج الواسع لتاريخ الفن التشكيلي، تبرز بعض الأعمال الفنية وتكتسب شهرة عالمية، ليس بسبب مفرداتها وصياغاتها الجمالية، ولكن لقدرتها العميقة على استحضار المشاعر الإنسانية، وفي هذا السياق تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود»، وهي كذلك شهادة على «قوة الفن في استكشاف أعماق النفس، وصراعاتها الداخلية».

هذه المعالجة التشكيلية لهموم البشر وضغوط الحياة استشعرها الجمهور المصري في أول معرض خاص لماهر البارودي في مصر؛ حيث تعمّقت 32 لوحة له في الجوانب الأكثر قتامة من النفس البشرية، وعبّرت عن مشاعر الحزن والوحدة والوجع، لكنها في الوقت ذاته أتاحت الفرصة لقيمة التأمل واستكشاف الذات، وذلك عبر مواجهة هذه العواطف المعقدة من خلال الفن.

ومن خلال لوحات معرض «المرايا» بغاليري «مصر» بالزمالك، يمكن للمشاهدين اكتساب فهم أفضل لحالتهم النفسية الخاصة، وتحقيق شعور أكبر بالوعي الذاتي والنمو الشخصي، وهكذا يمكن القول إن أعمال البارودي إنما تعمل بمثابة تذكير قوي بالإمكانات العلاجية للفن، وقدرته على تعزيز الصحة النفسية، والسلام، والهدوء الداخلي للمتلقي.

لماذا يتشابه بعض البشر مع الخرفان (الشرق الأوسط)

إذا كان الفن وسيلة للفنان والمتلقي للتعامل مع المشاعر، سواء كانت إيجابية أو سلبية، فإن البارودي اختار أن يعبِّر عن المشاعر الموجعة.

يقول البارودي لـ«الشرق الأوسط»: «يجد المتلقي نفسه داخل اللوحات، كل وفق ثقافته وبيئته وخبراته السابقة، لكنها في النهاية تعكس أحوال الجميع، المعاناة نفسها؛ فالصراعات والأحزان باتت تسود العالم كله». الفن موجود إذن بحسب رؤية البارودي حتى يتمكّن البشر من التواصل مع بعضهم بعضاً. يوضح: «لا توجد تجربة أكثر عالمية من تجربة الألم. إنها تجعلهم يتجاوزون السن واللغة والثقافة والجنس لتعتصرهم المشاعر ذاتها».

الفنان السوري ماهر البارودي يحتفي بمفردة الخروف في لوحاته (الشرق الأوسط)

لكن ماذا عن السعادة، ألا تؤدي بالبشر إلى الإحساس نفسه؟، يجيب البارودي قائلاً: «لا شك أن السعادة إحساس عظيم، إلا أننا نكون في أقصى حالاتنا الإنسانية عندما نتعامل مع الألم والمعاناة». ويتابع: «أستطيع التأكيد على أن المعاناة هي المعادل الحقيقي الوحيد لحقيقة الإنسان، ومن هنا فإن هدف المعرض أن يفهم المتلقي نفسه، ويفهم الآخرين أيضاً عبر عرض لحظات مشتركة من المعاناة».

وصل الوجع بشخوص لوحاته إلى درجة لم يعد في استطاعتهم أمامه سوى الاستسلام والاستلقاء على الأرض في الشوارع، أو الاستناد إلى الجدران، أو السماح لعلامات ومضاعفات الحزن والأسى أن تتغلغل في كل خلايا أجسادهم، بينما جاءت الخلفية في معظم اللوحات مظلمةً؛ ليجذب الفنان عين المشاهد إلى الوجوه الشاحبة، والأجساد المهملة الضعيفة في المقدمة، بينما يساعد استخدامه الفحم في كثير من الأعمال، وسيطرة الأبيض والأسود عليها، على تعزيز الشعور بالمعاناة، والحداد على العُمر الذي ضاع هباءً.

أحياناً يسخر الإنسان من معاناته (الشرق الأوسط)

وربما يبذل زائر معرض البارودي جهداً كبيراً عند تأمل اللوحات؛ محاولاً أن يصل إلى أي لمسات أو دلالات للجمال، ولكنه لن يعثر إلا على القبح «الشكلي» والشخوص الدميمة «ظاهرياً»؛ وكأنه تعمّد أن يأتي بوجوه ذات ملامح ضخمة، صادمة، وأحياناً مشوهة؛ ليعمِّق من التأثير النفسي في المشاهد، ويبرز المخاوف والمشاعر المكبوتة، ولعلها مستقرة داخله هو نفسه قبل أن تكون داخل شخوص أعماله، ولمَ لا وهو الفنان المهاجر إلى فرنسا منذ نحو 40 عاماً، وصاحب تجربة الغربة والخوف على وطنه الأم، سوريا.

أجواء قاتمة في خلفية اللوحة تجذب العين إلى الألم البشري في المقدمة (الشرق الأوسط)

وهنا تأخذك أعمال البارودي إلى لوحات فرنسيس بيكون المزعجة، التي تفعل كثيراً داخل المشاهد؛ فنحن أمام لوحة مثل «ثلاث دراسات لشخصيات عند قاعدة صلب المسيح»، نكتشف أن الـ3 شخصيات المشوهة الوحشية بها إنما تدفعنا إلى لمس أوجاعنا وآلامنا الدفينة، وتفسير مخاوفنا وترقُّبنا تجاه ما هو آتٍ في طريقنا، وهو نفسه ما تفعله لوحات الفنان السوري داخلنا.

لوحة العائلة للفنان ماهر البارودي (الشرق الأوسط)

ولا يعبأ البارودي بهذا القبح في لوحاته، فيوضح: «لا أحتفي بالجمال في أعمالي، ولا أهدف إلى بيع فني. لا أهتم بتقديم امرأة جميلة، ولا مشهد من الطبيعة الخلابة، فقط ما يعنيني التعبير عن أفكاري ومشاعري، وإظهار المعاناة الحقيقية التي يمر بها البشر في العالم كله».

الخروف يكاد يكون مفردة أساسية في أعمال البارودي؛ فتأتي رؤوس الخرفان بخطوط إنسانية تُكسب المشهد التصويري دراما تراجيدية مكثفة، إنه يعتمدها رمزيةً يرى فيها تعبيراً خاصاً عن الضعف.

لبعض البشر وجه آخر هو الاستسلام والهزيمة (الشرق الأوسط)

يقول الفنان السوري: «الخروف هو الحيوان الذي يذهب بسهولة لمكان ذبحه، من دون مقاومة، من دون تخطيط للمواجهة أو التحدي أو حتى الهرب، ولكم يتماهى ذلك مع بعض البشر»، لكن الفنان لا يكتفي بتجسيد الخروف في هذه الحالة فقط، فيفاجئك به ثائراً أحياناً، فمن فرط الألم ومعاناة البشر قد يولد التغيير.