حالة جمود العقار السعودي تفشل في جذب سيولة المستثمرين

عقاريون يرجعونها لترقب جهود وزارة الإسكان في حلول ومنتجات سكنية

حالة جمود العقار السعودي تفشل في جذب سيولة المستثمرين
TT

حالة جمود العقار السعودي تفشل في جذب سيولة المستثمرين

حالة جمود العقار السعودي تفشل في جذب سيولة المستثمرين

كشف عاملون في قطاع التثمين وخبراء اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط» أن حالة الجمود العامة التي تشهدها السوق العقارية لم تنجح في جذب المستثمرين وإغراء السيولة الباحثة عن عوائد ثابتة، مرجعين ذلك إلى توقعات بترقب ما ستسفر عنه جهود وزارة الإسكان حيال تقديم منتجات تسهم في حل أزمة المساكن بالسعودية.
يأتي هذه التطورات وسط تقدير العاملين للإحجام عن الاستثمار في القطاع بنسبة 60 في المائة، مشيرين إلى أن هذا السلوك الاستثماري بدأ منذ أكثر من سنتين نتيجة عوامل عدة أثرت في مسار السوق.
وقال عبد الله الأحمري رئيس لجنة التثمين العقارية بالغرفة التجارية الصناعية بجدة إن الجمود الذي يجافي حركة الاستثمار في القطاع العقاري بدأ قبل أكثر من عامين، مرجعا ذلك إلى عوامل بينها أوضاع النفط الحالية إذ إن السعودية تعتبر من أكبر الدول المصدرة للنفط، وبالتالي لا بد أن يؤثر هذا الانخفاض في سعر البرميل على اقتصادها، مبينا أن نسبة الانخفاض في المخططات الطرفية (الواقعة أطراف المدن) وصلت إلى 35 في المائة.
في حين استبعد الدكتور عبد الوهاب أبو داهش المحلل الاقتصادي أن يكون لانخفاض سعر برميل النفط أثر على سوق العقار السعودية، مرجعا سبب الجمود الذي تمر به السوق إلى عوامل أخرى غير أسعار النفط.
وقال إن «السوق العقارية في السعودية دخلت في مرحلة الجمود قبل أن تبدأ أسعار النفط بالانخفاض، وذلك لعوامل عدة، منها السياسات السابقة لوزارة الإسكان، وقرار رسوم الأراضي البيضاء، وإجهاض أنظمة الرهن العقاري بسبب التأخر في التنفيذ وصدور قرار الـ30 في المائة، الذي ينص على أن يدفع المشتري ما نسبته 30 في المائة من قيمة العقار، كدفعة مقدمة».
وتطرق أبو داهش إلى نظام الزكاة والدخل الذي يُدرس - حاليا - في مجلس الشورى ويحتوي على بنود للزكاة على عروض التجارة من العقار، وبند عن آلية الزكاة على الذمم المدينة لشركات التمويل العقاري، كسبب من أسباب إحباط المستثمرين الراغبين في الدخول للسوق.
وأشار إلى أن السوق في حالات الجمود بشكل عام يستقطب سيولة أكثر بحكم ما يتميز به من عوائد ثابتة، ومخاطر قليلة، إضافة إلى محدودية قنوات الاستثمار في السعودية، فحينما تنخفض الأسعار في صناعة ما تتجه معظم السيولة من الاستثمار في تلك الصناعة إلى الاستثمار في العقار وليس العكس.
أما المهندس خالد باشويعر رئيس لجنة الإسكان بالغرفة التجارية الصناعية بجدة، فأرجع جفاء المستثمرين عن الاستثمار العقاري الحاصل الآن في السوق إلى موسم الإجازة، إضافة إلى ترقب الجميع لمنتجات وزارة الإسكان، قائلا إن «الجميع في حالة انتظار سواء من أراد الشراء أو البيع، متوقعا انجلاء هذا الركود مع موسم الدراسة، حيث ستكون هناك حركة متوقعة في السوق، إضافة إلى اتضاح الرؤية بالنسبة لوزارة الإسكان».
وأضاف باشويعر أن قرار الـ100 يوم الذي أصدرته وزارة الإسكان سيكون كفيلا بتحريك السوق خلال الفترة المقبلة، وكان الوزير قد وضع استراتيجية عمل إدارية لمدة 100 يوم، تهدف لتسريع إنجاز العمل في تنفيذ المنتجات السكنية، وتوفيرها السكن المناسب للمستحقين.
ويتفاءل باشويعر بنشاط وزارة الإسكان الذي من شأنه أن يؤثر إيجابيا، على حد تعبيره على السوق العقارية.
وأضاف أن قرار الـ30 في المائة قد أثر فقط على الفيلات التي تشهد حاليا حالة من الجمود، بخلاف الشقق السكنية والتجارية التي ما زالت محافظة على وضعها السابق، ولكن دون صعود، مشيرا إلى أن تماسك الشقق السكنية يعود إلى إقبال المواطنين عليها كونها أصبحت في نطاق قدرتهم الشرائية في الوضع الراهن.
أما أبو داهش فله رأي آخر، حيث يرى أن وزارة الإسكان لها سوقها الخاصة، وهي مسؤولة عن شريحة واحدة فقط من المجتمع، وهم أصحاب الدخل المحدود والمحتاجين للقروض العقارية والتمويل الميسر، في المقابل «نجد أن سوق العقار يحتاج إلى نحو 200 ألف وحدة سكنية سنويا لن تستطيع وزارة الإسكان توفيرها مهما أُعطيت من قوة، لذلك مها تحركت ستظل هي لاعبا واحدا فقط لن تؤثر بشكل أو بآخر على قطاع العقار، ذلك أن سوق العقار تتميز بضخامة حجمه وتنوع منتجاته وعدم اقتصاره على ذوي الدخل المحدود»، مؤكدا أن وزارة الإسكان تحملت ما لا يجب أن تتحمله في حل مسألة الإسكان والعقار.
وقال الدكتور عبد الوهاب إن السوق العقارية وصلت إلى مراحل من الركود قريبة جدا من القاع، وبالتالي أي انتعاش اقتصادي في السعودية مع تحسين بيئة الاستثمار العقاري ستدفع السوق إلى الصعود لأن معظم مدخرات الناس تتجه إليه، وأبان أن هناك انتعاشا في القطاع العقاري التجاري، لا سيما في سوق الفندقة الذي عاد للانتعاش بعد ركود كبير، أما الركود فهو في القطاع الإسكاني الذي من المتوقع أن يأخذ وقتا إلى أن تنجلي ضبابية المشكلات التي يعاني منها ثم يبدأ بالانطلاق من جديد.
ويعود الأحمري ليؤكد أن السوق بدأت تدخل في مرحلة التصحيح، قائلا: «الآن، بعد أن اتضحت الرؤية واتجهت الدولة إلى السندات كمحاولة للإبقاء على وتيرة مشروعاتها مستمرة، بحيث لا يؤثر انخفاض أسعار النفط على خططها المستقبلية، بدأت السوق العقارية تدخل في مرحلة تصحيح، إذ إن ما حدث من توجه الدولة ممثلة في وزارة الإسكان ومشروعاتها هي التي أثرت في الدرجة الأولى على العقار، وأعطت مؤشرا للعقاريين إلى أن الدولة جادة ومجدة في تنفيذ مشروعات الإسكان، واتخذت عدة خطوات ستجعل سوق العقار تتراجع عن أسعاره وينزل إلى القيم الحقيقية، كما أن المضاربات العقارية التي خضع لها وارتفعت قيمة الأصول على أثرها سوف ترجع إلى قيمتها الحقيقية».
وأشار إلى أن المواطنين يعتمدون على منتجات وزارة الإسكان لأنها منتجات حكومية والدولة مسؤولة عنها، أما الوحدات التي قام بها بعض المطورين واستخدموا فيها مواد رديئة، ولم تكن مطابقة للمواصفات إضافة إلى المخالفات الموجودة فيها فلم تجد أي إقبال عليها.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».