دارسة تكشف عن ارتفاع «صامت» لضغط الدم لدى الشباب

ارتفاع ضغط الدم مسؤول عن نحو نصف النوبات القلبية والسكتات الدماغية في المملكة المتحدة (أرشيفية - «رويترز»)
ارتفاع ضغط الدم مسؤول عن نحو نصف النوبات القلبية والسكتات الدماغية في المملكة المتحدة (أرشيفية - «رويترز»)
TT

دارسة تكشف عن ارتفاع «صامت» لضغط الدم لدى الشباب

ارتفاع ضغط الدم مسؤول عن نحو نصف النوبات القلبية والسكتات الدماغية في المملكة المتحدة (أرشيفية - «رويترز»)
ارتفاع ضغط الدم مسؤول عن نحو نصف النوبات القلبية والسكتات الدماغية في المملكة المتحدة (أرشيفية - «رويترز»)

حذر الخبراء من أن عدداً «كبيراً» من الشباب في إنجلترا - نحو 170 ألفاً تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً - يعانون من دون علمهم ارتفاعاً في ضغط الدم. هذا هو نحو خمسة من كل 100 شاب وواحدة من كل 100 شابة، حسب مكتب الإحصاء الوطني (ONS). وعلى الرغم من أن الأمر قد لا يسبب أعراضاً أو مشاكل في البداية، فإنه يضع ضغطاً إضافياً على القلب والأوعية الدموية. وحسب تقرير نشرته قناة «بي بي سي»، فإن ارتفاع ضغط الدم، مسؤول عن نحو نصف النوبات القلبية والسكتات الدماغية في المملكة المتحدة.
يمكن أن يتطور الارتفاع في ضغط الدم في أي عمر، ويقول الأطباء إنه يجب على جميع البالغين إجراء فحوص منتظمة لضغط الدم واتخاذ خطوات لتجنب الضرر طويل المدى.
وقال كريس شاين، من مركز التحليل في مكتب الإحصاء الوطني، إنهم أجروا التحليل الجديد لتحديد الفئات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم غير المشخص. وأضاف «نرى أن هناك أعداداً كبيرة من الأشخاص الأصغر سناً والذين يتمتعون بصحة حيدة لم يتم تشخيصهم. قد تكون هذه المجموعة غير مدركة أنها مصابة بهذه الحالة لأنها لا تزور المستشفى إذا كانت بصحة جيدة».
يقول الخبراء إن نحو ثلث البالغين في المملكة المتحدة يعانون ارتفاع ضغط الدم، لكن الكثيرين لا يدركون ذلك. يمكن أن تؤدي زيادة الوزن، وتناول نظام غذائي غير صحي، وعدم ممارسة الرياضة، والإفراط في شرب الكحوليات والتدخين إلى ارتفاع ضغط الدم.
وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني، كان من المرجح بشكل خاص عدم تشخيص الشباب - 66 في المائة من الذكور و26 في المائة من الإناث الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً، و55 في المائة من الذكور و44 في المائة من الإناث الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاماً، مقارنة بـ17 في المائة من الذكور و21 في المائة من الإناث الذين تبلغ أعمارهم 75 سنة وفوق.
تأتي البيانات من المسح الصحي لإنجلترا، الذي أجرى قياسات ضغط الدم في المنزل على 20000 شخص - بما في ذلك 1500 شاب - أخذتها ممرضة في مناسبات عدة مختلفة للحصول على قراءة متوسطة.
وتشير البيانات إلى أن 4 في المائة من النساء (نحو 110000) و7 في المائة من الرجال (نحو 210000) الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً في إنجلترا يعانون ارتفاع ضغط الدم. ومن بين هؤلاء 26 في المائة من النساء (نحو 30000) و66 في المائة من الرجال (نحو 140000) لم يتم تشخيصهم.
قالت الدكتورة بولين سويفت، من جمعية ضغط الدم الخيرية في المملكة المتحدة «في السنوات الأخيرة، شهدنا زيادة في عدد المرضى الأصغر سناً الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم، غالباً نتيجة سوء التغذية واستهلاك الكثير من الملح وقلة ممارسة الرياضة؛ مما يؤدي إلى زيادة الوزن».
وتابعت «إذا بدأت في إجراء تغييرات صغيرة على نمط حياتك عندما كنت صغيراً، مثل تناول كميات أقل من الملح، والمزيد من الفاكهة والخضراوات، وممارسة المزيد من التمارين للحفاظ على وزن صحي، فمن المرجح أن تظل في صحة جيدة وتتجنب السكتات الدماغية وأمراض القلب والفشل الكلوي المزمن». وأشارت إلى أن «ارتفاع ضغط الدم يقتل آلاف الأشخاص كل عام في المملكة المتحدة ويمكن الوقاية منه بالكامل تقريباً». وختمت «يحتاج الجميع إلى فحص ضغط الدم إما في المنزل أو في الصيدلية. وهذا يمكن أن ينقذ حياتك».



اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».