مريضة تخضع لعلاج السرطان في مستشفى بواشنطن (أرشيف - رويترز)
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
ابتكار أداة ذكاء صناعي يمكنها رصد السرطان بدقة
مريضة تخضع لعلاج السرطان في مستشفى بواشنطن (أرشيف - رويترز)
قام مجموعة من الخبراء بتطوير أداة ذكاء صناعي يمكنها رصد السرطان بدقة، في تطور يقولون إنه يمكن أن يسرِّع من تشخيص المرض وعلاجه.
والسرطان سبب رئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم. ووفقاً لـ«منظمة الصحة العالمية»، فإن حالة وفاة واحدة، من بين كل ست وفيات تحدث في العالم سنوياً، تنتج عن الإصابة به.
ومع ذلك، في كثير من الحالات يمكن علاج المرض إذا جرى اكتشافه مبكراً، وعلاجه بسرعة.
ووفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية، يمكن لأداة الذكاء الصناعي، التي صمَّمها خبراء في صندوق «مؤسسة رويال مارسدن»، و«معهد أبحاث السرطان» في لندن و«إمبريال كوليدج لندن»، تحديد ما إذا كانت الأورام غير الطبيعية الموجودة في الأشعة المقطعية سرطانية أم لا.
ووفقاً للخبراء، تعمل الخوارزمية في الكشف عن السرطان، بشكل أكثر كفاءة وفاعلية من الطرق الحالية.
وقال الدكتور بنجامين هانتر، الذي شارك في تطوير هذه الأداة: «في المستقبل، نأمل أن يؤدي هذا الابتكار إلى تحسين الاكتشاف المبكر للسرطان، وجعل علاجه أكثر نجاحاً».
وأضاف: «يمكن لهذه التقنية استخراج المعلومات الحيوية من الصور الطبية، التي لا يَسهل على العين البشرية رصدها».
واستخدم الفريق الأشعة المقطعية لنحو 500 مريض يعانون من أورام سرطانية في الرئة؛ لتطوير خوارزمية ذكاء صناعي يمكنها رصد المرض بسرعة ودقة.
واستخدمت الدراسة مقياساً يسمّى المنطقة الواقعة تحت المنحنى «AUC»؛ لمعرفة مدى فاعلية النموذج في التنبؤ بالسرطان. ويشير رقم 1 على هذا المقياس إلى مثالية النموذج المستخدَم.
وأظهرت النتائج، التي نُشرت في مجلة «eBioMedicine»، أن نموذج الذكاء الصناعي المبتكَر يمكنه تحديد مخاطر الإصابة بالسرطان بدقة قدرها 0.87 على مقياس «المنطقة الواقعة تحت المنحنى»، في حين أن طرق الكشف التقليدية تتخطى دقة 0.67 على المقياس نفسه.
وشدد الفريق على أن الدراسة لا تزال في مراحلها الأولى، مؤكدين الحاجة إلى مزيد من الاختبارات، قبل أن يجري استخدام الأداة الجديدة في أنظمة الرعاية الصحية ببريطانيا.
رحلة عبر مراحل العمر ومحطات من يوميات أهل المدينة والقرية تصحبنا بها الفنانة التشكيلية هيبت بلعة بواب. في معرضها «التقاليد الخالدة» في غاليري «آرت أون 56» في الجميزة، تترجم تأثّرها بجذورها. تستوقفك شخصيات لوحاتها من جيل الشباب والمتقدمين في العمر. جميعهم كما تذكر هيبت لـ«الشرق الأوسط» يعبّرون عن فكرة واحدة: «الحياة حلوة بس نفهمها».
تُخبر الفنانة التشكيلية في لوحاتها قصصاً تنبثق من قطار العمر. تأخذ على عاتقها جرّ عربات الركاب على سكّة واحدة عنوانها الإيجابية. في غمرة العمر تتوقف الفنانة في مقهى بيروتي، يضم مجموعة من الشباب المبتهجين. وفي لوحة أخرى تأخذنا إلى القرية ضمن صبحية نسائية حيث يرتشفن خلالها القهوة. يمرّ زائر المعرض على مواسم الربيع والصيف في الطبيعة اللبنانية، فتطالعه باقة لوحات تزدحم بالألوان الزاهية، تُلقي على مشاهدها تحيّة مشبّعة بالتفاؤل.
بفن «الكولاج» المشهورة به، تلاقي الفنانة بأحجامِ لوحاتها الفضفاضة مساحة حرة للتعبير. وتقول: «بداية رحت أنفّذ لوحاتي على (كارد بورد) لا يتجاوز طولها متراً وعرضها 70 سنتمتراً. لم أشعر بالاكتفاء للتعبير عن أفكاري. حينها، انتقلت إلى مساحات أوسع، لتستريح عليها شخصياتي بحرّية. فالأمل والتفاؤل لا يمكننا تقييدهما بمساحة صغيرة. ولذلك أحلّق ضمن هذه المساحات الشاسعة أترجم رؤيتي الخاصة للقصة المروية في اللوحة».
تصف هيبت نفسها بـ«الإيجابية»، تكره التشاؤم ولا تلتفت أبداً إلى النواحي السلبية في الحياة. وتتابع: «يأتي الإنسان هدفاً أساسياً في لوحاتي. وأعمل على تطوير شكله الخارجي من عمر إلى آخر. أدخل في أدقّ التفاصيل في أزيائه كما في ملامح وجهه ولغة جسده».
تطبق هيبت قاعدتها الذهبية هذه على جميع لوحاتها. وإذا ما دقّق ناظرها في تفاصيلها فلا بد أن يلفته هذا التناغم في قالب اللوحة ككل. وكما في «حديث جانبي» كذلك في لوحات «الاحتفال» و«لقاء الأحد» و«على رصيف المقهى» وغيرها، تحضر جرعات كبيرة من البهجة. الوجوه كما الثياب والأماكن تتّسم بها.
وفي جميع الحالات لا تستغني عن الأخضر. فتُبرز هذا اللون في خلفية لوحة، أو على نقشة تغطي الأرضية، كما يحضر بشكل لافت من خلال الطبيعة. «انظري هنا إلى بنطال هذا الشاب، تلوّحه ظلال شجرة رسمتها بتأن. وهناك في لوحة (البحث عن السلام) تركت العصافير تنتصر على صراعات القوى العظمى. فكل منهما يشدّ بالحبل من ناحيته. والعصافير الملونة تقطع طريق الحروب ليحلّ السلام».
تهتم هيبت بتأليف قصة كل لوحة. وتعلّق خلال جولتها في المعرض: «تركيبة اللوحة تعني كثيراً لي، وأحياناً أزوّدها بأبعاد مختلفة لتشبه نظرتي المتفائلة للحياة، فتصبح الصورة بشخصياتها الأمامية تتصدر المشهد، في حين زحمة الناس في عمق اللوحة تضع الجميع في فضاء ينبض بالحياة».
تقول هيبت إن شخصيات لوحاتها غير صامتة. فهي تتكلّم عن نفسها إن في التقنية المستخدمة من «كولاج» و«أكليريك» و«سيلك سكرين»، أو في أسلوب حياتها المنعكسة على ملامحها.
ترتكز لوحات هيبت على مراحل محدّدة، تبدأها بتقطيع الورق ومن ثم بتحديد محتواها ولصقها، فتشرّحها بداية لتعود وتعيش حالة ذوبان مع بعضها بعضاً.
يعود تاريخ لوحاتها المعروضة إلى عامين سابقين 2023 و2024، وتعلّق: «إنها نتاج ذكريات أخزّنها في ذهني، نفّذتها على مرحلتين وكان السلام خاتمتها في العام الماضي».
تتميز لوحات الفنانة اللبنانية بانسيابية مكنوناتها وزهوة ألوانها. وفي معرض «بينال» في الصين تصدّرت واحدة من لوحاتها مشهد فن «الكولاج» بين فنون أخرى مشاركة.
تستغرق الدقة في التصميم والتنفيذ الوقت لتولد اللوحات منسجمة مع رؤية صاحبتها. فذكرياتها المزدحمة بين أناملها الرشيقة لا يمكن ترجمتها بين ليلة وضحاها. وتقول: «لا أتقيّد بوقت معين بل أترك لأفكاري الولادات الحرة والمتتالية». في لوحة «حديقة الصنائع» تصوّر كل ما يلفتها في هذه الواحة البيروتية العريقة. «أحياناً أزورها ومرات أتفرّج على زوارها من بعيد عندما أمارس هواية المشي. أتخيل المشهد أمامي وأنا أنفّذ اللوحة. أنقل طبيعتها والناس الجالسين فيها، وبينهم المتقدمون في العمر يتسلّون بورق اللعب».
تتنقل شخصيات لوحات هيبت بين مكان وآخر، كل حسب عمره ومزاجه. فهنا جلسة شبابية لفتيات يتسامرن بشتى الأحاديث. وهناك في ركن آخر مجموعة من الرجال المتقاعدين عن العمل، يجلسون على كراسي خيزران يدخنون السجائر أو يشردون بنظراتهم في الفراغ.
وبين الوديان والجبال تمرّ هيبت على قطيع الغنم، وكذلك على حقول الزيتون لتوقظ بزائرها الحنين إلى الجذور. وتختم لـ«الشرق الأوسط»: «رغبت من خلال هذا المعرض أن أوصل رسالة إيجابية. فلوحاتي تقولها بوضوح: تفاءلوا ولا تفقدوا الأمل. وكلما أظهرتم حبّكم للحياة، قابلتكم بالمثل».