كييف: استهداف مستودع الوقود بالقرم جزء من الاستعداد للهجوم المضاد

الجيش الأوكراني أعلن التصدي لأكثر من 36 هجوماً روسياً على 3 اتجاهات

صورة نشرها حاكم سيفاستوبول على تلغرام للحريق في مستودع الوقود بالمدينة (أ.ف.ب)
صورة نشرها حاكم سيفاستوبول على تلغرام للحريق في مستودع الوقود بالمدينة (أ.ف.ب)
TT

كييف: استهداف مستودع الوقود بالقرم جزء من الاستعداد للهجوم المضاد

صورة نشرها حاكم سيفاستوبول على تلغرام للحريق في مستودع الوقود بالمدينة (أ.ف.ب)
صورة نشرها حاكم سيفاستوبول على تلغرام للحريق في مستودع الوقود بالمدينة (أ.ف.ب)

قالت متحدثة باسم الجيش الأوكراني اليوم الأحد إن تدمير قدرات الإمداد والتموين الروسية يمثل أحد عناصر الاستعداد للهجوم الأوكراني المضاد المتوقع ضد روسيا، وذلك بعد أن دمر حريق مستودع وقود روسيا كبيرا في شبه جزيرة القرم.
وبينما لم تقر كييف صراحة باستهداف منشأة تخزين الوقود في ميناء سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم، قالت القيادة العسكرية الأوكرانية إن «حريقا» دمر عشرة صهاريج نفط بسعة 40 ألف طن تقريبا.
وحمل حاكم مدينة سيفاستوبول،الذي عينته موسكو،أوكرانيا مسؤولية الحريق، وقال لاحقا إن الحريق أُخمد قبل وقوع كارثة.
وقالت السلطات المحلية إن أنظمة الدفاع الجوي صدت هجمات صاروخية في الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين بمنطقة كييف، وذلك بعد إنذارات من أجهزة الطوارئ بشأن غارات جوية في أنحاء أوكرانيا.
وقالت ناتاليا هومينيوك، المتحدثة باسم القيادة الجنوبية لأوكرانيا، إن الحريق سبب قدرا كبيرا من «القلق» في الجيش الروسي. ونقلت وسائل إعلام أوكرانية عن هومينيوك قولها للتلفزيون الوطني اليوم الأحد «قدرات الإمداد والتموين للعدو تتعرض للتدمير... هذا العمل يعد تحضيرا لهجوم كبير واسع النطاق يتوقعه الجميع».
وأضافت «لذلك يشعر العدو أن موارده تدمر وبدأ في المناورة».
وقالت أوكرانيا يوم الجمعة إنها بصدد إنهاء الاستعدادات للهجوم المضاد ضد القوات الروسية لكن المسؤولين لم يحددوا موعدا لذلك.
وقالت كييف إنها تأمل في أن يغير هجومها المضاد المخطط اتجاهات الحرب التي اندلعت إثر غزو روسيا لأوكرانيا قبل 14 شهرا.
ميدانياً، أعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، اليوم الاثنين، أن القوات الأوكرانية تمكنت من صد أكثر من 36 هجوما روسيا في ثلاثة اتجاهات.
وأوضحت الهيئة، أن قوات الجيش الأوكراني تمكنت من صد الهجمات الروسية في اتجاهات باخموت وأفدييفكا ومارينكا، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية «يوكرينفورم».
وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية إنه «خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، صدت قوات الدفاع الأوكرانية أكثر من 36 هجوما للعدو في الاتجاهات المشار إليها، وإن العدو يواصل التركيز على العمليات الهجومية في باخموت ومارينكا».
وأضافت هيئة الأركان أن «روسيا تواصل استخدام تكتيكات الإرهاب. وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، شنت القوات الروسية خمس ضربات صاروخية على مدن مثل كراماتورسك وكوستيانتينيفكا وبافلوهراد، وشنت 27 غارة، كما وردت أنباء عن سقوط ضحايا بين المدنيين»
وأعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، أن القوات الجوية الأوكرانية شنت أربع غارات على مجموعات من الأفراد الروس، وأن الجيش الأوكراني أسقط طائرة مسيرة معادية من طراز «أورلان - 10».
وأضافت أن وحدات الصواريخ والمدفعية الأوكرانية قصفت خمس مجموعات عسكرية روسية ومستودعا للذخيرة، ومجموعتين من مدفعية العدو، ومركزا لوجستيا واحدا.
من ناحية أخرى، قال الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي أمس الأحد إنه تحدث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن حزمة أسلحة جديدة.
وأكد في كلمة الفيديو التي ألقاها مساء أمس للأمة «من المهم للغاية أن تتلقى روسيا إشارات أقوى على أن العالم لن يغفر إرهاب روسيا». وقال إنه يجب على أوكرانيا وشركائها أن يتحركوا بأكبر قدر من الوحدة والعدالة «من أجل حماية قيمنا المشتركة» وتجنب إطالة الحرب.
وأضاف زيلينسكي أن أوكرانيا ستحصل على 1.25 مليار دولار من الولايات المتحدة لدعم ميزانيتها. وتستعد هولندا لتدريب الجنود الأوكرانيين على أنظمة أسلحة حديثة، كما تتولى كرواتيا استقبال جنود مصابين لعلاجهم، في حين أكدت إيطاليا استعدادها للمساعدة في إعادة بناء الأجزاء المتضررة من أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

أوروبا رجال إنقاذ في موقع مبنى سكني ضربته غارة جوية روسية في قرية سفيسا، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا بمنطقة سومي بأوكرانيا في 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها وجّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك بغرب روسيا، حيث أفاد الجيش الأوكراني بتصعيد القتال خلال اﻟ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

ماكرون يدعو أوكرانيا لخوض «محادثات واقعية» لتسوية النزاع مع روسيا

قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن على الأوكرانيين «خوض محادثات واقعية حول الأراضي» لأنهم «الوحيدون القادرون على القيام بذلك» بحثاً عن تسوية النزاع مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا جندي روسي خلال تدريبات عسكرية في الخنادق (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

روسيا تعلن السيطرة على «مركز لوجيستي مهم» في شرق أوكرانيا

سيطرت القوات الروسية على مدينة كوراخوف بشرق أوكرانيا، في تقدّم مهم بعد شهور من المكاسب التي جرى تحقيقها بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟